حرب غزة.. هل تؤدي لعودة داعش؟

محمد النحاس

هذه التطورات تأتي في وقت حساس بالنسبة للولايات المتحدة التي تواصل دعمها "الثابت" لآلة الحرب الإسرائيلية في غزة، وهو ما قد يؤدي إلى تقويض جهود مكافحة الإرهاب التي تقودها أمريكا في سوريا والعراق.


شهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدًا في التحركات العسكرية الأمريكية ضد تنظيم داعش الإرهابي في كل من سوريا والعراق.

ونفذت القوات الأمريكية عمليتين كبيرتين في كلا البلدين استهدفتا عناصر التنظيم؛ ففي محافظة الأنبار بالعراق، أطلقت القوات الأمريكية والعراقية عملية مشتركة واسعة النطاق، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 14 من مسلحي داعش، بحسب مقال لمجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية.

عودة التهديد

بعد أيام من تلك العملية، أعلنت الولايات المتحدة عن إلقاء القبض على قائد بارز في التنظيم الإرهابي، يُدعى خالد أحمد الدندة، المتهم بتقديم المساعدة لأعضاء داعش الفارين من مراكز الاحتجاز في سوريا. 

تشير هذه العمليات إلى تحول في استراتيجية القوات الأمريكية تجاه داعش، حيث أصبحت التحركات العسكرية أكثر قوة مقارنة بالسنوات الماضية، حسب ما ذكر الكاتب الصحفي اللبناني على رزق  في مقال له بمجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” المنشور في 12 سبتمبر 2024. 

عملية الأنبار 

حول عملية الأنبار، فقد أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” أنها جرت بمشاركة أكثر من 100 جندي من القوات الخاصة الأمريكية، في واحدة من أكبر العمليات التي نفذتها واشنطن ضد التنظيم منذ هزيمته عام 2019.

 وفقًا للتقارير، قادت القوات الأمريكية الخاصة الهجوم الأولي، ما أسفر عن إصابة سبعة جنود أمريكيين، مما يؤكد حجم المخاطر التي تواجهها القوات الأمريكية في مواجهتها المستمرة مع التنظيم.

توقيت خطير 

تأتي هذه العمليات في وقت حساس بالنسبة للوجود الأمريكي في العراق؛ فقد توصلت واشنطن إلى اتفاق مع بغداد يقضي بتقليص عدد القوات الأميركية في البلاد على مدار العام المقبل، مع توقع سحب مئات الجنود من أصل حوالي 2500 جندي حاليًا. 

ومن المقرر أن يتم الانسحاب الكامل بحلول نهاية عام 2026، باستثناء مجموعة صغيرة من القوات ستظل متمركزة في إقليم كردستان العراق، وفق علي رزق. 

من جانبه، أكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط، ستيفن سيمون، الباحث في معهد كوينسي، أن عملية الأنبار جاءت في وقت يجري فيه تقليص مستويات القوات الأمريكية في العراق، ما يجعلها خطوة حاسمة في الحفاظ على استقرار البلاد.

تمدد التنظيم الإرهابي؟

غير أن العملية في الأنبار لم تقتصر على استقرار العراق فقط، فقد استهدفت أيضًا قائدًا بارزًا في داعش مسؤولًا عن تنظيم العمليات في الشرق الأوسط وأوروبا.

 وشهدت هذه المناطق مؤخرًا تصاعدًا ملحوظًا في النشاطات الإرهابية المرتبطة بالتنظيم، حيث أعلن داعش مسؤوليته عن هجوم استهدف مسجدًا شيعيًا في عمان في يوليو الماضي، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص؛ هذا الهجوم الأول من نوعه الذي يستهدف عمان، ما يسلط الضوء على توسع نشاط التنظيم في المنطقة.

نشاط دولي

كما أن داعش استغل الوضع في أوروبا، حيث نُفذت هجمات متفرقة، أبرزها الهجوم بالسكاكين في ألمانيا والذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص. وقد أشار مرتكب الجريمة إلى أن الهجوم كان مدفوعًا بالصراع الدائر بين إسرائيل وغزة.

وبالإضافة إلى ذلك، أحبطت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بالتعاون مع السلطات النمساوية هجومًا كان يستهدف حفلًا موسيقيًا لتايلور سويفت في فيينا، وكان مرتبطًا بداعش.

مخاوف متجددة 

تصاعدت المخاوف الأمريكية بعد عملية الأنبار من خطر محتمل يتمثل في إمكانية هروب معتقلي داعش من مراكز احتجاز في سوريا، حيث يحتجز أكثر من 9,000 من مقاتلي التنظيم في نحو 20 منشأة تديرها قوات سوريا الديمقراطية الكردية. 

 الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، حذر من أن هؤلاء المعتقلين يشكلون “جيشًا محتجزًا” يمكن أن يشكل خطرًا هائلًا حال هروبهم، ما قد يعيد التنظيم إلى سابق قوته ويمكّنه من السيطرة على مناطق واسعة مجددًا.

ما علاقة نشاط داعش بحرب غزة؟ 

يرى بعض المحللين أن هذا الارتفاع في نشاط داعش قد يكون مرتبطًا بشكل غير مباشر بالحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس في غزة، وفق تقرير الصحفي علي رزق في مجلة ريسبنسبول ستيت كرافت. 

وحسب رزق، فقد أفادت تقارير أن النزاع في غزة أدى إلى تحويل بعض موارد إيران وحلفائها في سوريا والعراق، التي كانت مركزة في مواجهة داعش، نحو الصراع مع إسرائيل؛ وهذا التحول أتاح لداعش فرصة لإعادة تنظيم صفوفه واستغلال الفجوة التي خلفها انشغال القوات الإيرانية وحلفائها بالصراع مع إسرائيل.

تقويض مكافحة الإرهاب

وفقًا لمعهد دراسات الحرب في واشنطن، فقد أعادت القوات الإيرانية وحزب الله نشر بعض قواتهما من العمق السوري إلى المناطق القريبة من الحدود اللبنانية والجولان المحتل للضغط على إسرائيل لوقف حربها الوحشية على غزة؛ هذه التحركات قللت الضغط على داعش في سوريا، مما مكّن التنظيم من تعزيز مواقعه والتحرك بحرية أكبر.

هذه التطورات تأتي في وقت حساس بالنسبة للولايات المتحدة التي تواصل دعمها “الثابت” لآلة الحرب الإسرائيلية في غزة، وهو ما قد يؤدي -كما يخلص رزق- إلى تقويض جهود مكافحة الإرهاب التي تقودها أمريكا في سوريا والعراق.

ربما يعجبك أيضا