«ثنائية قطبية تسود آسيا».. تأثير القوة الأمريكية والصينية

«التحالفات الأمريكية».. إنجازات وتحديات في مواجهة الصين

شروق صبري
الحرب بيم أمريكا والصين

مع تزايد تعقيد التحالفات الأمريكية، وتفوق الصين في النفوذ الاقتصادي، باتت آسيا ثنائية القطب بين الولايات المتحدة والصين.


تدور النقاشات بشأن توازن القوى في آسيا حول 3 آراء رئيسة، يرى بعض المحللين، بنبرة تشاؤمية، أن الصين أصبحت القوة المهيمنة في المنطقة بشكل لا يمكن المساس به.

بينما يرى آخرون، أن الصين ضعيفة وقابلة للاحتواء، أما الرأي الثالث، والذي يتبناه حلفاء الولايات المتحدة مثل أستراليا واليابان، فيتوقع ظهور منطقة هندية-باسيفيكية متعددة الأقطاب قد تقيّد طموحات الصين في الهيمنة الإقليمية.

الثنائية القطبية الفريدة

وفق ما نشرت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، اليوم الجمعة 13 سبتمبر 2024، فإن الفهم الدقيق لتوازن القوى في آسيا ضروري لوضع استراتيجية أمريكية فعّالة تجاه الصين، لكن أي من هذه الروايات السائدة لا تعكس الوضع بدقة.

اليوم، آسيا تتسم بالثنائية القطبية الفريدة، حيث تهيمن القوتان العظميان الوحيدتان في العالم “الولايات المتحدة والصين”، البلدان في آسيا تتوازن بشكل رئيس بين هذين العملاقين، مما يجعل السياسات القوية في آسيا أكثر استقرارًا مقارنة ببقية المناطق.

مؤشر القوة الآسيوية

للحصول على رؤية شاملة ودقيقة لتوزيع القوة في آسيا، أنشأ معهد لوي للسياسة الدولية مؤشر القوة الآسيوية، يتجاوز هذا المؤشر مقاييس الحجم الاقتصادي التقليدية ليشمل القدرات العسكرية، والمرونة الوطنية، والتوزيع المستقبلي للموارد السكانية والاقتصادية.

فضلًا عن 4 أبعاد للتأثير الإقليمي: العلاقات الاقتصادية، التأثير الثقافي، الشبكات الدفاعية والدبلوماسية.

ثنائية دائمة

ما يكشفه المؤشر هو “ثنائية دائمة” الولايات المتحدة فقدت الهيمنة في آسيا لكنها لا تزال أقوى بحوالي 10% من الصين، فرضيات العلماء تشير إلى أن انتقال القوة يحدث عندما يقترب قوة صاعدة من تحقيق 80% من قوة القوة القائمة.

بحلول 2018، كانت الصين قد تجاوزت هذا العتبة. لكن الديناميكية الحالية هي ديناميكية قوتين ستواصلان التعايش كمنافسين أقران، باستخدام وسائل تأثير مختلفة: الولايات المتحدة تستخدم بشكل رئيس الشراكات الأمنية، بينما تعتمد الصين على العلاقات الاقتصادية.

تحديات التحالفات الأمريكية

تثبت الثنائية القطبية استقرار آسيا في الوقت الراهن وتمكن الولايات المتحدة من حماية مصالحها الإقليمية الحيوية، ومنع ظهور قوة مهيمنة قد تهدد السلام، وحماية الفوائد الاقتصادية التي تستمدها واشنطن من التجارة والاستثمار في المنطقة.

ولضمان استمرارية هذا الوضع المناسب، يجب على الولايات المتحدة أن تتعامل مع نقاط قوة وضعف قوتها، بدلًا من المبالغة في تقدير مزايا تحالفاتها الإقليمية، وأن تعزز من جاذبيتها للدول غير المتحالفة، التي لا تزال الأغلبية في آسيا.

وهم التعددية

رغم أن هناك أمل في أن تلعب الهند واليابان دورًا مهمًا في تحقيق تعددية حقيقية في المنطقة، إلا أن مؤشر القوة يكشف أن كل من هذين البلدين يمتلكان أقل من ثلث القدرة الاقتصادية للصين، وهو مقياس يأخذ بعين الاعتبار حجم اقتصادهما وتطور التكنولوجيا.

تمتلك الهند والصين أكبر جيوش في العالم من حيث عدد الأفراد، لكن قدرة الهند على فرض نفوذها شرق مضيق ملقا محدودة، لا تستطيع جيوش الهند واليابان أن تضاهي قدرة جيش التحرير الشعبي الصيني أو وتيرة بناء قواته البحرية الحديثة.

يمكن لكل من نيودلهي وطوكيو أن تنافس بكين من حيث التأثير الثقافي والدبلوماسي في آسيا، لكن عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الاقتصادية والتجارة، والاستثمار، والتمويل التنموي فإن تأثير اليابان هو 40% فقط من تأثير الصين في المنطقة، انخفاضًا من 60% في 2018، والهند لا تمتلك سوى 15%.

قوة التحالفات الأمريكية

على مدار العقد الماضي، تبنت الحكومات حول العالم فكرة أن آسيا يجب أن تُفهم كمنطقة ذات محيطين، “الهند-باسيفيكي”، مما أثار آمالاً في أن تلعب الهند وأستراليا واليابان أدوارًا حاسمة في منع الصين من إقامة نظام ما بعد أمريكي.

ولكن لا توجد قوى كبرى في المنطقة قادرة على مواجهة الصين في غياب الولايات المتحدة كضامن أمني، بدون الولايات المتحدة كقوة موازنة، ستكون شرق آسيا مهيمنة تمامًا من قبل الصين.

التحالفات والشراكات الجديدة

قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في عام 2021، فإن “شبكة التحالفات والشراكات الجديدة” تمكّن حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين، أستراليا واليابان والفلبين وكوريا الجنوبية وتايلاند، وشركاء آخرين مثل الهند من المساهمة أكثر في أمن المنطقة والتصدي للصين.

ورغم أن حلفاء واشنطن في آسيا، باستثناء تايلاند، أكثر توافقًا مع الولايات المتحدة من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة، إلا أن هذا يجب تقييمه في سياق الثنائية المتزايدة، نظام لا تمتلك فيه سوى الولايات المتحدة القدرة على تحدي الصين.

واشنطن وطوكيو وسول

تشهد المناورات العسكرية المشتركة والحوار الدفاعي بين الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين تسارعًا ملحوظًا منذ 2021، هذه الروابط أصبحت أكثر بروزًا في التحالف الأمريكي-الياباني، الذي تحول من التركيز على الدفاع عن اليابان فقط إلى التعاون في القضايا الأمنية الإقليمية والعالمية، وقد جددت واشنطن وطوكيو وسول روابطهم الثلاثية المؤسسية.

في ذات الوقت، تعزز أستراليا علاقتها بالولايات المتحدة من خلال الحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية عبر الشراكة الأمنية الثلاثية أوكوس (AUKUS) مع المملكة المتحدة.

وتواصل الفلبين الدفاع بقوة عن مصالحها البحرية في بحر الصين الجنوبي، وفي 2024، شاركت لأول مرة في تدريبات عسكرية مشتركة مع أستراليا واليابان والولايات المتحدة، وهي مجموعة وصفها المسؤولون الأمريكيون بـ”الفرقة”، كما منحت مانيلا الولايات المتحدة وصولًا جديدًا إلى قواعد عسكرية إضافية، بما في ذلك مواقع قريبة من تايوان.

تقدم هذه الإنجازات بعض المزايا للولايات المتحدة: هيبة في المنافسة السلمية على النفوذ، تحسين الوصول العسكري والقواعد في المنطقة، وتعزيز صغير لقدرات الولايات المتحدة في حال حدوث نزاع مع الصين، كما ترسل رسالة إلى بكين بأن النزاع الصريح، خاصة عن تايوان، قد يؤدي إلى استجابة تحالفية أوسع.

ربما يعجبك أيضا