ترامب وهاريس.. من المنتصر في المناظرة الرئاسية؟

إسراء عبدالمطلب
مناظرة هاريس وترامب

اعتبر ترامب خلال المناظرة أن "إسرائيل ستزول" إذا ما أصبحت هاريس رئيسة للولايات المتحدة.


انتهت المواجهة التي طال انتظارها للانتخابات الأمريكية بين المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، وخصمها الجمهوري، دونالد ترامب.

وعُقدت المناظرة الوحيدة المقررة بين المرشحين اليوم الأربعاء 11 سبتمبر 2024، بتوقيت الشرق الأوسط، في ولاية بنسلفانيا التي تُعد حاسمة في الانتخابات المزمع إجراؤها في 5 نوفمبر المقبل، وجرى اللقاء بحسب القواعد المتفق عليها، حيث استمرت لمدة 90 دقيقة تخللتها مباراة سياسية حادة.

مناظرة هاريس وترامب

مناظرة هاريس وترامب

هجوم هاريس على ترامب

حسب شبكة “سي إن إن”، اتّهمت كامالا هاريس خلال المناظرة الرئيس السابق دونالد ترامب بأنه “أضحوكة” في الساحة الدولية، وقابلة للتلاعب بسهولة من قبل بعض أسوأ قادة العالم، وأوضحت هاريس: “لقد سافرتُ حول العالم بصفتي نائبة رئيس الولايات المتحدة، وزعماء العالم يسخرون من دونالد ترامب. لقد تحدثتُ مع قادة عسكريين عمل بعضهم معك، وقالوا إنّك عار”.

وأضافت أن “الديكتاتوريين والمستبدين يشجعونك على أن تكون رئيسًا مرة أخرى لأنهم واضحون للغاية – يمكنهم التلاعب بك بالإطراء والمحاباة، ولهذا السبب أخبرني العديد من القادة العسكريين الذين عملتَ معهم أنك عار”.

رد ترامب على هاريس

من جهته، اعتبر ترامب خلال المناظرة أن “إسرائيل ستزول” إذا ما أصبحت هاريس رئيسة للولايات المتحدة، وقال ترامب إن هاريس “تكره إسرائيل، وإذا أصبحت رئيسة، أعتقد أنّ إسرائيل لن تكون موجودة في غضون عامين… إسرائيل ستزول”، وردت هاريس على هذا الاتهام بالقول إنّه “غير صحيح على الإطلاق”، مذكّرة بأنها دعمت تل أبيب طوال حياتها ومسيرتها المهنية.

وذكرت هاريس ترامب خلال المناظرة عبر شبكة “إيه بي سي” بأنّه يخوض الانتخابات ضدها وليس ضد الرئيس جو بايدن، وقالت مخاطبة ترامب: “من المهم تذكير الرئيس السابق: أنت لا تخوض الانتخابات ضد جو بايدن، أنت تخوضها ضدي”، وذلك بعد أن هاجم ترامب الرئيس المنتهية ولايته الذي انسحب من السباق الرئاسي في يوليو ورشح هاريس مكانه.

تقييم أداء المرشحين

أفاد مراقبون عقب انتهاء المناظرة بأن هاريس قدمت أداءً فاق التوقعات، وبدت أكثر ثقة في نفسها، مما يظهر قدرتها على أن تكون أول رئيسة للولايات المتحدة. واستفادت هاريس من لغة الجسد وفترات صمتها أثناء الاستماع لكلمات منافسها ترامب.

وبالمقابل، شنّ ترامب خلال المناظرة هجومًا شرسًا على المهاجرين، مكرّراً اتهامات وصفها البعض بأنها “كاذبة” بأنّ الوافدين الجدد من هايتي إلى ولاية أوهايو الأمريكية “يأكلون قطط” السكان، مضيفًا: “في سبرينجفيلد، (المهاجرون) يأكلون الكلاب – الأشخاص الذين جاؤوا – يأكلون القطط، يأكلون الحيوانات الأليفة للأشخاص الذين يعيشون هناك، هذا ما يحدث في بلدنا”، رغم أن رئيس بلدية مدينة سبرينجفيلد أكد أن هذه القصة لا أساس لها من الصحة.

مقارنة مع بايدن

ذكرت هاريس أنها كرّست صورة مغايرة عن بايدن، الذي فشل في الهجوم على ترامب خلال مناظرتهما، مما كان سببًا رئيسيًا في انسحابه لاحقًا من السباق الرئاسي. واتّهمت هاريس ترامب بالسعي “لقسمة” البلاد من خلال تأجيج التوترات العرقية، قائلةً: “أعتقد أنّها لمأساة أن يكون لدينا شخص يريد أن يصبح رئيساً حاول باستمرار، طوال حياته المهنية، استخدام العرق لقسمة الشعب الأمريكي”.

وفي كلمتها الختامية، قالت هاريس إن خطتها تركز على المستقبل بينما ترامب ينظر إلى الماضي، وهو ما نجحت في إظهاره خلال المناظرة التاريخية، وبعد انتهاء المناظرة، أعلنت المغنية تايلور سويفت تأييدها لهاريس عبر منشور على إنستغرام، مؤكدةً أنها ستصوت لنائبة الرئيس في الانتخابات المقبلة، وتظهر استطلاعات الرأي أن المنافسة ستكون محتدمة للغاية.

نهج هاريس القوي

وضعت هاريس منافسها ترامب في موقف دفاعي من خلال سلسلة من الهجمات المتعلقة بالإجهاض ومدى ملاءمته للمنصب ومشاكله القانونية العديدة، بدا أن هاريس (59 عامًا)، المدعية العامة السابقة، أزعجت ترامب (78 عامًا) مرارًا، مما دفع الرئيس السابق الذي بدا عليه الغضب بوضوح إلى تقديم سلسلة من الردود “المليئة بالأكاذيب”، وفي مرحلة ما، تطرقت هاريس إلى التجمعات الانتخابية لترامب، واستفزته بقولها إن الناس غالبًا ما يغادرون مبكرًا “بسبب الإرهاق والملل”.

ورد ترامب، الذي شعر بالإحباط من حجم حشود هاريس، قائلاً: “حشودنا هي الأكبر والأكثر روعة في تاريخ السياسة”، ثم تحول إلى ادعاء غير مؤكد أن المهاجرين من هايتي في سبرينجفيلد بولاية أوهايو “يأكلون الحيوانات الأليفة” للسكان.

وتناول المرشحان قضايا مثل الهجرة، السياسة الخارجية، والرعاية الصحية، ولكن المناظرة لم تتضمن الكثير من التفاصيل السياسية المحددة. رغم ذلك، نجح نهج هاريس القوي في توجيه التركيز إلى ترامب، مما جعل حلفاء هاريس يشعرون بالابتهاج، واعترف بعض الجمهوريين بالتحديات التي يواجهها ترامب.

تحليل المناظرة

من جانبه، قال رئيس تحرير “الأهرام ويكلي” والمتخصص في الشأن الأمريكي، الكاتب الصحفي عزت إبراهيم، إن الرئيس السابق دونالد ترامب ارتكب جميع الأفعال التي كانت حملة المرشح الجمهوري تخشى منها، بينما التزمت كامالا هاريس بكل ما أرادته حملة المرشحة الديمقراطية في تلك الليلة.

وأضاف إبراهيم في منشور على صفحته الشخصية في موقع “فيس بوك”، أن هاريس نجحت إلى حد كبير في توصيل رسالة الوحدة التي كانت تهدف إلى جذب الناخبين من الأقليات العرقية والدينية ونسبة كبيرة من المهاجرين الجدد، بينما ركز ترامب على الكتلة الصلبة من مؤيديه في اليمين أو التيار المحافظ، مُهاجمًا المهاجرين غير الشرعيين باعتبارهم خطرًا على مستقبل البلاد.

فرق الاستراتيجيات بين هاريس وترامب

قال إبراهيم أن برنامج هاريس الاقتصادي وتعاملها مع قضية المناخ كانا أكثر جدية، في حين تحدث ترامب عن أداء اقتصادي سيء في عهد بايدن دون تقديم شروحات كافية حول نتائج هذا الأداء. كما هاجم ترامب برنامج الرعاية الصحية الذي يطبقه بايدن، قائلًا إنه سيقدم بديلًا، ولكنه لم يوضح ماهية هذا البديل، مما يفقده الكثير من الدعم خاصة في أوساط الناخبين المستقلين.

وأشار إلى أن ترامب وقع في تناقضات واضحة، حيث دعا إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا بسبب تكلفتها العالية وخسائرها، بينما لا يمانع في استمرار دعم إسرائيل في حربها على غزة رغم إنفاق 100 مليار دولار على تسليح إسرائيل خلال العام الماضي من أموال دافعي الضرائب. وفي الوقت نفسه، غازل ترامب القاعدة الجمهورية المحافظة في دعمها لإسرائيل، بينما تعاملت هاريس بحذر ودقة لمواجهة انقسام الحزب الديمقراطي بين مؤيدين لإسرائيل ومعارضين لاستمرار الحرب، بما في ذلك كتلة تصويتية مهمة في ولاية متأرجحة مثل ميشيجان.

الارتجال في مواجهة الأفكار المتماسكة

أضاف إبراهيم أن ترامب اعتمد على الارتجال والهجوم الشخصي على هاريس، رغم اعتراض مديري حملته، بينما بدت هاريس ملتزمة بتعليمات مديرو حملتها بالابتعاد عن التراشق الشخصي والتركيز على الأفكار. قبيل الانتخابات، قال 28% من الناخبين المحتملين إنهم بحاجة إلى معرفة المزيد عن هاريس، بينما قال 9% فقط نفس الشيء عن ترامب، وهو ما أدارت حملة هاريس بشكل أكثر وعيًا، ويعتقد أن ثلاث حملات ديمقراطية سابقة قد شكلت ترامب ليصبح مرشحًا عنيدًا وصلبًا في تمسكه بآرائه، معتقدًا أن فوزه في 2016 يمكن تكراره بسهولة هذه المرة ضد مرشحة “ملونة” وليست “بيضاء”، مما يقلل من استجابته للتعامل بجدية مع تصريحاته.

واختتم إبراهيم قائلًا: “ما زال من المبكر الحديث عن تفوق مرشح على الآخر، حيث أن حسابات ولايات المعركة الحاسمة، التي تقارب سبع ولايات معقدة ودقيقة، ووفقًا لاستطلاعات الرأي الفورية ما زال الناخبون ينتظرون المزيد من التوضيحات حول البرامج التفصيلية للمرشحين في مجالات الاقتصاد والرعاية الصحية، خاصة بين الناخبين المستقلين والمترددين. كما بدت السياسة الخارجية غير مؤثرة في الفترة المتبقية حتى يوم الانتخابات في 5 نوفمبر المقبل”.

ربما يعجبك أيضا