بعد استهداف “حزب الله”.. الكاظمي في مواجهة مع الحشد

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

عقب عملية الدورة التي استهدفت أحد مقار حزب الله جنوبي بغداد واعتقال بعض قياديها، كانت التساؤلات حول وجود صراع بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والحشد الشعبي أم أنها كانت محاولة لردع الميليشيات الإيرانية عن استهداف مقار وقواعد عسكرية تابعة للتحالف الدولي، ولعل ما صرحت به بعض المصادر العراقية عن سعي الكاظمي لاختيار شخصية بديلة لفالح الفياض تتولى رئاسة الحشد الشعبي تكشف عن هذا الصدع، فهل يتمكن الكاظمي من مواجهة الحشد الذي تصدر لسنوات المشهد العراقي دون أدنى محاسبة؟  

عملية استباقية

بعد التشكيك في تنفيذ الحكومة العراقية عملية الدورة وحدها، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إن عملية “الدورة” عملية استباقية هدفها حفظ هيبة الدولة العراقية، مُضيفًا أنها عملية عراقية التخطيط والتنفيذ والإشراف وما يثار غير ذلك مجرد أكاذيب.

كانت مواقع إخبارية عراقية مقربة من طهران زعمت أن السفيرة الأمريكية في الكويت ألينا رومانوسكي قالت إن “قوات التحالف الدولي  شاركت في عملية المداهمة التي استهدفت مقرا لميليشيا حزب الله في بغداد بطلب من الحكومة العراقية”.

وفي معرض نفيه، قال المتحدث باسم قوات التحالف الدولي، العقيد مايلز كاغينز، إن قوات التحالف في العراق هي تحت الحماية العراقية، مشددًا على أن الحكومة العراقية هي فقط التي تصدر القرارات، ولا دخل للقوات الأمريكية أو قوات التحالف بذلك.

عملية الدورة بدأت ليل الخميس، عندما اعتقلت قوات مكافحة الإرهاب العراقية 14 عنصرًا من ميليشيات “حزب الله” بينهم إيراني الجنسية ينتمون للحشد الشعبي، خلال عملية مداهمة لمقرها في بغداد، وبعدها مباشرة اقتحمت عناصر من الحشد ومنها عناصر من حزب الله العراقي مقرًا لجهاز مكافحة الإرهاب التابع للجيش العراقي، بالمنطقة الخضراء، وسط العاصمة.

ووسط تضارب الأنباء عن تسليم المعتقلين، قال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية العميد يحيى رسول، إن رؤية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي هي حصر السلاح بيد الدولة، لافتًا إلى أن القوات العراقية سلمت عناصر الحشد الشعبي الذين اعتقلتهم إلى الجهات القضائية، مؤكدًا أنه لم يتم إطلاق سراح أي منهم.

ما وراء العملية

بحسب معلومات دقيقة تناقلها المحللين العراقيين، فإن ميليشيات حزب الله العراقي كانت تستعد للقيام بتنفيذ هجمات بثلاث صواريخ أرض- أرض، الأول باتجاه مطار بغداد وبشكل خاص المطار العسكري، التي تتخذه القوات الأمريكية مقرا لها ومطارًا خاصًا، والثاني باتجاه السفارة الأمريكية، ثم الصاروخ الثالث باتجاه مرقد الإمام الكاظم في بغداد”.

وتأتي عملية جهاز مكافحة الإرهاب عقب هجمات صاروخية بالقرب من السفارة الأمريكية في بغداد ومواقع عسكرية أمريكية أخرى في البلاد في الأسابيع الأخيرة.

ويرى المراقبون أن القوات الأمريكية شاركت بشكل أو بآخر في عملية الدورة سواء بكشفها للمعلومات أو تقديم الدعم والتواجد المحدود مع جهاز مكافحة الإرهاب العراقية، وأن الهدف منها تحسين صورة الحكومة أمام الإدارة الأمريكية، والذي سيصب لدعمها وإطلاق الأموال العراقية في البنوك الأمريكية.

ورغم تضارب الأنباء بشأن تسليم ميليشيات حزب الله المعتقلين إلى أمن الحشد، فإن عدم إفصاح حكومة المالكي عن أسماء وهوية المعتقلين ومنصات الصواريخ التي كانوا ينوون إطلاق الصواريخ منها تثير التكهنات حول خطوة الكاظمي حيال سعيه لإعادة هيبة الدولة وحصر السلاح.

تهديد للكاظمي

اعتقال قياديين تابعين لحزب الله ، دفعت كتائب حزب الله العراقي لتهديد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي متوعدة إياه ردًا على هذه العملية التي اعتبرها عربون عمالة للأمريكيين.

وهنا نشر المسؤول الأمني لـ”كتائب حزب الله”، أبوعلي العسكري، تغريدة جديدة له على “تويتر”، اتهم فيها الكاظمي بـ”تضييع” ما وصفه بـ”قضية مشاركته بجريمة قتل” قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس”، واعتبر أبوعلي العسكري أن ذلك يشكل “عربون عمالة للأمريكيين”، مضيفا أن الكتائب “تتربص به”.

يشار إلى أن تلك العملية اثارت حفيظة فصائل وجهات سياسية شيعية، معتبرين إياها محاولة “لجر” الحشد الشعبي، وجهاز مكافحة الإرهاب إلى مواجهة عسكرية، إلا أن جهات مناوئة للنفوذ للحشد عدت هذه الخطوة بغير المسبوقة تحسب لحكومة الكاظمي إذ لم يجرؤ رؤساء الوزراء السابقين على الإقدم على مثل هذا الأمر.

بدوره، حذر الأمين العام لعصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، رئيس الوزراء العراقي من الدخول في مواجهة مع الحشد الشعبي، مؤكدًا أنه لا يوجد أي فصيل من فصائل المقاومة يستهدف المؤسسات الحكومية العراقية في المنطقة الخضراء.

كما اتهمت كتلة ائتلاف “الفتح” بزعامة الأمين العام لمنظمة “بدر” هادي العامري، الولايات المتحدة الأمريكية، ومستشارين لرئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي بالتحريض على فتح مواجهة عسكرية مع الحشد الشعبي.

طلقة في جبين الميليشيات

لا شك أن استهداف “حزب الله” الأكثر تمويلًا من طهران، يبعث رسالة قوية لإيران من الكاظمي الذي شدد على أنه عازم على إعادة هيبة العراق ومنع أي ميليشيات من الخروج عن الأطر الرسمية أو تدمير الدولة.

من جانبها، ترى صحيفة “فاينانشيل تايمز” أن المداهمة اختبار مبكّر لقدرة رئيس الوزراء الجديد على مواجهة المسلحين الذين تدعمهم طهران وطلقة في جبين الميليشيات المرتبطة بها، التي أضعفت الدولة العراقية، واتهمتها واشنطن بالوقوف وراء قتل مواطنين أمريكيين.

لعل ما يعزز صدع الطلقة التي أطلقتها حكومة الكاظمي بوجه الميليشيات الإيرانية، ما أعلن عنه النائب عن ائتلاف دولة القانون علي الغانمي أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يبحث عن شخصية جديدة لرئاسة الحشد الشعبي.

إعلان الغانمي جاء مع ورود معلومات عن خلافات جديدة بين الكاظمي والحشد تتعلق في من يرأس الحشد خلفاً لفالح الفياض، ويريد الكاظمي اختيار شخصية من الجيش لهذا المنصب في خطوة تهدف إلى ضبط الحشد ووضعه تحت سلطة القائد العام في حين يصر الحشد اختيار شخصية من صفوف فصائل الحشد لهذا المنصب.

ما سبق جاء في تقرير لجنة الأمن والدفاع الوطني الذي جاء فيها أن الكاظمي وجه رسالة لزعماء الائتلافات الشيعية، متهمًا فيها فصائل معينة بالحشد باستنساخ نموذج حزب الله اللبناني في لبنان.. “أي للدولة جيش وللحشد جيش وكل ما يجمعهما هو التنسيق”.

ربما يعجبك أيضا