لماذا يسعى المستشار الألماني إلى تحقيق السلام في أوكرانيا؟

شولتز يسعى لملء الفراغ الدبلوماسي الدولي بتحقيق السلام في أوكرانيا

بسام عباس
المستشار الألماني أولاف شولتز

في مقابلة مع التلفزيون الألماني في 7 سبتمبر، دعا المستشار الألماني أولاف شولتز إلى الدفع نحو حل دبلوماسي للحرب في أوكرانيا، قائلًا: “الآن هو الوقت المناسب للوصول إلى السلام من حالة الحرب هذه”.

وأضاف أنه يجب تنظيم “مؤتمر سلام جديد”، ويجب أن تكون روسيا حاضرة فيه هذه المرة كأحد الأطراف المتحاربة، مؤكدًا أن الفكرة تحظى بدعم الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي.

دعم أوكرانيا

قالت مجلة “ريسبونسبل ستيت كرافت” إن تصريحات شولتز تشير إلى تحول كبير محتمل في موقف ألمانيا، الذي كان حتى الآن متوافقًا مع بقية دول حلف الناتو والاتحاد الأوروبي بشأن الحاجة إلى دعم أوكرانيا حتى تحقيق نصرها الكامل وهزيمة روسيا، مهما كان تعريف كل منهما غامضًا أو طموحًا.

وأضافت، في تقرير نشرته الخميس 12 سبتمبر 2024، أن الاختلاف الواضح الوحيد جاء من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي أطلق “مهمة السلام” الخاصة به في بداية رئاسة المجر الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي في يوليو 2024، وقد أخذته تلك المهمة إلى كييف وموسكو وبكين وواشنطن.

ولكن أوربان تعرض للتهميش من جانب نظرائه في المجلس ومؤسسة بروكسل، الذين اتهموه بالتقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل كانت هناك دعوات لفرض عقوبات، مثل مقاطعة اجتماعات الكتلة في ظل الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي التي تتولى بودابست رئاستها.

ملء الفراغ الدبلوماسي

أوضحت المجلة أن باحثين من مؤسسة “فريدريش إيبرت” أعربوا عن أسفهم لـ”الفراغ الدبلوماسي الدولي” الذي مكن أوربان من لعب دور صانع السلام، مشيرةً إلى أن شولتز سيكون الأقدر على ملء هذا الفراغ. فمن ناحية، لا تزال ألمانيا القوة الاقتصادية الكبرى في الاتحاد الأوروبي، ولا يمكن لأي جهد أوروبي جاد أن يزدهر دون مشاركة ألمانيا.

وأضافت أن شولتز هو تجسيد حقيقي للإجماع الوسطي الذي حكم أوروبا الغربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وبصرف النظر عن زملائه الديمقراطيين الاجتماعيين من يسار الوسط، فإنه يشمل الديمقراطيين المسيحيين من يمين الوسط والليبراليين الوسطيين، لافتةً إلى أن شولتز يتمتع بنفوذ سياسي أكبر بكثير في متابعة الدبلوماسية مقارنة بأوربان أو أي زعيم أوروبي آخر.

عقبات هائلة

قالت المجلة إن السياق السياسي قد يكون مواتيًا لطرح شولتز باعتباره “مستشارًا للسلام” في انتخابات العام المقبل، ولكن إذا كان جادًا في عدم الاكتفاء بالحديث بل في تنفيذ ما يقوله أيضًا، فإنه يواجه تحديات هائلة، ورغم أن بوتن نفسه ربما انفتح على فكرة المحادثات، فإن روسيا، التي أحرزت تقدمًا على الجبهة الشرقية في الأشهر الأخيرة، قد تدفع باتجاه الاستيلاء على أراض إضافية في أوكرانيا من أجل تعزيز قوتها التفاوضية قبل المفاوضات المحتملة.

وأضافت أن استهداف البنية الأساسية المدنية الحيوية في أوكرانيا، وخاصة في فصل الشتاء، سيُعَد بمثابة ذريعة ضد أي خطط سلام قد يتصورها شولتز، بالإضافة إلى مستقبله السياسي، إذا استمر حزبه في خسارة الانتخابات المحلية، فقد يكون استبداله كمرشح للحزب الديمقراطي الاجتماعي في انتخابات العام المقبل أمرًا محتملًا.

ورغم هذه العقبات الهائلة، يظل إنهاء القتال ومنع التصعيد الكارثي المحتمل الهدف الحيوي الرئيس، وهو أمر يبدو أن الجمهور الألماني يدركه تمام الإدراك، ويتعيّن على الزعماء مثل شولتز، أو خليفته المحتمل، أن يرتقوا إلى مستوى الحدث ويقودوا بلادهم، وأوروبا، نحو السلام.

ربما يعجبك أيضا