خطط روسية وصينية لاستهداف أقمار أمريكا الصناعية نوويًّا

محمد النحاس

روسيا قد تحوّل الفضاء إلى "منطقة غير آمنة" للأقمار الصناعية عن طريق زيادة الإشعاع، ما يجعل أي قمر صناعي يمر هناك عرضة للتلف أو التعطل دون الحاجة إلى استهدافه بشكل مباشر.. كيف ذلك؟


ينبع اهتمام الصين وروسيا بالأسلحة النووية الفضائية من قلقهما تجاه استراتيجية الولايات المتحدة الرامية لنشر أقمار صناعية ذات أهداف عسكرية.

وفي مايو الماضي، كشف مسؤولون أمريكيون من وزارتي الدفاع والخارجية عن احتمالية قيام روسيا بنشر جهاز تفجير نووي في الفضاء، وأكدوا أن هناك قمرًا صناعيًّا يُشتبه في كونه منصة اختبار لهذا الغرض، وكان يدور في مدار حول الأرض لمدة عامين، وفق ما نشرت مجلة ديفنس ون المعنية بشؤون الدفاع.

استراتيجية أمريكا تقلق «الخصوم»

أما الصين فقد بدأت حملة لتوسيع قوتها النووية الاستراتيجية بما يتجاوز متطلبات “الردع”، مع تطوير منصات إطلاق جديدة تشمل نظام قصف “مداري جزئي” وفق التقرير المنشور 11 أكتوبر 2024.

ويرى مدير وكالة تطوير الفضاء، ديريك تورنير، أن الاستراتيجية الأمريكية تمثل تحولًا كبيرًا في مواجهة التهديدات، من خلال زيادة عدد الأقمار وهندسة تصميم الشبكات لضمان استمرار عمل الأنظمة الأمريكية حال حدوث أي هجمات.

لكن هذه الاستراتيجية، حفزت الصين وروسيا لتعزيز استثماراتهما  في أسلحة مضادة للأقمار الصناعية باستخدام تأثيرات نووية قد تعرض كامل الأنظمة المدارية للخطر، ومع ذلك، ليس كل تفجير نووي في الفضاء متساوي الأثر، لذلك فإن فهم التصورات المختلفة لروسيا والصين حول الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية.

الاستراتيجية الروسية

الاستراتيجية الروسية تتمثل إجمالاً في استخدام التفجيرات النووية في الفضاء لزيادة مستويات الإشعاع حول الأرض بشكل كبير.

وإذا جرى تفجير قنبلة نووية على ارتفاع عالٍ في الفضاء (حوالي 2000 كيلومتر)، فإن ذلك سيؤدي إلى “ضخ” الإشعاع في منطقة معينة من المدار، هذا سيزيد من مستويات الإشعاع في الحزام الإشعاعي المعروف باسم “فان ألين”، الذي يحيط بالأرض، عندما يرتفع الإشعاع بشكل كبير في تلك المنطقة، تصبح الأقمار الصناعية التي تدور في المدارات المنخفضة (الأقرب للأرض) معرضة للتلف بسرعة أكبر بسبب الإشعاع الزائد، الذي سيؤدي إلى تدمير المكونات الإلكترونية فيها.

بمعنى آخر، روسيا قد تحوّل الفضاء إلى “منطقة غير آمنة” للأقمار الصناعية عن طريق زيادة الإشعاع، ما يجعل أي قمر صناعي يمر هناك عرضة للتلف أو التعطل دون الحاجة إلى استهدافه بشكل مباشر.

الاستراتيجية الصينية

في المقابل، تستهدف الصين إحداث التفجيرات على ارتفاعات أقل، تحت المدار الأرضي المنخفض (أقل من 2000 كيلومتر)، بحيث تؤثر بشكل مباشر على الأقمار الصناعية التي تمر عبر خط الرؤية.

عند حدوث التفجير، تطلق القنبلة النووية كمية هائلة من الإشعاع والجسيمات المشحونة في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى تكوين “حزام إشعاعي صناعي” قريب من الأرض، هذا الحزام يمكن أن يستمر لعدة أسابيع، وسيشكل خطرًا على الأقمار الصناعية في المنطقة لأنه سيعرضها لمستويات عالية من الإشعاع.

التفجير في موقع أقرب للأرض أيضًا يسبب نبضة كهرومغناطيسية تنتقل عبر الغلاف الجوي، ما قد يؤدي إلى تعطيل الإلكترونيات غير المحمية على الأرض، مثل خطوط الطاقة أو شبكات الاتصالات.

هل تفعل روسيا والصين هذه الخطط؟

النهج الصيني يجعل التفجيرات النووية أقل تأثيرًا على المدى الطويل مقارنة بالنهج الروسي، لكنه لا يزال يؤدي إلى ضرر كبير على المدى القصير للأقمار الصناعية والبنية التحتية الإلكترونية، لكن يبقى السؤال حول مدى احتمالية تنفيذ روسيا والصين لهذه الخطط المتطرفة.

بعد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في 2022، وجهت القيادة العسكرية للجيش الشعبي الصيني إلى بناء قوة ردع استراتيجي قوية، تتجاوز التفكير التقليدي باستخدام القوات النووية والتقليدية بطرق جديدة. أما روسيا، فقد كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أسلحة نووية جديدة خلال عام 2018، وظل يستخدم تهديداته النووية خلال الحرب مع أوكرانيا.

ربما يعجبك أيضا