وفي مساء اليوم نفسه أطلقت فصائل فلسطينية وابلا إضافيا من الصواريخ على مناطق جنوبي إسرائيل، وبالطبع ردت قوات الجيش الإسرائيلي بغارات جوية على مواقع لحركة الجهاد الإسلامي في غزة ودمشق، وأعلنت الحركة عن مقتل اثنين من عناصرها قرب مطار دمشق.
جاءت نوبة التصعيد الأخيرة بعدما قتلت قوات الاحتلال شابًا فلسطينيًا على حدود قطاع غزة، زعمت أنه “كان يهم بوضع عبوة ناسفة”، وبعد قتله جرفته القوات وسحلته بجرافة ضخمة في مشهد ليس غريبًا عن ممارسات الجيش الإسرائيلي.
أخذت قوات الجيش جثة الفلسطيني الذي قتلته وسحلته بالجرافة، وهي سياسة إسرائيلية لاحتجاز جثث الناشطين من غزة، لاستخدامها فيما بعد في إطار عمليات التبادل مع حماس التي تحتجز جنديين منذ 2014.
لا تعني الرغبة في التهدئة أن إسرائيل مطمئنة تمامًا لاستمرار الأوضاع تحت سيطرتها، فالقذائف الصاروخية تحديدًا تثير قلقًا متزايدًا، مع تهديد حماس بأنها تستطيع إطلاق رشقات صاروخية على تل أبيب لمدة متواصلة تمتد إلى ستة أشهر خلال أي مواجهة قادمة، وهذه التهديدات تدفع إسرائيل للعمل على عدم التصعيد “الشديد”، خصوصًا وأن الفصائل الفلسطينية باتت تملك تهديدًا من نوع آخر يتمثل في البالونات الحارقة.
التصريحات التهديدية لنتنياهو وحكومته تُواجه بتهديدات من غزة، فيما يبدو إذن سياسة تتبعها الفصائل الفلسطينية لانتزاع بعض المكاسب التي تمنح متنفسًا ضئيلا لسكان غزة، وتفسح مجالا للتفاوض حول التهدئة كل مرة، خصوصًا بعدما أصبحت الرشقات والبالونات تسبب ضغطًا كبيرا على الحكومة الإسرائيلية والجيش، من سكان “غلاف غزة” الذين يرتعبون مع كل صافرة إنذار، ومن المعارضة السياسية لبنيامين نتنياهو الذي يدخل معركة الانتخابات بعد أيام، ويبدو أنه يشتري مزيدًا من الهدوء، ويتحاشى أي خسارة بشرية قد تكون عواقبها وخيمة عليه.
في الأيام الأخيرة كان بيني جانتس ينتقل من استوديو إلى آخر، يلقي تصريحات مفادها بأن “قوة الردع الإسرائيلية تتآكل” وسياسة نتنياهو تجاه غزة تفشل يومًا بعد يوم”، ويؤكد بأن الدورة القادمة من الانتخابات ستكون الأخيرة، ويجب بعدها وضع سياسية “صارمة” تجاه غزة؛ لأن “هنية يعدد ونتنياهو يتراجع”، على حد زعمه.
ستشهد الفترة القريبة المقبلة اتضاح الرؤية حول مسألة غزة، ومدى استعداد إسرائيل لاستمرار التهدئة، أو الدفع لعودة سياسة الاغتيالات، أو حتى التفكير في حرب جديدة، فقد أصبح القطاع محاصرًا أمنيًا، ورهنًا للدعاية السياسية.
قبل أيام من انتخابات الكنيست الـ23 احتدم الجدل السياسي بين الأطراف المتنافسة حول غزة ووضع مستوطنات “الغلاف”. تكتل كاحول لافان الذي يقوده بيني جانتس استغل صور القذائف الصاروخية التي سقطت ومشاهد “الفزع” التي بدت على وجوه السكان الإسرائيليين من أجل مهاجمة سياسية نتنياهو تجاه القطاع المحاصر، لتحسين وضعه في استطلاعات الرأي، ولكسب مزيد من الأصوات في الانتخابات
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=336563