دوريات الشرطة في جنوب إفريقيا.. أداة للأمن أم بوابة للأزمات؟

جنوب إفريقيا.. كيف تتمكن دوريات الشرطة المركزة من منع انتشار الجريمة؟

بسام عباس
الشرطة في جنوب إفريقيا

تواجه جنوب إفريقيا بعض أعلى معدلات الجريمة على مستوى العالم، فقد أصبحت جرائم القتل وسرقة السيارات واقتحام المنازل والسطو المسلح والابتزاز من الأمور الروتينية المثيرة للقلق في العديد من المناطق.

وترى هيئة الشرطة في جنوب إفريقيا على نحو متزايد أن فكرة وجود الشرطة المرئية ضرورية لمعالجة المشكلة، وخاصة من خلال دوريات الشرطة والجنود على الأرض.

تعزيز حضور الشرطة

كشفت دراسة أجراها معهد الدراسات الأمنية الإفريقي بشأن عمليات الشرطة في المناطق الساخنة أن العمليات المستهدفة القائمة على الأدلة يمكن أن تقلل من الجريمة، ما يثير سؤالًا مهما: هل يمكن لزيادة دوريات الشرطة في الشوارع أن تلعب دورا في الحد من أزمة الجريمة في جنوب إفريقيا؟

وأوضح المعهد، في دراسة نشرها الثلاثاء 15 أكتوبر 2024، أن تعزيز حضور الشرطة من خلال الدوريات ليس بالأمر الجديد على الإطلاق بل ربما يكون إشكاليًّا، فقد كان عنصرًا أساسيًّا في عمل الشرطة المرئية في جنوب إفريقيا لعقود من الزمان، إلا أن فعالية هذا النهج لا تزال موضع نقاش.

وأضاف أن تعزيز حضور الشرطة وزيادة عدد الدوريات وسيلة ضرورية للحد من الجريمة وانتشارها، إلا أن غياب إطار استراتيجي يوجه هذه الجهود، ستكون النتائج مخيبة للآمال، كما أن زيادة عدد الضباط دون تركيز واضح سيهدر موارد قيمة، ومن غير المرجح أن ينجح في خفض مستويات الجريمة.

الشرطة وتحليل البيانات

قال تقرير المعهد إن على جنوب إفريقيا أن تتبنى نهجًا مركّزًا مدفوعًا بتحليل البيانات، وهنا يأتي دور الشرطة القائمة على الأدلة، التي تستخدم البيانات والبحوث والاستراتيجيات المثبتة لإعلام عمليات الشرطة، كما أنها تؤكد على الحاجة إلى مراقبة واختبار التدخلات لتقييم قدرتها على الحد من الجريمة.

وقد أظهرت دراسات الدوريات القائمة على الأدلة أن بعض الدوريات المرئية، وخاصة في المناطق الحضرية، أكثر فعالية من غيرها، وتشير تجارب الدوريات القائمة على الأدلة في الولايات المتحدة إلى أن زيادة الدوريات العشوائية ليس لها تأثير يذكر على الجريمة، في حين أن الدوريات الموجهة القائمة على البيانات أكثر فعالية.

نهج أكثر تطورًا

أجرى معهد الدراسات الأمنية مؤخرًا مشروعًا تجريبيًا لشرطة النقاط الساخنة في ضواحي مدينة كيب تاون، وشملت التجربة دوريات شرطة جنوب إفريقيا وخطة النهوض بإنفاذ القانون، من حكومة كيب الغربية ومدينة كيب تاون، ولا يزال التقييم مستمرًأ، إلا أن النتائج الأولية تظهر تأثيرات إيجابية على مستويات الجريمة العنيفة في النقاط الساخنة.

ويقدم المشروع لمحة عن النهج الأكثر تطورًا الذي قد يبدو عليه العمل الشرطي المرئي في جنوب إفريقيا، ولا يتعلق الأمر فقط بنشر المزيد من الضباط والموارد في الشوارع، بل يتعين استخدام البحث والأدلة لفهم الأماكن التي يحتاج إلى دوريات الشرطة، وكيف يمكن أن تكون أكثر فعالية، وما هو التأثير الذي يحدثه وجودها بالفعل.

ورغم أن الدوريات المرئية قد تنجح في ظل هذه الظروف، إلا إن الإفراط في المراقبة يشكل مصدر قلق بالغ للمواطنين، إذ إن الاستراتيجيات الشرطية القائمة على البيانات ستفشل إذا أهملت الجهود الرامية إلى تحسين العلاقات مع المجتمع، فكثيرًا ما يشعر الأشخاص في المناطق الخاضعة لمراقبة الشرطة بأنهم مجرمون، ما يعزز انعدام الثقة بين السكان والشرطة.

الثقة بين الشرطة والمجتمع

قالت الدراسة إن على جنوب إفريقيا تجنب اتباع نهج أحادي فيما يتصل بالشرطة المرئية، ولابد من الاستعانة بأساليب قائمة على الأدلة لتوجيه الموارد على نحو فعّال، ما يتطلب الاستعانة بالخبرات الدولية في مجال الدوريات المستهدفة عند تصميم العمليات في المناطق الساخنة، ومراقبة تأثيرها عن كثب.

ولابد أن تعمل التدخلات أيضًا على تعزيز الثقة الحقيقية بين المجتمعات المحلية، ففي منطقة بوجوتا، جمعت الشرطة بين العمليات المكثفة ومشاريع الخدمات البلدية لتحسين تصورات الناس تجاه الشرطة، ما أدى إلى انخفاض الجرائم المبلغ عنها في المناطق الساخنة بنسبة 45.6% مقارنة بالمناطق الخاضعة للسيطرة.

وبدون هذه المكونات الحيوية، قد لا تنجح الدوريات المرئية وقد تأتي بنتائج عكسية، ومن خلال مواءمة استراتيجيات الشرطة مع الرؤى القائمة على البيانات والعمل بنشاط مع المجتمعات، يمكن لجنوب إفريقيا تحقيق نهج أكثر فعالية وعدالة للحد من الجريمة.

ربما يعجبك أيضا