على طريق قمة بيروت.. مقعد ليبيا شاغر وشبح “الصدر” حاضر

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

أعلنت وزارة الخارجية الليبية بحكومة الوفاق، اليوم الإثنين، عدم المشاركة على أي مستوى، في القمة العربية التنموية الاقتصادية المزمع إقامتها بالعاصمة اللبنانية بيروت نهاية الأسبوع الجاري، كما استنكر المجلس الأعلى للدولة ما قامت به حركة أمل اللبنانية احتجاجا على المشاركة الليبية في القمة، وذلك في أول رد فعل رسمي على واقعة إنزال “العلم الليبي” على طريق البيال اللبناني.

كان عدد من الشبان المحسوبين على حركة أمل أقدموا أمس الأحد على إزالة أعلام ليبية، نشرت على طريق البيال بالقرب من الواجهة البحرية وسط بيروت،​ حيث تعقد ​القمة العربية​ الاقتصادية، ورفعوا مكانها رايات حركة “أمل”، فيما أقدم آخرون على رفع صور للسيد موسى الصدر على طريق المطار ومداخل بيروت، اعتراضا على مشاركة الوفد الليبي في القمة العربية المقبلة، إذ تتهم حركة أمل -وهي أحد المكونات السياسية الشيعية في لبنان- نظام معمر القذافي بالتورط في قضية اختفاء الإمام الشيعي موسى الصدر منذ عام 1978.

وأثارت هذه الواقعة ردود أفعال واسعة بين الليبيين وصلت إلى حد المطالبة بقطع العلاقات مع لبنان، وفي بيان أصدره صباح اليوم، أكد المجلس الأعلى للدولة استغرابه من تحميل ليبيا في الحاضر مسؤولية أفعال نظام القذافي التي يرفضها الجميع -في إشارة إلى قضية اختفاء موسى الصدر- مطالبا الخارجية الليبية بتجميد العلاقات الدبلوماسية مع لبنان، والجامعة العربية بموقف واضح من واقعة إهانة العلم الليبي.

خلال الأيام الماضية شهد الشارع السياسي في لبنان جدلا واسعا بشأن ملف استضافة القمة الاقتصادية العربية، ويبدو أن حركة أمل كانت كلمة السر في هذا الخلاف، إذا طالبت أولا بتأجيل القمة بحجة عدم الانتهاء من ملف تشكيل الحكومة الجديدة وعدم توجيه دعوة إلى النظام السوري، ثم عادت لتطالب بالتراجع عن دعوة ليبيا إلى المشاركة، باعتبار أن مسؤولي السلطة في ليبيا، يعتبرون من ألّد أعداء قضية الإمام المغيب موسى الصدر.

كان الخلاف واضحا في حارة 8 آذار تحديدا، بين فريق الرئيس ميشيل عون وفريق رئيس مجلس النواب وزعيم “أمل” نبيه بري، إذ يرفض الأول سحب دعوة ليبيا، فيما يصر الثاني على عدم مشاركتها، وكلاهما لوح بالتصعيد فبري ذكر بانتفاضة 6 شباط 1984 – عندما قامت حركة “أمل” بانتفاضة ضد الرئيس أمين الجميل-، فيما قال صهر عون ورئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل إنه لا يعرف إلا 6 شباط مار مخايل، في إشارة إلى توقيع ورقة التفاهم بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” عام 2006.

وردا على باسيل قال نائب حركة أمل علي خريس: إن الوزير حتماً لا يعرف 6 شباط 1984، هذا التاريخ الذي نقل لبنان إلى عصر المقاومة والتحرير، ونحن لا نلوم معاليه لأنه لا ينتمي إلى مدرسة المقاومة.

فيما صدر بيان عن جهة عرفت عن نفسها بـ”ألوية الصدر”، هدّدت فيه من يمثّل ليبيا من مغبة الحضور إلى أرض الإمام موسى الصدر، قائلة: الغدر ليس من شيمنا كما فعلتم مع الإمام لذلك نحن في انتظاركم، وتابعت رئيس الجمهورية يدعو إلى قمة عربية في لبنان هذا شأنه أما نحن فلنا شأن آخر.

وأوضح النائب عن حركة أمل علي بزي في تصريحات صحفية، أن الحركة لا تريد إعطاء النظام الليبي الجديد دفعاً سياسيا عبر المشاركة في القمة، في وقت الذي لم يظهر فيه هذا النظام أي تعاون مع لبنان في قضية الصدر، مضيفا أن رفع الأعلام الليبية على طول الكورنيش البحري شكل نوعا من الاستفزاز والتحدي، وفي قضية الإمام الصدر لا محظورات وتصعيدنا لا حدود له.

التصعيد بين الفريقين هو لبناني خالص، وسوريا أو ليبيا وحتى الصدر، مجرد عناوين على سطح الطاولة، فالرئيس بري وبحسب منظمي القمة لم يعترضْ على دعوة ليبيا أثناء التحضير للقمة في أغسطس الماضي، ما جعل المراقبين يعتبرون واقعة العلم الليبي، مجرد انعكاس لخلاف سياسي بين بري وعون، سواء فيما يتعلق بملف تشكيل الحكومة وتحديدا عقدة توزير سنة 8 آذار، أو ما يتعلق بتكليف وزير العدل -المحسوب على التيار الوطني الحر- هيئة التفتيش القضائي بالاطلاعِ على قضية هنيبعل القذافي المسجونِ في لبنان بغية إطلاقِ سراحه، الأمر الذي أثار حفيظة تيار بري.

الأمر الخطير الآن ليس في قطع العلاقات الليبية اللبنانية -وهي بالمناسبة ليست وثيقة للغاية- لكن في تداعيات التناطح السياسي بين فريقي بري “حركة أمل” وعون “التيار الوطني الحر”، وتداعياته على الأرض في حال أصر عون على مشاركة ليبيا، وأصر أنصار حركة أمل على التصعيد في الشارع.. ما يعني أن قمة عربية لن تفيد لبنان كثيرا على أرض الواقع قد تتسبب في تغذية أجواء الانقسام الطائفي بالشارع اللبناني، وفتح أبواب المجهول أمام الحكومة المتعثرة منذ أكثر من 9 أشهر.

جدير بالذكر أنه منذ اختفاء الصدر في ليبيا عام 1978، بقيت قضية اختفائه لغزا حتى بعد سقوط نظام القذافي، الذي وُجهت له أصابع الاتهام باعتباره مسؤولا عن دعوة الصدر إلى زيارة طرابلس بشكل رسمي، وبحسب رواية أتباع الصدر وصل المرجع الشيعي إلى طرابلس في الـ25 من أغسطس 1978، برفقة محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين، واختفى الثلاثة في ظروف غامضة بنهاية الشهر نفسه، فيما أكدت السلطات الليبية مغادرتهم البلاد.

وكان كتاب صدر عام 2016 للكاتب أندرو سكوت كوبر، أشار إلى احتمالات ضلوع الخميني في إخفاء الصدر، حيث كان يرى فيه التهديد الأكبر لتأسيس نظام ولاية الفقيه في إيران، مؤكدا أن القذافي دعا الصدر لزيارة طرابلس من أجل عقد لقاء مع آية الله محمد بهشتي كبير مساعدي الخميني، لإجراء مفاوضات بموافقة شاه إيران محمد رضا بهلوي، وذلك قبيل ثورة الخميني بأشهر.

ربما يعجبك أيضا