الصين بين ترامب وهاريس.. أيهما الخيار الأقل خطورة؟

إسراء عبدالمطلب

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتزايد المخاوف في الصين من تصاعد التوترات الاقتصادية والسياسية بين القوتين العظميين.

وفي حين تراقب بكين من كثب التغيرات المحتملة في البيت الأبيض، فإنها تجد نفسها بين خيارين لا يخلوان من المخاطر، حيث تخشى من عودة دونالد ترامب بتصعيده الحروب التجارية، وتقلق من استمرار كامالا هاريس في نهج بايدن الصارم تجاه تايوان.

قلق صيني متزايد

تناولت صحيفة لوموند هذه المخاوف في تقرير يوم الأحد 13 أكتوبر 2024، مسلطة الضوء على انقسام الرأي الصيني بشأن المرشحين الأمريكيين المحتملين، وركزت على القلق المتزايد لدى القيادة الصينية من تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة على العلاقات الصينية الأمريكية.

وتتخوف الصين من عودة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي قد تعني تصعيدًا جديدًا في الحرب التجارية المستمرة بين البلدين، إلا أن المخاوف لا تتوقف عند ترامب فقط، بل تمتد أيضًا إلى كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية التي قد تستمر في النهج الدبلوماسي الهجومي لجو بايدن تجاه تايوان.

خيارات محفوفة بالمخاطر

أشار مراسل الصحيفة في بكين، هارولد ثيبولت، إلى أن الصين تتابع الحملة الانتخابية الأمريكية باهتمام بالغ، ولكنها لا تبحث عن “المرشح الأفضل”، لأنها مقتنعة بأنه لا يوجد من سيخدم مصالحها بشكل كامل، بدلاً من ذلك، تسعى بكين لاختيار “الأفضل من بين السيئين”، في محاولة للتقليل من الخسائر المحتملة.

وعلى الرغم من أن الانتخابات لا تجرى في الصين، إلا أن تأثيرها على مصالح بكين يبدو كبيرًا، تعتقد القيادة الصينية أن نتائج الانتخابات الأمريكية قد تكون حاسمة لتحقيق طموحات الصين في ضوء المنافسة المتزايدة بين البلدين في السنوات الأخيرة، ورغم وجود قضايا نادرة يتفق عليها الجمهوريون والديمقراطيون في واشنطن، إلا أن الملف الصيني هو أحدها، مما يزيد من تعقيد المشهد بالنسبة للصين.

مدرستان فكريتان

يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بكين، وانج دونج، إن الجمهوريين والديمقراطيين يتصارعون حول معظم القضايا، باستثناء الصين التي تعتبر ملفًا نادرًا يشهد توافقًا في الكابيتول هيل، ومن جهة أخرى، يشير تقرير “لوموند” إلى وجود مدرستين فكريتين في الصين لتقييم المرشحين ترامب وهاريس كالتالي:

  • المدرسة الأولى: ترى أن عودة ترامب ستكون الأكثر تحديًا، نظرًا لأن الاقتصاد الصيني يعاني بالفعل، وترامب هدد مرارًا بفرض ضرائب جديدة وتصعيد الحرب التجارية، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على المصالح الصينية.
  • المدرسة الثانية: تخشى من استمرار كامالا هاريس في نهج بايدن الدبلوماسي العدائي، خاصة فيما يتعلق بتايوان. هذا النهج تجلى في تعزيز حلفاء واشنطن من أجل رص الصفوف ضد الصين، ودفع حلف الناتو إلى إدراج التهديد الصيني على جدول أعماله، كما أن المواجهات حول بحر جنوب الصين أو تايوان تظل مصدر قلق كبير لبكين، في ظل التزام بايدن بالدفاع عن تايبيه إذا ما غزتها الصين.

تصريحاته ترامب تثير الجدل

أدلى ترامب بتصريحات مفاجئة حول تايوان في مقابلة مع مجلة بلومبرج بيزنس ويك، حيث اتهم تايوان بنهب صناعة الرقائق الدقيقة الأمريكية، ودعاها إلى دفع تكاليف الدفاع عنها. هذه التصريحات أثارت قلقًا كبيرًا في تايبيه، ولكنها لاقت ترحيبًا حذرًا في بكين، التي ترى في ترامب فرصة لإزالة مصدر كبير من الاحتكاك.

ويعلق مؤسس مركز الصين والعولمة في بكين، وانج هوي ياو، على تصريحات ترامب بأنها قد تفتح بابًا لمحاولة إيقاظ “صانع الصفقات” فيه، من خلال إغرائه بفرص خلق الوظائف كما يفعل منتجو البطاريات والسيارات الكهربائية الصينيون اليوم في أوروبا، ومع ذلك، يظل هوي ياو متشككًا في استمرارية مثل هذه التصريحات.

 نقاط الاتصال

ترى بكين أن الشخصيات التي قد تشكل نقاط اتصال مهمة في العلاقات مع الإدارة الأمريكية المستقبلية لها أهمية كبيرة، فإذا كان إيلون ماسك يمثل هذه النقطة في معسكر ترامب، فإن المرشح لمنصب نائب الرئيس الديمقراطي، تيم فالز، هو الذي يثير اهتمام بكين في معسكر هاريس، يحتفظ فالز، الذي أمضى فترة من حياته في الصين معلمًا، بذكريات إيجابية عن تجاربه هناك مما يعزز الآمال في بناء علاقات إيجابية معه.

وفي النهاية، تدرك الصين أن التحديات التي تواجهها مع الولايات المتحدة ليست مؤقتة أو متعلقة بشخصيات بعينها، بل أصبحت بنيوية، حيث إن الإدارتين الأخيرتين، سواء كانت تحت ترامب أو بايدن، لم تتعاملا مع العلاقات مع الصين إلا من زاوية التنافس الكامل.

ربما يعجبك أيضا