النفط الإيراني في مرمى التهديدات الإسرائيلية الأمريكية

التوترات تتصاعد.. هل تضرب إسرائيل منشآت إيران النفطية؟

أحمد عبد الحفيظ

إيران، كواحدة من أكبر الدول المنتجة للطاقة في العالم، تتمتع بثروات طبيعية هائلة تجعلها لاعبًا رئيسيًا في أسواق النفط والغاز العالمية.

قطاع الطاقة في إيران لا يقتصر على النفط فقط، بل يشمل أيضًا الغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية، إضافة إلى مشاريع جديدة تهدف إلى تطوير مصادر الطاقة المتجددة، إلا أن هناك تهديدات قد تطال هذا القطاع الحيوي الهام لإيران في أعقاب التوتر السائد مع إسرائيل وأمريكا.

تهديد إسرائيلي أمريكي

في أعقاب الهجوم الصاروخي الكبير الذي شنته إيران على إسرائيل في 1 أكتوبر 2024، تزايدت التهديدات الإسرائيلية بالرد على المنشآت النفطية والطاقية الإيرانية، الهجوم الإيراني جاء ردًا على مقتل حسن نصرالله، زعيم حزب الله، وقائد الحرس الثوري الإيراني في لبنان عباس نيلفروشهان، واستهدف عدة مناطق في إسرائيل بصواريخ باليستية. أسفر الهجوم عن أضرار ملموسة، وأثار غضبًا واسعًا داخل إسرائيل.

وبحسب صحيفة “جيروزليم بوست” في تقرير لها نشر الخميس 3 أكتوبر 2024، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرد، مشيرًا إلى أن إيران ارتكبت “خطأً كبيرًا” وسيكون هناك ثمن لذلك. كما طالب بعض السياسيين الإسرائيليين، مثل وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير، برد عسكري واسع يشمل تدمير المنشآت النفطية والغازية الإيرانية، حتى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين اقترحوا أن تكون هذه الضربة فرصة “تاريخية” لإضعاف النظام الإيراني بشكل كبير عبر استهداف منشآته الحيوية في مجال الطاقة والنفط.

في الوقت نفسه، تدرس إسرائيل خيارات الرد بالتنسيق مع الولايات المتحدة، التي أكدت أنها ستساعد إسرائيل على تنفيذ “عواقب قاسية” ضد إيران، مع الإشارة إلى أن الهجمات الإسرائيلية المحتملة قد تشمل منشآت النفط والغاز الرئيسية في إيران

النفط في إيران

إيران تمتلك أحد أكبر احتياطيات النفط في العالم، حيث تُقدَّر احتياطاتها بحوالي 157 مليار برميل، ما يجعلها في المرتبة الرابعة عالميًا من حيث حجم الاحتياطيات النفطية المؤكدة. يتمركز إنتاج النفط في إيران في عدة حقول رئيسية، أبرزها حقول “آزادغان”، “أحواز”، و”جنوب فارس”، الذي يعتبر واحدًا من أكبر الحقول الغازية المشتركة في العالم.

تنتج إيران حوالي 3.5 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، على الرغم من أن العقوبات الدولية تؤثر بشكل كبير على قدرة البلاد على تسويق وتصدير هذه الكميات. ومع ذلك، فإن إيران تحاول تجاوز هذه العقوبات عبر تطوير منشآت التكرير المحلية وتوسيع شبكة المصافي الخاصة بها مثل مصفاة “أراك” و”عبادان”.

الغاز الطبيعي

إيران تحتل المركز الثاني عالميًا من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي بعد روسيا، حيث تمتلك احتياطيات تُقدر بحوالي 34 تريليون متر مكعب. الحقل الأبرز في هذا الصدد هو حقل “جنوب فارس”، الذي يمثل حوالي 40% من إجمالي احتياطيات الغاز في إيران. يُعتبر هذا الحقل واحداً من أكبر حقول الغاز في العالم، وهو مشترك مع قطر التي تستغله من جهتها باسم حقل “الشمال”.

إنتاج الغاز في إيران يصل إلى حوالي 1 مليار متر مكعب يوميًا، ويُستخدم جزء كبير منه لتلبية الاحتياجات المحلية مثل توليد الكهرباء والصناعات البتروكيماوية. رغم أن العقوبات تعيق تصدير الغاز بكميات كبيرة، إلا أن إيران تستفيد من عقود تصدير الغاز إلى دول مجاورة مثل تركيا والعراق.

الطاقة الكهربائية

قطاع الكهرباء في إيران يعتمد بشكل أساسي على الغاز الطبيعي الذي يمثل حوالي 90% من الوقود المستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية. تمتلك إيران أكثر من 84 جيجاوات من القدرة المركبة، ما يجعلها واحدة من أكبر منتجي الكهرباء في الشرق الأوسط. مع تزايد الطلب المحلي على الكهرباء، تعمل إيران على تحسين كفاءة المحطات القديمة وبناء محطات جديدة تعتمد على تقنيات حديثة.

أبرز محطات الكهرباء في إيران تشمل محطة “نكا” الحرارية ومحطة “بوشهر” النووية التي توفر الكهرباء إلى أجزاء كبيرة من البلاد. وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك إيران مشاريع طموحة لتطوير الطاقة المتجددة، خاصة في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

الطاقة المتجددة

رغم أن قطاع الطاقة المتجددة في إيران لا يزال في مراحله المبكرة، إلا أن الحكومة الإيرانية وضعت خططًا طموحة لتطوير هذا القطاع في المستقبل. تعتمد هذه الخطط على الاستثمار في محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، خاصة في المناطق الصحراوية. تهدف إيران إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة المحلي إلى 5 جيجاوات بحلول عام 2025، وهو ما سيعزز من جهودها لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتخفيف التلوث البيئي.

رغم الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها إيران في مجال الطاقة، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجه هذا القطاع. العقوبات الدولية المفروضة على إيران تعرقل استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتقييد إمكانية الحصول على التكنولوجيا المتقدمة. كما تعاني البنية التحتية للطاقة في إيران من تقادم بعض المنشآت وضرورة تحديثها لتواكب الطلب المتزايد على الطاقة.

يعد قطاع الطاقة في إيران ركيزة أساسية للاقتصاد، إذ تعتمد البلاد بشكل كبير على عائدات النفط والغاز لتمويل مشروعاتها التنموية. رغم التحديات التي تواجهها، بما في ذلك العقوبات ونقص الاستثمارات الأجنبية، تسعى إيران إلى تطوير قدراتها في مجال الطاقة، سواء التقليدية منها أو المتجددة. مع الإمكانات الضخمة المتاحة، يبقى قطاع الطاقة الإيراني محوراً حيوياً في السياسات الداخلية والخارجية للبلاد.

ربما يعجبك أيضا