تسليح سوريا بـ”إس 300″.. روسيا تتوعد وإسرائيل ترتعد

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

بعد أسبوع من توجيه روسيا الاتهام لإسرائيل بالتسبب في إسقاط طائرة عسكرية روسية فوق سوريا، قررت موسكو اليوم تزويد النظام السوري بنظام “إس 300” المضاد للصواريخ.

وتسبب حادث إسقاط الطائرة العسكرية الروسية الإثنين الماضي في إحداث حالة من الجدل وتبادل للاتهامات بين روسيا وإسرائيل وسوريا، وسط تصاعد لهجة الغضب من جانب موسكو التي فقدت 15 عسكريا.

وأطلقت الدفاعات الجوية السورية قذيفة لاستهداف مقاتلة إسرائيلية كانت تشن غارة على الأراضي السورية، إلا أن القذيفة أسقطت الطائرة العسكرية الروسية التي كانت في المنطقة ذاتها.

وفي تصريحات جديدة حادة اللهجة تعكس استياء روسيا البالغ، أكد الكرملين، أن إسقاط الطائرة الروسية في سوريا “عمل إسرائيلي متعمد لا يمكن إلا أن يضر بالعلاقات بين البلدين”.

روسيا تزود سوريا بـ”إس 300″

روسيا أعلنت عزمها اتخاذ ثلاث خطوات رئيسية  لتعزيز أمن قواتها العسكرية في سوريا، على خلفية إسقاط طائرة “إيل 20” الروسية.

وبحسب وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، تتضمن هذه الخطوات تسليم منظومات “إس 300” الروسية للجيش السوري خلال أسبوعين، مشيرًا إلى أن هذه المنظومة قادرة على اعتراض وسائل الهجوم الجوي على بعد أكثر من 250 كيلومترًا، وتتمكن من إصابة عدة أهداف جوية في آن واحد.

وتتمثل الخطوة الثانية بتجهيز المراكز القيادية لقوات الدفاع الجوي السورية بنظام آلي للتحكم، موجود حصريًا لدى الجيش الروسي، مما سيضمن الإدارة المركزية لجميع الدفاعات الجوية السورية، وتحديد جميع الطائرات الروسية في الأجواء من قبلها.

الخطوة الثالثة بحسب وزير الدفاع الروسي تتعلق بإطلاق التشويش الكهرومغناطيسي في مناطق البحر المتوسط المحاذية لسواحل سورية بهدف منع عمل رادارات واتصالات الأقمار الصناعية والطائرات أثناء أي هجوم مستقبلي على سوريا.

من جهتها سارعت الولايات المتحدة إلى إدانة هذه الخطوة، وقالت على لسان مستشار الأمن القومي، جون بولتون، إن خطط روسيا تزويد سوريا بنظام إس-300 الصاروخي، سيمثل “تصعيدا خطيرا” من جانب موسكو، وأعرب عن أمله في أن تعيد الحكومة الروسية النظر في المسألة.

وجاء تعليق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقول إن تسليم منظومات “إس-300” للدفاع الجوي إلى سوريا سيعرّض أمن المنطقة للخطر. 

أقوى صفعة لإسرائيل منذ سنوات

يقول الخبير العسكري والاستراتيجي السوري العميد مرعي حمدان، إن إعلان روسيا عن تسليم منظومة الدفاع الجوي “إس 300” إلى سوريا خلال أيام، أقوى صفعة تلقتها إسرائيل منذ سنوات طويلة.

وأوضح حمدان، أن الإطار العام لتسليح سوريا بهذه المنظومة الدفاعية المتطورة، هو حماية القوات الروسية الموجودة على الأرض في سوريا، خاصة بعد تورط إسرائيل في حادث إسقاط الطائرة الروسية “إيل 20″، بخدعة طيران معروفة.

وأضاف الخبير العسكري أن “سوريا بمقدورها، بمجرد أن تتسلم المنظومة الجديدة من روسيا، أن تواجه الهجمات الإسرائيلية الجوية بسهولة أكثر، خاصة مع القدرات القوية المعلنة للـ”إس 300”.

من جهته أعلن السفير السوري لدى روسيا، رياض حداد، أن سوريا تحتاج لمنظومات الدفاع الجوي “إس 300” لحماية أراضيها من الأعمال العدوانية الإسرائيلية ووضع حد لها.

شرارة حرب استخباراتية شعواء

وتوقع خبراء، أن يشعل قرار تزويد سوريا بأنظمة إس 300، شرارة حرب استخباراتية شعواء، تدور رحاها حول عدد بطاريات هذه الصواريخ وأماكن نشرها ومدى حداثتها وما إذا كانت متحركة أم ثابتة.

ومع إعلان وزير الدفاع الروسي، سرجي شويغو، عن عزم بلاده تسليم الجيش السوري بطاريات صواريخ “إس 300” خلال أسبوعين، أعادت أغلب الصحف والمواقع الإخبارية الروسية التذكير بتصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيجدور ليبيرمان، التي أطلقها في أبريل الماضي، وهدد فيها بضرب منظومة إس 300 في حال وصولها لسوريا وتشكيلها خطرا على عمليات سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء السورية.

ورغم كون “إس 300” ما زالت تثير رعب أمهر الطيارين العسكريين في العالم، فإن مدى حداثة النسخة المقرر تسليمها للجيش السوري من هذه الصواريخ تثير هواجس تل أبيب، خاصة وأنه من الواضح أن تزويد الجيش السوري بهذه السرعة القياسية بهذه الأنظمة المعقّدة، يقتضي سحبها من مستودعات ومخازن الجيش الروسي نفسه، وليس انتظار تصنيع أنظمة جديدة، وبالتالي فإن هذه الصواريخ يفترض أن تكون من الأحدث والأكثر تطورا والأقرب لمواصفات خليفتها إس 400.

معلومات عن نظام “إس” الصاروخي

ويوجد عدة نسخ من هذا النظام الصاروخي، منها “إس – 300 بي”، التي تم إنتاجها في عهد الاتحاد السوفيتي في ستينيات القرن الماضي ودخلت الخدمة عام 1978، ويوجد منها نسخ متطورة ومحسنّة قادرة على صد الصواريخ الباليستية، وتعد قدراتها مشابهة لمنظومة باتريوت “باك – 2” الأمريكية.

وتتميز “إس – 300” بإمكانية تثبيتها في مخابئ أرضية أو استخدامها على مركبات متحركة، وتعتمد نظرية عمل صواريخها على استخدام رأس حربي وزنه 133 كغم، شديد الانفجار، يمكنه تدمير الهدف دون الحاجة إلى الاصطدام المباشر به.

توجيه رسائل سياسية وعسكرية

إعلان روسيا عزمها منح الجيش السوري هذه المنظومة المتطورة، يشكل أكثر من مجرد رد فعل على إسقاط طائرة “إيل-20″، فهو بمثابة توجيه رسائل سياسية وعسكرية لكل المتورطين في الأزمة السورية.

ويكاد يجمع المحللون أن هذه الرسائل تستهدف بالأساس الولايات المتحدة الأمريكية بعد إقدامها على الضربة الثلاثية ضد سوريا الربيع الماضي، وتلويحها بضربات جديدة بحجة الاستخدام المحتمل للسلاح الكيميائي في إدلب، فالروس في تحرك دبلوماسي متقن يخوضون الآن لعبة “شد الحبل” كمحاولة جديدة لمواجهة واشنطن وحلفائها وما يقومون به شرق الفرات.

وبحسب أستاذ العلوم السياسية في مركز الدراسات العسكرية والسياسية بمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، ميخائيل ألكسندروف، فإن حظر الطيران الإسرائيلي فوق سوريا ليس الشيء الأكثر أهمية، لأن الأمر الرئيسي أن منظومات “إس 300” في سوريا ستجعل من الصعب للغاية على الولايات المتحدة توجيه ضربة بمساعدة الطيران.

ربما يعجبك أيضا