مسؤولو الاستخبارات الغربية: الصين التحدي الأكبر

محمد النحاس
مسؤولي-الاستخبارات-الغربية

نشرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، مقال مشترك لمسؤولي جهازي الاستخبارات الخارجية في الولايات المتحدة وبريطانيا حول المشهد الجيوسياسي العالمي والتحديات المشتركة.

واستعرض رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، بيل بيرنز، ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية، ريتشارد مور (MI6)، أهمية التحالف الاستخباراتي بين البلدين، مؤكدين على دوره الحيوي في مواجهة التحديات الراهنة، خاصة في ظل التغيرات التكنولوجية المتسارعة التي تعيد تشكيل عالم الاستخبارات.

تعاون تاريخي

بدأ المقال بالإشارة إلى التاريخ الطويل للعلاقة بين جهازي الاستخبارات، التي تعود جذورها إلى عام 1909 مع تأسيس الجهاز البريطاني، إذ أن التعاون يمتد لأكثر من قرن.

وعلى مر السنين، تطورت هذه الشراكة من العمل المشترك خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، مرورًا بالحرب الباردة، وصولًا إلى التعاون في مكافحة الإرهاب الدولي. واليوم، يواجه الجهازان مشهدًا دوليًا أكثر تعقيدًا يتطلب تضافر الجهود لمواجهة مجموعة غير مسبوقة من التهديدات، وفق المقال المنشور في 7 سبتمبر 2024.

الحرب الروسية الأوكرانية

في مقدمة تلك التهديدات، ركّز المقال على الحرب الروسية الأوكرانية، حيث كشف بيرنز ومور كيف كانت أجهزة الاستخبارات الغربية على دراية مسبقة بـ”بنيات روسيا العدوانية” على حد وصف الكاتبان.

وقد استخدموا هذه المعرفة لتحذير المجتمع الدولي بشكل استباقي، مما سمح بحشد الدعم لأوكرانيا، ومن خلال تسريب بعض المعلومات الاستخباراتية الحساسة بعناية، تمكّنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من لعب دور محوري في تعزيز الدفاعات الأوكرانية.

واستعرض الكاتبان الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا في هذا النزاع، حيث أشارا إلى أن الحرب في أوكرانيا تمثل أول صراع من نوعه يجمع بين التكنولوجيا مفتوحة المصدر، والتقنيات العسكرية المتقدمة، مثل صور الأقمار الصناعية، والطائرات المسيّرة، وعمليات الحرب السيبرانية.

أنشطة تخريبية

أوضح كاتبا المقال كيف أن هذه الأدوات، إلى جانب شجاعة الجنود التقليدية، أحدثت فرقًا كبيرًا في مسار الحرب، مشددين على أهمية الابتكار والتجريب المستمر في هذه المجالات للحفاظ على التفوق الاستخباراتي والعسكري.

كما نوّه المقال إلى الجهود المشتركة التي تبذلها أجهزة الاستخبارات البريطانية والأمريكية لوقف الأنشطة التي وصفها المقال بأنها  “تخريبية” لروسيا في أوروبا، مشيرين إلى الحملات التي تقودها موسكو لنشر “المعلومات المضللة، بهدف زعزعة استقرار الديمقراطيات الغربية وإثارة الشكوك بين الحلفاء”.

الصين التحدي الأكبر

روسيا ليست التحدي الوحيد الذي يواجهه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فقد وصف بيرنز ومور صعود الصين بأنه “التحدي الاستخباراتي والجيوسياسي الأكبر” في القرن الـ21.

وأكدا على أن كلا الجهازين أعادا تنظيم صفوفهما للتعامل مع هذا الخطر المتزايد، مع التركيز على مراقبة التوسع الصيني في مجالات التكنولوجيا، الاقتصاد، والأمن السيبراني.

تهديدات الإرهاب

على الرغم من التركيز الكبير على التهديدات الروسية والصينية، لم يغفل المقال عن قضية الإرهاب الدولي.

وأكد الكاتبان أن مكافحة الإرهاب ما زالت جزءًا أساسيًا من التعاون بين الـCIA والـMI6، حيث يعمل الجانبان بشكل وثيق على تفكيك الشبكات الإرهابية، لاسيما تهديد تنظيم “داعش” الإرهابي والذي عاود الظهور في بعض الأماكن.

الشرق الأوسط

فيما يتعلق بالشرق الأوسط، أوضح المقال الجهود التي تبذلها الاستخبارات الأمريكية والبريطانية لتحقيق تهدئة في قطاع غزة.

وأشار إلى أن هذه الجهود تشمل السعي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس.

وأشاد بيرنز بدور مصر وقطر في تسهيل هذه الجهود، كما عرج على دوره الشخصي في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية.

التفوق التقني

ركز بيرنز ومور كذلك على أهمية الحفاظ على التفوق التكنولوجي، حيث أشارا إلى أن أجهزة الاستخبارات لا يمكنها العمل بمفردها في هذا المجال.

وأصبحت الشراكات مع القطاع الخاص أمرًا حيويًا، إذ يجري التعاون مع شركات التكنولوجيا الكبرى لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية التي تمكن المحللين من معالجة البيانات الضخمة وتحديد المعلومات الأكثر أهمية.

الذكاء الاصطناعي

وأكد الكاتبان أن الذكاء الاصطناعي بات أداة لا غنى عنها في العمليات الاستخباراتية، مشيرين إلى استخدامه في تحليل البيانات، وتلخيص المعلومات، وحتى حماية العمليات السرية.

ومع ذلك، يظل العنصر البشري في قلب هذه العملية، حيث أشادا بالتفاني والولاء الذي يظهره رجال ونساء الاستخبارات في خدمة بلديهم.

شراكة حيوية

ختامًا، أشار المقال إلى أن التحديات التي يواجهها العالم اليوم تعيد تشكيل النظام الدولي الذي حافظ على الاستقرار منذ الحرب الباردة.

لذلك، يخلص الكاتبان أن الشراكة الاستخباراتية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تظل حاسمة في مواجهة هذه التحديات، معتمدة على الثقة المتبادلة، والصداقة، والالتزام المشترك بالسلام والأمن العالميين.

ربما يعجبك أيضا