الكاظمي يرتدي سترة الحشد.. علاقة شراكة أم عداء؟

محمد عبد الدايم

رؤية – محمود سعيد

تعرض رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي، لانتقادات حادة بعدما ارتدى زي ميليشيات الحشد التي ارتكبت جرائم في غالب مدن العراق بشهادة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمنظمات الحقوقية في العراق، بل وصل الكاظمي إلى القول بأن “الحشد قرّة عين العراق”.

وكان الكاظمي أعلن قبل أيام عن إجراءات للحد من فوضى السلاح وهيمنة الميليشيات المسلحة (الموالية لإيران) وهو الأمر الذي شكك في نجاحه الكثير من العراقيين واعتبروه للاستهلاك المحلي، حيث أن السلاح السائب ينتشر على نطاق واسع في العراق، وبعض فصائل الحشد منضوية تحت لواء الجيش العراقي بقرار من البرلمان.

زيارة الكاظمي قيادات الحشد، تؤكد أن هيمنة تلك المليشيات على مفاصل الدولة العراقية وصلت إلى درجات خطيرة، وأنه لا يمكن لأي رئيس وزراء أن يقف أمام تلك المليشيات التي تغلغلت في الجيش العراقي نفسه.

الكاظمي يرتدي لباس الحشد

ارتدى الكاظمي زي هيئة الحشد الشعبي خلال زيارته مقر الهيئة، وهذه المرة الأولى التي يظهر فيها رئيس حكومة عراقية بزي الحشد الشعبي، ولم يرتده من قبله رئيسا الوزراء السابقان حيدر العبادي وعادل عبد المهدي، وأظهرت بعض الصور الكاظمي خلال زيارته مقر الهيئة في بغداد وهو ينزع زيه المدني ويرتدي بدلا عنه زي الحشد الشعبي العسكري.

وبعدما استبشر الشعب العراقي بإغلاق مقرات ميليشيات ثأر الله الإرهابية في البصرة بعدما أطلقت النار على المتظاهرين ، جاءت زيارة الكاظمي لقيادات الحشد الموالي لإيران ليؤكد خلالها أن الحشد قوة أمنية رسمية في البلاد، ورغم أن الدستور العراقي  ينص في مادته التاسعة (أولا) على حظر تكوين مليشيات عسكرية خارج إطار الدولة، كما لا يجوز لأفراد القوات العسكرية في جميع الوزارات والمؤسسات الأمنية الترشح للانتخابات أو دعم جهات معينة، إلا أن الحشد الموالي لإيران له قوة مكنته من الحصول على قرار من البرلمان العراقي يعتبره جزءًا من المؤسسة العسكرية في العراق.

وأضاف الكاظمي: “قانون الحشد رقم 40، الصادر عام 2016، هو الإطار القانوني الذي يحمي هذه المؤسسة، وسندافع عنه”.

جرف الصخر وأخواتها

ولعل القضية الأبرز التي ستحدد قوة الكاظمي وسيطرته على أجهزة الدولة في العراق، هي قضية منطقة جرف الصخر السنية، التي هجرت الميليشيات الموالية لإيران منها 200 ألف سني، وترفض عودتهم لها منذ سنوات بحجج واهية، وعلى رغم محاولات بذلتها حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وعدد من النواب والمسؤولين والوزراء، بشأن إعادة هؤلاء النازحين، إلا أن رفض الفصائل الشيعية المسلحة، وبعض الكتل التابعة لها في البرلمان، حال دون ذلك، وكان النائب السابق عن تحالف القوى العراقية أحمد السلماني قد اتهم فصيلًا تابعًا لميليشيات “حزب الله العراق” باعتقال 1400 مواطن في معبر الرزازة، واحتجازهم في منطقة جرف الصخر.

الكاظمي يعلم أن قضية جرف الصخر مفصلية لتبيان هيبته، وإلا سيكون مثله كمثل عبدالمهدي والعبادي أمام العراقيين.

وكما تعاني جرف الصخر وهي التي تقع جنوبي بغداد، تعاني كذلك مناطق يثرب والعوجة والعويسات ومجمع الفوسفات، وإبراهيم بن علي، ومناطق أخرى غربي البلاد وأخرى شمال البلاد .

استراتيجية التعامل مع الحشد

الخبير الأمني والاستراتيجي هشام الهاشمي قال إن هناك 7 فصائل تملك ذات الأسلحة التي يمتلكها الجيش باستثناء الطائرات، وهي بدر (الأكبر والأقوى) وكتائب حزب الله والعصائب والنجباء وسيد الشهداء وسرايا السلام وألوية العتبات، واعتبر الهاشمي أن رئيس الوزراء يصنف بقية الفصائل لثلاث فئات، أولها فاعلة ومؤثرة ضمن الحشد ولديها جناح سياسي وعسكري (داخل وخارج الحشد) مثل عصائب أهل الحق وبدر، معتقدًا أن هذه الفصائل ستُخيَّر إما بنزع سلاحها مقابل المال، أو بجرد أسلحتها وتخزينها بإشراف لجنة مشتركة تديرها.

أما الفئة الثانية فهي تلك الفصائل خارج منظومة الحشد ولا تملك أذرعا سياسية، لكنها ذات تسليح قوي، مثل كتائب حزب الله والنجباء. وهذه الفصائل سيتم التعامل معها بفتح نافذة حوار وطني ومحاولة التوصل إلى أرضية مشتركة لنزع السلاح وعدم تنفيذهم الأجندة الإيرانية، بحسبه، وختم الهاشمي حديثه بالإشارة إلى أن الفئة الأخيرة هي تلك الفصائل الصغيرة التي تدعي انتماءها للحشد، غير أنها تعمل لمصالحها الخاصة وموالية لإيران كذلك، وهذه ستمهل فترة معينة ثم ستتحرك الحكومة تجاهها أمنيا، كما حصل مع فصيل “ثأر الله” في البصرة.

وعلى النقيض من ذلك، يرى الصحفي والباحث ماهر الحمداني أنه ليس من مصلحة الكاظمي أن يحل الحشد أو ينزع سلاحه، إذ إن رؤساء الوزراء بعد العام 2014 وصلوا إلى مناصبهم بتوافقات وتحالفات هشة، هي أضعف من مواجهة أو استعداء الحشد.

ويتهم قادة سياسيون بالعراق، وعلى رأسهم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، بعض المليشيات الشيعية المسلحة (موالية لإيران) باستخدام سلاحها في خرق القانون وتنفيذ عمليات ابتزاز وقتل.

الخلافات بين قيادات “الحشد”

يأتي ذلك في ظل خلافات، بين بعض وجوه الحشد أو فصائله الموالية لإيران والنجف، فقد شهدت الساحة العراقية، بلبلة حول رئاسة الحشد، بعد نشر وسائل إعلام محلية تصريحات لأحد نواب كتلة الفتح، قال فيها إن المرجع الشيعي الأعلى في البلاد، علي السيستاني طلب من العامري ترؤس الحشد، ما استدعى نفيًا من قبل مكتب ممثل السيستاني في كربلاء، ويذكر أن العلاقة بين الحشد وبعض الفصائل العراقية التابعة شهدت توترا في الآونة الأخيرة على خلفية ولاء بعض فصائل الحشد لإيران، ومسألة اختيار نائب جديد لرئيس هيئة الحشد، مكان أبو مهدي المهندس الذي قتل بضربة جوية أمريكية في يناير الماضي.

وكانت 4 فصائل تابعة للنجف (فرقة الإمام علي والعباس ولواء علي الأكبر وأنصار المرجعية) انسحبت الشهر الماضي من الحشد، معلنة انضمامها للقوات العراقية، بعد أن رفضت في فبراير ترشيح القيادي في كتائب حزب الله أبو فدك المحمداوي لنيابة الحشد.

ربما يعجبك أيضا