تبون في مواجهة الجزائريين عقب رحيل الجنرال القوي

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن
جاءت وفاة الجنرال الجزائري قايد صالح بعد نحو أسبوعين فقط من وضع تبون رئيسا جديدا للبلاد في السلطة رغم الاعتراضات التي تشهدها أنحاء متفرقة من الدولة الغنية بالنفط حيث عانى من أزمة قلبية مفاجئة ليرحل عن عمر يناهز 79 عاما.

وكان قايد صالح من أقوى المقاومين الذين ساهموا في استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962 بعد حرب استمرت سبع سنوات، وينظر إليه على نطاق واسع باعتباره أقوى شخصية في البلاد حتى وفاته.
 

وعلى مدى عقود ، أيد قايد صالح الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وهو زميل محارب قديم في حرب الاستقلال وكان يحكم الجزائر منذ عام 1999. لكن خروج مئات الآلاف إلى الشوارع للتنديد بالمرشح البالغ من العمر 82 عامًا الذي يسعى لولاية خامسة جعله ينصاع لرغبة الشعب.

وفي أحد التصريحات الأخيرة لرئيس الأركان ونائب وزير الدفاع الجزائري السابق، أحمد قايد صالح، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ندد بـ”مخططات العصابة وأذنابها من خلال المشاركة بصورة مكثفة في انتخابات الرئاسة” التي أُجريت في 12 ديسمبر/ كانون الأول. في إشارة إلى رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

وكرر صالح في أكثر من مناسبة على أهمية الإسراع بإجراء انتخابات رئاسية للتخلص من عناصر النظام القديم. ودعا الجزائريين إلى المشاركة المكثفة في الانتخابات كونها “بمثابة انطلاقة جديدة على مسار بناء الدولة الجزائرية الجديدة”.

لكن القدر لم يمهل الرجل الذي وُصف بـ”رجل الجزائر القوي” ليرى ما سيحل بالجزائر بعد الانتخابات، إذ وافته المنية إثر أزمة قلبية.

ومع تعالي الأصوات المطالبة بترشح بوتفليقة لولاية خامسة، نفى الفريق أحمد قايد صالح أية طموحات سياسية من جانبه. وهو موقف دأب على نفيه حتى بعد تنحي بوتفليقة.

وكان قايد صالح هو المحرك الحقيقي للأوضاع في البلاد خلال الفترة التي تلت الإطاحة بالرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عقب المظاهرات المعارضة إذ “سرعان ما انقلب على رئيسه مدعما جهود الإطاحة به”.

وتمكن صالح بكفاءة من موازنة الأمور في مواجهة المحتجين المعارضين لدور الجيش المتزايد في المجال السياسي وقام باستخدام سلطاته طوال العام الماضي لمحاكمة وسجن ضباط كبار باتهامات الفساد في محاولة منه لتخفيف الضغوط الشعبية على القوات المسلحة”.

وقالت صحيفة “لاكروا” إن قائد الجيش الجزائري أحمد قايد صالح وضع نفسه على خط المواجهة منذ بداية الحراك الشعبي شهر فبراير/ شباط الماضي، حيث كان يلقي خطابا أو خطابين في الأسبوع، كما يعتبر هو من دعا إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية الأخيرة والتي أفرزت فوز الرئيس عبدالمجيد تبون.

ويعد الرحيل المفاجئ لقائد الجيش الجزائري اختبارا للرئيس الجديد تبون فهل سيجعله في موقع أكثر حرية في اتخاذ القرارات أم أنه سيضعفه في مواجهة الحراك الشعبي؟

وسيكون الرئيس الجزائري أكثر حرية في مواجهة الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد لكنه سيكون ضعيفا في مواجهة ضغطه، فعبد المجيد تبون ليس لديه طموح للتحول الديمقراطي في البلاد، لاسيما في هذه المرحلة التي كان قايد صالح يعتبر عائقا أمام رغبته في الإصلاح ومع ذلك فالرئيس الجزائري بوفاة قايد صالح يكون قد فقد دعمه الرئيسي ضد الحراك المستمر منذ شهور.

وقالت داليا غانم  باحثة جزائرية في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت: “وفاة قايد ستقود عملية إعادة بناء القوى السياسية”.

وأشارت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية إلى أن وفاة قائد الجيش الجزائري الجنرال قايد صالح تعزز الشكوك في البلاد حيث سيطر قايد على القوات المسلحة لعقود منذ كان قائدا للقوات البرية خلال حقبة التسعينات المريرة في البلاد، واستمر في مراتب عسكرية عليا لأكثر من عقدين”.

لكن داخل الجيش الجزائري القوي، حسب المحللين، فإن أي تحول كبير في وجهات النظر أمر مستبعد.

وقال أنتوني سكينر، مدير شركة فيريسك مابلكروفت، وهي شركة استشارية للمخاطر السياسية: “هذه النخبة العسكرية ليس لديها مصلحة تذكر في تقديم تنازلات ذات معنى لتبون، الذي يريد انسحاب الجيش من السياسة، في مقابل عودة زمرة بوتفليقة”.

لكن سكينر حذر أيضًا من أن السياسة الجزائرية معتمة بشكل سيئ، وأن المنافسة بين الفصائل المتناحرة قد تتعمق خلال فترة عدم اليقين المقبلة.

ربما يعجبك أيضا