متمرس.. هل يستطيع بارنييه تخطي الأزمة السياسية في فرنسا؟

بعد انتهاء «الهدنة الأولمبية».. فرنسا غارقة في الاضطرابات السياسية

بسام عباس
ميشيل بارنييه

عيّن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، المفاوض السابق للاتحاد الأوروبي بشأن البريكسيت، ميشيل بارنييه، رئيسًا للوزراء بعد شهرين من الانتخابات التشريعية المبكرة التي أبقت اليمين المتطرف بعيدًا عن السلطة، ولكنها أسفرت عن طريق مسدود سياسي.

وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن بارنييه سياسي متمرس يمكنه العمل عبر الخطوط الحزبية، وأنه دافع عن مواقف الاتحاد الأوروبي في المفاوضات المثيرة للجدل بشأن شروط خروج بريطانيا من الكتلة.

ثقل سياسي

قالت مجلة “وورلد بولتيكس ريفيو” الأمريكية، إن اسم بارنييه لم يظهر إلا في الأيام القليلة الماضية، بعد ما يقرب من شهرين من التكهنات خلال ما أسماه ماكرون “الهدنة الأولمبية” وعدة أسابيع من المفاوضات المطولة منذ نهاية الألعاب الأولمبية في باريس، ولكن في ضوء نتائج الانتخابات، فإنه يشكِّل خيارًا مثاليًّا، وربما يكون الوحيد الذي قد يخرج ماكرون من مأزقه.

وأضافت، في تقرير نشرته الجمعة 6 سبتمبر 2024، أن بارنييه أمضى معظم العقدين الماضيين في بروكسل متقلدًا مناصب مختلفة في الاتحاد الأوروبي، ما سمح له بالاستفادة من صورة رجل تكنوقراطي غير مهتم بالسياسة، ناهيك عن صورة رجل دولة مخضرم، فهو أقدم رئيس وزراء في فرنسا الحديثة، كما أنه سياسي مخضرم، وليس غريبًا على السياسة الفرنسية.

وأوضحت أن الجمع بين الاثنين يعني أنه من المرجح أن يتمتع بالذكاء اللازم للتنقل في مشهد سياسي من المؤكد أنه سيكون مثيرًا للجدل في الأشهر المقبلة مع دخول فرنسا في مفاوضات الميزانية، وهي المهمة التي ستكون تجربة بارنييه الأخيرة بصفته كبير المفاوضين في الاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مفيدة لها.

كسر الجمود

ذكرت المجلة أن بارنييه عزز بشكل كبير بعض مواقفه السياسية عندما سعى للحصول على ترشيح حزب الجمهوريين في عام 2022، وخاصة فيما يتعلق بالهجرة والسيادة الوطنية، ما يعني أن التجمع الوطني يجب أن يجده مقبولًا، لأن حزب للأحرار من المقرر أن تحاول الجبهة الشعبية الجديدة الإطاحة بحكومة بارنييه، لكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بدون أصوات التجمع الوطني.

ولكن حتى لو تمكن بارنييه من كسر الجمود الذي أعقب الانتخابات، فلن يحل الأزمة السياسية الأوسع التي يعيشها ماكرون وفرنسا، بل قد يزيدها سوءًا، فقد راهن ماكرون على إرثه السياسي بالكامل باعتباره الحاجز الوحيد الذي يمنع اليمين المتطرف من الوصول إلى السلطة، ودعا إلى الانتخابات الأخيرة على رهان مفاده أن الناخبين سوف يتظاهرون.

وأوضحت أن ماكرون اختار رئيس وزراء قد يسترضي اليمين المتطرف، ويجعل نفسه في الأساس مدينًا لخصمه الرئيس ويقوض الوعود الأساسية التي قطعها لأنصاره، وهذا لا يضعف موقفه السياسي فحسب، بل سيجعل من العسير على أعضاء يمين الوسط في ائتلافه الوسطي، تقديم قضية موثوقة لتمييز أنفسهم عن اليمين المتطرف.

اضطرابات سياسية

قالت المجلة إن الأزمة السياسية التي أثارها ماكرون لم تُحَل بعد، فالجبهة الشعبية الجديدة دعت لمظاهرات هذا الأسبوع للاحتجاج على رفض ماكرون تسمية رئيس وزراء من صفوفها، ورغم أن الجبهة أشارت إلى انفتاحها على بارنييه، إلا أنها اشترطت دعمها له بتغيير القوانين الانتخابية للسماح بتمثيل أكثر تناسبية، وكذلك إجراء انتخابات تشريعية جديدة في يوليو المقبل.

وأضافت المجلة الأمريكية أن فرنسا لا تزال غارقة في الاضطرابات السياسية، ومع انتهاء دورة الألعاب البارالمبية هذا الأسبوع، فإن الحمى الأولمبية التي صرفت انتباه الفرنسيين عن هذه الحقيقة سوف تصبح قريبًا مجرد ذكرى بعيدة.

ربما يعجبك أيضا