«ألكسندر دي مورايس».. قاضي برازيلي وقف في وجه ماسك

صراع «إكس».. بين حماية المؤسسات وحقوق التعبير في البرازيل

بسام عباس
ألكسندر دي مورايس ضد أيلون ماسك

“في مطلع القرن، لم تكن هناك وسائل تواصل اجتماعي.. كنا سعداء ولم نكن نعرف ذلك”، بهذه الكلمات وصف قاضي المحكمة العليا في البرازيل، ألكسندر دي مورايس، واحدة من أكبر معضلات عصر الإنترنت، في كلمة له أمام أعضاء مجلس الشيوخ في برازيليا في وقت سابق من هذا العام.

وكأنه يأمل في استعادة قدر ضئيل من تلك البراءة المفقودة، حظر القاضي البرازيلي الأسبوع الماضي موقع “إكس” في أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، بعد أن رفضت المنصة المملوكة لإيلون ماسك حظر الحسابات المشتبه في نشرها لرسائل الكراهية أو التضليل.

حظر إكس

أوضحت صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية أن هذا الحكم، الذي يؤثر على ما يقرب من 20 مليون مستخدم برازيلي للموقع، دفع مورايس إلى خضم نقاش عالمي حول حرية التعبير وكيفية تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي، ففي حين أصبح بالنسبة لمؤيديه بطلًا حمى الديمقراطية ضد طوفان من الأخبار المزيفة، كان لمنتقديه، مذنبًا يستهدف المحافظين بشكل غير عادل.

وأضافت الصحيفة في تقرير نشرته السبت 7 سبتمبر 2024، أن مورايس أصدر مرسومًا بحظر “إكس” بعد فشلها في الالتزام بالموعد النهائي الذي حدده لتعيين ممثل قانوني جديد، وجاء ذلك بعد تصعيد الانتقام مع “ماسك” بشأن أوامر الإزالة، وصف رجل الأعمال التكنولوجي القاضي بأنه “ديكتاتور”، ما يعكس حركة اليمين في البرازيل.

وقال قاضي المحكمة العليا السابق، ماركو أوريليو ميلو، لشبكة “سي إن إن البرازيل”: “لقد كان عملاً متطرفًا أثر على حياة العديد من المواطنين، إنه ليس تقدمًا ثقافيًا، بل انتكاسة، حتى إن بعض الذين دعموا ذات يوم موقف القاضي المتشدد يتساءلون الآن عما إذا كان قد تجاوز حدوده”.

مواجهة العواصف

قالت الصحيفة إن مورايس لم يتردد أبدًا في مواجهة العواصف السياسية، ففي الماضي، انخرط في مواجهات ساخنة مع الرئيس اليميني المتطرف السابق، جايير بولسونارو، وقاد حملة صارمة مثيرة للجدل ضد المعلومات المضللة عبر الإنترنت، وأصدر حظرًا لحسابات وسائل التواصل الاجتماعي وفرض غرامات على المنصات.

وأضافت أن القاضي مورايس، المثير للانقسام والملقب بـ”بيج أليكس”، أحد أكثر الأشخاص نفوذًا في البرازيل، وقد نال الثناء من خصوم بولسونارو لمواجهته الزعيم الشعبوي، لكن بالنسبة لمناصري بولسونارو فإن مورايس هو لعنة، مشيرة إلى أنه أصبح مثيرًا للانتقادات بأن المحكمة العليا في البرازيل تتجاوز حدودها الدستورية.

وأفادت بأن مورايس محبوب لدى البعض، رغم أن الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أيد حكمه ضد “إكس”، وقال أحد الأشخاص الذين عملوا مع المحكمة: “لقد كان دائمًا محافظًا، منذ أيامه كطالب جامعي، ومحاولة اليمين المتطرف الآن وصفه بأنه يساري أمر مثير للسخرية”.

نقطة تحول

ذكرت الصحيفة أن مورايس ولد ونشأ في مدينة ساو باولو، ودرس في الجامعة العامة بالولاية، وشغل مناصب سياسية في حكومات الولايات والبلديات قبل أن يصبح وزيرًا للعدل في عهد الرئيس اليميني الوسطي، ميشال تامر، الذي عينه في المحكمة العليا في عام 2017، رغم انتقادات حزب العمال، بقيادة لولا، لهذا الترشيح.

وتقدم هوايات القاضي لمحة عن نفسيته، فهو من أنصار نادي كورينثيانز لكرة القدم، الذي يستمتع مشجعوه بسمعته “المجنونة”، كما يمارس فنون القتال التايلاندية “موي تاي”، وفي مقابلة إعلامية نادرة مع صحيفة لوموند الفرنسية، كشف عن شغفه بسير القادة التاريخيين البارزين مثل ونستون تشرشل ويوليوس قيصر والإسكندر الأكبر.

وجاءت نقطة تحول في مسار مورايس المهني خلال جائحة كوفيد-19، عندما تحدت المحكمة العليا سياسات الحكومة، لقد أدت هجمات بولسونارو على المؤسسة إلى معركة سلطات مع مورايس، وفي خلاف آخر، مع بولسونارو، منعته محكمة انتخابية يرأسها مورايس من الترشح للمنصب حتى 2030، ونفى بولسونارو ارتكاب أي مخالفات.

صراع الأنا

أشارت الصحيفة إلى أن إلى أن خبرة مورايس كمدعٍ عام شكلت نهجه القتالي ضد التهديدات المزعومة للمؤسسات الديمقراطية، وبالنسبة لحلفاء مورايس، ظهرت هذه المخاطر في 8 يناير 2023، عندما حطم أنصار بولسونارو المتطرفين المباني الحكومية بما في ذلك المحكمة العليا، ودعوا إلى انقلاب عسكري ضد لولا.

وأدان بعض خبراء القانون قرار مورايس بتجميد الحسابات المصرفية البرازيلية لشركة ستارلينك التابعة لأيلون ماسك وإصدار غرامة يومية قدرها 8900 دولار لأي شخص يستخدم شبكة خاصة افتراضية (VPN) للتحايل على حظر “إكس”، ووجد استطلاع أجرته شركة “أطلس انتل” أن ما يقرب من 51% من المستجيبين لا يتفقون مع حظر “إكس”، مقابل نحو 48% لصالحه.

وأوضحت الصحيفة أنه في صراع الأنا بين ملياردير في مجال التكنولوجيا وقاض برازيلي صارم، من الصعب أن نتصور أن أيًا منهما قد يتنازل عن أرض كبيرة، لكن أستاذ دراسات الإعلام في جامعة فيرجينيا، ديفيد نيمر، قال إن مورايس أرسل رسالة قوية في تحديه لماسك، مفادها “أن البرازيل كشفت أنه قابل للهزيمة”.

ربما يعجبك أيضا