القصف الإيراني للقواعد الأمريكية.. ضربة بلا أنياب تخدم الطرفين!

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

في الساعات الأولى من، صباح اليوم الأربعاء، أعلنت إيران عن قصف قاعدتين عسكريتين للقوات الأمريكية في العراق، ردا على اغتيال مهندس استراتيجيتها العدائية بالمنطقة قائد فيلق القدس قاسم سليماني، إلا أن الضربة لم تحدث خسائر ذات أهمية للجانب الأمريكي،  فلا أنباء حتى اللحظة عن سقوط ضحايا، فبدا الأمر كما لو كان استعراضا للقوة غرضه الأول حفظ ماء الوجه.. لكن كيف يمكن لواشنطن الاستفادة من هذه الضربة أيضا؟.

للوهلة الأولى تبدو الضربة الإيرانية لقاعدتي “الأسد” و”الحرير”، فرصة جيدة لـ”الصقور” داخل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصعيد وتيرة الصراع مع إيران، لكن خلافا لذلك يرى مراسل “الجادريان” بالشرق الأوسط في تقرير بعنوان “الهجوم الإيراني قد يرضي الطرفين”، أن الضربة من المحتمل أن تشكل مخرجا للأزمة التي لاحت في الأفق مع تعرض قاعدة الـK1  في العراق لهجوم صاروخي، نهاية ديسمبر الماضي، لتأخذ منحى أكثر درامية مع اغتيال القوات الأمريكية لـ”سليماني” الجمعة الماضية بقصف صاروخي قرب استهدف موكبه قرب مطار بغداد.

رمزية الهجوم

يقول تقرير “الجارديان”: القصف الصاروخي للقواعد الأمريكية في العراق بدأ في تمام الساعة الواحدة صباحا بعد منتصف الليل، واستمر إلى الثانية والربع صباحا أي في نفس الوقت تقريبا الذي استهدفت فيه القوات الأمريكية موكب سليماني بمحيط مطار بغداد، وبالتزامن مع تنفيذ الضربة قام كبار المستشارين الإيرانيين والمؤسسات الإعلامية شبه الرسمية بنشر تغريدات تتضمن صورة علم البلاد، في حركة تضاهي تغريدة ترامب التي سبقت الإعلان عن اغتيال سليماني بدقائق.

إلى ذلك، التعليقات الأولى على الهجوم جاءت على لسان رموز النظام الإيراني فقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف عبر “تويتر” عقب الهجوم مباشرة: انتهينا من الرد – في إشارة إلى الرد الإيراني على مقتل سليماني- اتخذت إيران واستكملت إجراءات متناسبة في إطار الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة باستهداف القاعدة التي انطلق منها هجوم مسلح على مواطنينا وكبار مسؤولينا. لا نسعى إلى التصعيد أو الحرب لكن سندافع عن أنفسنا في وجه أي عدوان”.

من جانبه وصف مرشد الثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي، الهجوم بـ”الناجح”، لكنه اعتبره غير كافِ كرد على مقتل سليماني، مؤكدا أن القوات الأمريكية يجب أن تغادر المنطقة.

الحكومة الإيرانية أصدرت بيانا جاء فيه: نشكر الحرس الثوري على العملية الناجحة.. لا نسعى إلى الحرب، لكن أي عدوان سيُواجه برد ساحق.

الرئيس الأمريكي من جانبه أكد في أول تعليق له، أن كل شيء على ما يرام، مضيفاً أنه يقيم الخسائر والأضرار، وأنه سيدلي ببيان حول الأحداث اليوم، واستطرد “حتى اللحظة كل شيء جيد، لدينا أقوى جيش مجهز بالعالم”.

 الرابط بين جميع هذه التصريحات هو الحرص على استعراض القوة، مع التأكيد على عدم الرغبة في الحرب من قبل طهران، ما يعزز فرضية أن الضربة هدفها الرئيس هو حفظ ماء الوجه ليس إلا.

ضربة محدودة تشكل مخرجا
كبيرة مراسلي الشؤون الخارجية في شبكة “إن بي سي” الأمريكية أندريا ميتشيل نقلت عن مصادر مطلعة القول: إن التقييم الأولي يؤكد أن إيران تعمدت عدم إصابة منشآت مهمة في “عين الأسد”، إذ ضربت الجزء غير المأهول بالقوات، على الرغم من أن لديها صواريخ عالية الدقة.

بينما أكدت قناة “سي إن إن” وصحيفة “الإندبندنت” أن واشنطن كانت تعرف مسبقا بالضربات الإيرانية، وكانت قواتها في العراق متأهبة لمثل هذه الضربة، وبعض المصادر أكدت أن القوات الأمريكية نقلت جنوداً ومعدات من مواقع إلى أخرى داخل “عين الأسد” في غرب الأنبار، قبيل الهجوم الإيراني بساعات، كما تعمدت طهران استهداف المساحات الفارغة في القواعد الأمريكية التي قصفتها.

أمام ذلك تبدو الضربة الإيرانية “ضربة محدودة لاستعراض القوة”، تحفظ ماء وجه نظام الملالي تحديدا في الداخل الإيراني، حتى وإن كانت غير قاسمة كما توعد منذ أيام، فالألة الدعائية للنظام ستثمرها جيدا، فمنذ الصباح لم تهدأ وسائل الإعلام الإيرانية وتروج لعناوين رنانة مثل “عملية الشهيد”  و”صفعة على وجه أمريكا”، وتتحدث عن خسائر الأمريكيين جراء الضربة، دون بيانات رسمية، وبالتالي سيتباهي روحاني وخامنئي بالانتقام بعنف لسليماني.

أما إدارة ترامب فيمكنها أن تتجاهل الرد على هذه الضربة، بالحديث عن محدودية نتائجها وعدم تسجيل خسائر في النفوس البشرية، مع التذكير بأن 22 صاروخا إيرانيا لم تفلح في إلحاق الضرر بقواعدها في العراق.. إذا قد تنتهي المزايدات الإيرانية الأمريكية مع هذه الضربة وتأخذ منحى آخر ربما يقودهما إلى طاولة المفاوضات من جديد.

ربما يعجبك أيضا