عام على 7 أكتوبر.. إسرائيل تعزز دفاعها وحماس تتحدى السقوط

أحمد عبد الحفيظ
الجيش الإسرائيلي

بعد مرور عام على عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر وحرب غزة، شهدت الساحتان السياسية والعسكرية في إسرائيل وحركة حماس تغيّرات كبيرة.

تلك الحرب تسببت في إعادة تشكيل الأولويات الاستراتيجية لكلا الطرفين، مع تعميق الفجوة بينهما، وتغيير المعادلات السياسية والعسكرية في المنطقة.

التغيّرات السياسية في إسرائيل

في إسرائيل، أثرت الحرب بشكل كبير على المشهد السياسي الداخلي، فالحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو تعرضت لانتقادات واسعة بسبب عدم الاستعداد للحرب المفاجئة. الكثير من الإسرائيليين يرون أن الحكومة فشلت في تأمين الجبهة الداخلية في ظل الهجوم المفاجئ من حماس، ونتيجة لذلك، شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية ضغوطًا كبيرة لإجراء إصلاحات داخلية، مع زيادة حدة الانقسامات داخل التحالف الحاكم. شهدت الأشهر التي تلت الحرب دعوات لإجراء انتخابات جديدة، حيث فقدت الحكومة جزءًا من شعبيتها، مما أثر على استقرارها.

كذلك، تعزز نفوذ بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة التي طالبت بتصعيد الإجراءات ضد قطاع غزة وضد الفلسطينيين بشكل عام، هذا التوجه أدى إلى تفاقم التوترات الداخلية بين اليمين واليسار، وبين المتشددين والعلمانيين.

التغييرات العسكرية

على الصعيد العسكري، ركز الجيش الإسرائيلي بعد حرب 7 أكتوبر على تعزيز قدراته الدفاعية والهجومية، الاستثمار في تطوير التكنولوجيا العسكرية ازداد بشكل كبير، خاصة في مجالات الدفاع الصاروخي والطائرات بدون طيار.

إسرائيل أعادت تقييم استراتيجياتها العسكرية، مع التركيز على توجيه ضربات استباقية ومحاولة تقليل مخاطر الهجمات المفاجئة، إضافة إلى ذلك، عمل الجيش الإسرائيلي على تعزيز التعاون مع أجهزة الاستخبارات لتحسين عملية جمع المعلومات وتحديد مواقع القادة العسكريين لحماس، بهدف تقليص قدراتهم على التخطيط لعمليات مماثلة في المستقبل، وقد شهدت الفترة التي تلت الحرب زيادة ملحوظة في العمليات العسكرية المحدودة التي تستهدف شخصيات وقواعد تابعة لحماس.

ورغم الضربات الإسرائيلية المتكررة، أظهرت حماس قدرة ملحوظة على التعافي وإعادة بناء قدراتها العسكرية بسرعة، وركزت الحركة على تطوير أساليبها في تصنيع الأسلحة المحلية، خاصة الصواريخ بعيدة المدى التي استخدمتها خلال الحرب، كما سعت لتعزيز قدرتها على تنفيذ عمليات تسلل وهجمات مفاجئة عبر الأنفاق أو باستخدام تقنيات جديدة مثل الطائرات المسيّرة.

ورغم الضغوط الإسرائيلية على تهريب الأسلحة، تمكنت حماس من تأمين قنوات جديدة لدعمها العسكري، سواء عبر إيران أو عن طريق شبكات التهريب في المنطقة، هذا الأمر أدى إلى استمرار التوترات على الحدود، حيث تكررت الاشتباكات بشكل دوري رغم مرور عام على الحرب.

التغيّرات في حماس

على مستوى القيادة السياسية لحماس، الحرب كانت نقطة تحول، بعد مرور عام، فشلت الحركة في تعزيز دعمها الشعبي في قطاع غزة واعتبر الكثيرين أن خطوة الهجوم على إسرائيل لم تكن محسوبة بشكل جيد.

غير أن التوترات الداخلية ظهرت أيضًا، حيث بدأت بعض الفصائل السياسية داخل الحركة تتساءل عن جدوى الاستمرار في المواجهة المسلحة الطويلة وتأثيرها على السكان في غزة.

هذا النقاش الداخلي أدى إلى انقسام بين الجناح السياسي والجناح العسكري لحماس، حيث يرى الجناح العسكري ضرورة الاستمرار في المقاومة المسلحة كخيار أساسي، بينما يفضل البعض في الجناح السياسي محاولة التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل.

التداعيات الإقليمية والدولية

بعد مرور عام على الحرب، تغيّرت النظرة الإقليمية والدولية تجاه الصراع بين إسرائيل وحماس، وعلى الصعيد الإقليمي، لعبت بعض الدول العربية دور الوسيط بين الطرفين، لكن جهودهم لم تنجح بشكل كامل في تحقيق تهدئة طويلة الأمد.

الصراع المستمر أثر على علاقات إسرائيل مع دول الجوار، في حين أن الدعم الإيراني لحماس وحزب الله زاد من تعقيد المشهد الإقليمي
دوليًا، وتعززت الضغوط على إسرائيل من قبل بعض الدول الغربية لوقف التصعيد العسكري ضد غزة، في حين دعمت دول أخرى، خاصة الولايات المتحدة، حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

لا حل نهائي

مرور عام على حرب 7 أكتوبر جعل من الواضح أن الصراع بين إسرائيل وحماس لا يزال بعيدًا عن الوصول إلى حل نهائي، كلا الطرفين أعادا ترتيب أوراقهما السياسية والعسكرية، لكن التوترات المستمرة تشير إلى أن المنطقة قد تكون على موعد مع جولات جديدة من التصعيد، ما لم تحدث تغيّرات جذرية في المواقف الدولية والإقليمية.

ربما يعجبك أيضا