مآلات الصراع.. حصاد الاشتباكات بين حماس وإسرائيل وحزب الله

«توازن القوى».. المكاسب والخسائر في صراع حماس وإسرائيل وحزب الله

شروق صبري
تأثير الصراع على حماس وحزب الله وإسرائيل

تجددت الصراعات بين حماس وإسرائيل وحزب الله، ما أدى إلى تحقيق مكاسب وخسائر سياسية وعسكرية متبادلة على مدار عام من التوترات المستمرة.


أدت الصراعات بمنطقة الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر 2023، إلى تغييرات جوهرية في المشهد السياسي والعسكري لكل من حماس وإسرائيل وحزب الله.

ويتناول التقرير المكاسب والخسائر التي حققتها الأطراف على مدار عام كامل، مسلطًا الضوء على الأبعاد المختلفة للصراع وتأثيراته. بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (iiss)، في يوليو 2024.

المكاسب السياسية لحماس

نجحت حماس في الحفاظ على سلطتها في غزة رغم الضغوط الكبيرة، واستطاعت استعادة بعض الدعم الإقليمي والدولي. زيادة المساعدات الإنسانية من بعض الدول ساهمت في تعزيز موقفها، بينما حاولت استغلال الصراع لتحسين وضعها السياسي. كما أنها أبطأت أيضًا مؤقتًا عملية التطبيع الإقليمي لإسرائيل.

لدى حماس عدد كبير من القادة أثبتت قدرتها على البقاء والتكيف رغم فقدان القيادات العليا، بل وازدهارها سياسيًا. بالتالي فإن وضع حماس على المدى الطويل سيكون أقوى بكثير مما تتوقعه إسرائيل.

المكاسب العسكرية لحماس

طورت حماس استراتيجيات جديدة في الحرب، مثل استخدام الأنفاق والصواريخ المتقدمة، مما منحها قدرة على الرد على الهجمات الإسرائيلية بفعالية. كذلك، نجحت في تنظيم صفوف مقاتليها وتعزيز تدريبهم، مما أظهر مرونتها وقدرتها على التكيف مع الظروف المتغيرة.

وبسبب العدد الكبير من القتلى والدمار الهائل الناجم عن الحملة الإسرائيلية، سيمتلئ قطاع غزة بالشباب الغاضبين الباحثين عن الانتقام، مما يجعلهم عرضة للتجنيد في صفوف حماس. حتى لو هُزمت حماس عسكريًا، فإن نظريتها حول المقاومة، ستظل تحظى بشعبية.

غزة

غزة

المكاسب السياسية والعسكرية لإسرائيل

حازت إسرائيل على الدعم الدولي ضد ما تعتبره تهديدات إرهابية. كما نجحت الحكومة الإسرائيلية في تحسين صورتها الدولية من خلال إبراز جهودها لمواجهة التهديدات.

عسكريًا، تمكنت إسرائيل من توجيه ضربات مؤلمة لحماس وحزب الله، حيث استهدفت منشآت عسكرية وقيادات داخل غزة ولبنان. ونظرا لتقليل الخسائر الناتجة عن هجمات الصواريخ، جعلها تبدو وكأنها تتفوق في المواجهات العسكرية.

المكاسب السياسية والعسكرية لحزب الله

تمكن حزب الله من تعزيز نفوذه داخل لبنان، حيث زادت شعبيته بين مؤيديه بفضل سلوكه الاستراتيجي في التصدي لتهديدات إسرائيل. كما حصل الحزب على دعم متزايد من إيران، مما ساعده في تعزيز موقفه في الساحة السياسية اللبنانية. وقد سعت الحكومة اللبنانية، بمساعدة حزب الله، إلى اتخاذ موقف متشدد ضد إسرائيل، مما أدى إلى تجديد الروابط بين الحزب والشارع اللبناني.

عسكريًا، أظهر حزب الله قدراته في تنفيذ عمليات عسكرية معقدة، مستفيدًا من التكنولوجيا الحديثة مثل الطائرات بدون طيار.
كذلك، كثف الحزب من استعراضاته العسكرية، مما زاد من ثقة مقاتليه وأظهر للعالم أنه لا يزال قوة لا يستهان بها.

الخسائر السياسية والعسكرية لحماس وإسرائيل وحزب الله

على الرغم من المكاسب التي حققتها الأطراف المختلفة خلال العام الماضي، إلا أن الخسائر السياسية والعسكرية كانت واضحة أيضًا.

الخسائر السياسية لحماس

في مقابل النجاحات التي حققتها، دفعت حماس ثمناً باهظاً، حيث تكبدت خسائر بشرية كبيرة نتيجة الهجمات الإسرائيلية المكثفة. كما تزايدت الضغوط الدولية عليها بسبب الأزمات الإنسانية المتفاقمة في غزة، مما أثر سلباً على شعبيتها في بعض المناطق نتيجة تدهور الظروف المعيشية.

كما تعرضت غزة لحملة تدميرية أسفرت عن مقتل أكثر من 41 ألف شخص، من بينهم العديد من الأطفال، مما وضع جميع الفلسطينيين في القطاع في خطر كبير من الأمراض والمجاعة. وتم تشريد ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان، وباتت غزة في حالة دمار شامل.

وسيؤدي هذا الدمار إلى تفاقم الأوضاع الصحية وسوء التغذية على المدى الطويل، ومن المرجح أن تكون عملية إعادة الإعمار بطيئة ومحدودة، مما سيبقي الآلاف مشردين لسنوات قادمة.

لبنان

لبنان

الخسائر العسكرية

تعرضت القوات العسكرية لحماس وبنيتها التحتية لدمار كبير، حيث باتت قيادتها محاصرة وفقدت بعض المنشآت العسكرية الهامة نتيجة للغارات الجوية الإسرائيلية، مما أثر على قدرتها في تنفيذ هجمات مضادة. بحلول نهاية أبريل 2024، تراوحت تقديرات عدد مقاتلي حماس الذين قتلوا بين 6,000 و8,000 بحسب أرقام حماس، وبين 11,000 و13,000 بحسب الأرقام الإسرائيلية.

هذه الخسائر تشكل جزءًا كبيرًا من قوة حماس العسكرية التي تتراوح بين 25,000 و30,000 مقاتل، والتي تعتبر العمود الفقري لقدرتها العسكرية ضد إسرائيل وأساس سيطرتها على غزة.

كما فقدت حماس عدداً من القادة، بما في ذلك قادة من المستوى المتوسط. وعلى الرغم من إمكانية تعويض المقاتلين والقادة، إلا أن ذلك لن يكون سهلاً؛ فحتى لو استمر التجنيد بقوة، فإن تطوير الجنود الأكفاء والقادة ذوي الخبرة يستغرق وقتًا.

الخسائر السياسية لإسرائيل

على الرغم من الإنجازات العسكرية التي حققتها إسرائيل، إلا أنها تكبدت خسائر فادحة، حيث لم توافق حماس على إطلاق سراح سوى أكثر من 130 رهينة من أصل حوالي 240 تم احتجازهم في 7 أكتوبر، وربما يكون عدد منهم قد قتل. بالإضافة إلى ذلك، أثرت هذه الهجمات سلباً على مساعي إسرائيل لتطبيع علاقاتها الإقليمية.

كما واجهت الحكومة الإسرائيلية انتقادات داخلية بشأن إدارتها للصراع، حيث دعا بعض السياسيين إلى اتباع استراتيجيات جديدة. وقد وجه البعض اللوم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لعدم تحمله المسؤولية عن الفشل الاستراتيجي الذي كشفت عنه أحداث 7 أكتوبر. وبينما يرغب اليمين المتطرف في مواصلة الحرب، يميل البعض الآخر إلى قبول وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن.

الخسائر العسكرية

تعرضت عدة مدن إسرائيلية لهجمات صاروخية مباشرة، مما أثر على الأمن العام وزاد من مخاوف السكان. كما تكبدت القوات الإسرائيلية خسائر بشرية في المواجهات، مما دفع الحكومة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها العسكرية. هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 أسفر عن مقتل حوالي 1,200 إسرائيلي واختطاف نحو 240 رهينة، في أكبر خسارة يومية في الأرواح اليهودية منذ الهولوكوست. وعلى الرغم من جهود الإنقاذ، تمكنت إسرائيل من تحرير عدد قليل فقط من الرهائن.

تعرضت الحملة العسكرية الإسرائيلية، إلى جانب تباطؤ إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، لانتقادات حادة بسبب تأثيرها العشوائي على المدنيين الفلسطينيين، مما أثر سلبًا على الرأي الدولي تجاه إسرائيل. هذا الوضع قد يخلق جيلًا جديدًا من الأمريكيين المعارضين لإسرائيل.

والأخطر من ذلك، أن إسرائيل تفتقر إلى خطة واضحة لما بعد الحرب في غزة، مما قد يورطها في صراع طويل الأمد أو يجبرها على الانسحاب، مما يتيح لحماس فرصة العودة للسلطة وإعلان النصر النهائي.

الخسائر السياسية لحزب الله

واجه حزب الله ضغوطًا متزايدة نتيجة الأزمات الاقتصادية في لبنان، مما أثر سلبًا على شعبيته. كما تعرضت علاقاته مع بعض الفصائل السياسية اللبنانية للتوتر بسبب تدخله في الصراعات الإقليمية، مما جعل البعض يعتبره سببًا رئيسيًا في تفاقم الأزمات. وأدى ذلك إلى تزايد الاستياء الشعبي ضد الحزب.

بالإضافة إلى ذلك، تعرّض حزب الله لتضييق دولي على مصادر تمويله وتسليحه، حيث كثفت الدول الغربية والولايات المتحدة عقوباتها على الحزب وداعميه، مما أثّر على قدرته على إعادة بناء قدراته العسكرية المتضررة.

الخسائر العسكرية

تكبد حزب الله خسائر عسكرية وسياسية كبيرة خلال الحرب مع إسرائيل. على الصعيد العسكري، تعرضت مواقع الحزب في جنوب لبنان لضربات جوية وصاروخية مكثفة من قبل الجيش الإسرائيلي، مما أدى إلى تدمير العديد من قواعده ومخازن الأسلحة.

قُتل عدد كبير من مقاتلي الحزب في المواجهات المباشرة أو نتيجة الضربات الجوية الإسرائيلية، بما في ذلك بعض القادة الميدانيين البارزين. هذه الخسائر أثرت على قدرة الحزب في الحفاظ على قوة الردع والتأثير العسكري في المنطقة. تعرضت مواقع حزب الله العسكرية في لبنان لقصف مكثف، مما أدى إلى تدمير عدد من المنشآت العسكرية والمراكز اللوجستية.

جيش الاحتلال الإسرائيلي

جيش الاحتلال الإسرائيلي

خسائر حزب لله من الصراع

وفي 17 سبتمبر 2024 انفجرت آلاف الأجهزة المستخدمة في الاتصالات بين أعضاء حزب الله، مما أسفر عن مقتل 39 شخصًا وإصابة ما يقرب من 3000 في هجوم يُعتقد أنه تم عن بُعد، وقد حمّل حزب الله إسرائيل المسؤولية عنه. كما فقد حزب الله ما يقرب من 500 مقاتل منذ بدء هجماته على المواقع العسكرية الإسرائيلية في8 أكتوبر 2023.

ومن المحتمل أن يكون قد قُتل المئات في قصف إسرائيل للبنان خلال الأسبوع الماضي، والذي أسفر عن مقتل عدد من القادة والضباط رفيعي المستوى، حسب وكالة أسوشيد برس الامريكية يوم 1 أكتوبر 2024.

خسائر إسرائيل من الصراع مع حزب الله

أفاد موقع “واللا” الإسرائيلي بأن عدد القتلى منذ بداية المواجهات مع حزب الله اللبناني بلغ 44 شخصًا، بينهم 24 مدنيًا و19 من الضباط والجنود، بالإضافة إلى عامل أجنبي واحد. كما ذكر الموقع أن 271 إسرائيليًا، منهم 141 جنديًا وضابطًا، قد أصيبوا منذ بدء هذه المواجهات في 8 أكتوبر 2023.

أفاد الموقع بأن 180 ألف دونم من الأراضي في شمال إسرائيل قد احترقت منذ بداية المواجهات مع حزب الله، مشيرًا إلى أنه تم تقديم نحو 4400 دعوى تعويض عن الأضرار الناجمة في البلدات القريبة من الحدود مع لبنان حتى الآن.

ربما يعجبك أيضا