“فطر” السودان.. بأي حال عُدت يا عيد

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

صلاة عيد وصلاة غائب على أرواح ضحايا فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة بالعاصمة، سبقها انقسام حول تحديد أول أيام “الفطر”، جسد حالة الاحتقان السياسي التي وصل إليها الشارع السوداني مع نهاية الشهر الفضيل، حيث أعلن المجلس العسكري الانتقالي أمس الثلاثاء، وقف التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير وإلغاء كل ما تم الاتفاق عليه بشأن المرحلة الانتقالية، كما أعلن عن تنظيم انتخابات عامة في غضون 9 أشهر من الآن.

 على صفيح ساخن يعيش السودانيون هذا الأيام، في الصباح الباكر وبمناسبة عيد الفطر قال رئيس المجلس العسكري الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان: المجلس ما زال منفتحا لتفاوض لا قيد فيه إلا مصلحة الوطن، متعهدا بمحاسبة من يثبت مسؤوليته عن أحداث فض الاعتصام خارج مقر وزارة الدفاع بالخرطوم.

اعتذار ودعوة للحوار
وأضاف البرهان ندعو لطي صفحة جديدة للعبور نحو المستقبل، ونفتح أيادينا للتفاوض مع كافة القوى، موضحا أنه تم توجيه القيادة العامة بالتحقيق في الأحداث المؤسفة في فض الاعتصام.

وتابع نتأسف على ما حدث خلال الأيام الماضية، ونؤكد أنه لا مناص لأي منا إلا الاحتكام لإرادة الشعب.

من جانبه قال نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”: المجلس دخل المفاوضات بحسن نية على أساس عهد جديد لسودان جديد، مؤكدا أنه لا يريد الحكم وليس لديه استعداد لأجله.

وأضاف المفاوضات انحرفت عن مسارها، لذلك أراد المجلس تصحيح المسار، وسيجري انتخابات نزيهة وعادلة ودون مشاركة “المؤتمر الوطني”.

فيما يتعلق بفض الاعتصام، قال إن المجلس أصدر توجيهات بتقصي الحقائق في الأحداث الأخيرة، وبسرعة محاسبة المسؤولين.

بالتزامن مع أول أيام العيد أيضا، قالت لجنة أطباء السودان المركزية المرتبطة بالمعارضة، في وقت مبكر، إن عدد الأشخاص الذين قتلوا منذ اقتحمت قوات الأمن مخيمات الاعتصام، الإثنين الماضي، ارتفع إلى 60 شخصا.

 جدير بالذكر أن تجمع المهنيين السودانيين – المحرك الرئيس للاحتجاجات- دعا إلى الاحتفال بأول أيام عيد الفطر، الثلاثاء، استنادا إلى الحسابات الفلكية، فيما أعلن مجمع الفقه بالسودان، الثلاثاء المتمم لشهر رمضان والأربعاء أول أيام عيد الفطر، كما دعا “التجمع” إلى الخروج في مظاهرات بعموم البلاد عقب صلاة العيد تنديدا بأحدث العنف التي رافقت فض الاعتصام.

طريق مسدود

 إلى ذلك، فشل مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، في إصدار بيان موحد بشأن التطورات الأخيرة بالسودان تحديدا ما يتعلق بفض اعتصام ساحة القيادة العامة، وسط مطالبة الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا بالتنديد بأعمال العنف التي وقعت أثناء فض الاعتصام، مقابل تحفظات أبدتها الصين وروسيا.

وقال المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان نيكولاس هايسوم في تصريحات صحفية: إنه قلق للغاية من الوضع في الخرطوم، معبرا عن أمله في اضطلاع الأمم المتحدة بدور من أجل جمع الأطراف المعنية والتوصل إلى حل سياسي للأزمة الراهنة.

المفاوضات بين “العسكري” وقوى المعارضة وصلت إلى طريق مسدود في ظل خلافات عميقة بشأن من ينبغي أن يقود المرحلة الانتقالية المتفق عليها، لمدة 3 سنوات، وفي بيان له حمل “العسكري” قوى إعلان الحرية والتغيير مسؤولية إطالة أمد التفاوض، بمحاولة إقصاء القوى العسكرية والانفراد بالحكم، لاستنساخ نظام شمولي آخر يُفرض فيه رأي واحد يفتقر للتوافق والتفويض الشعبي والرضا العام.

من جانبها تحمل “قوى الحرية” العسكري المسؤولية ذاتها، معتبرة أنه يتنصل من التزاماته السابقة فيما يتعلق بإدارة المرحلة الانتقالية دون تدخل، فبحسب ما جاء على لسان مدني عباس مدني عضو “الحرية والتغيير” في تصريحات صحفية:  المعارضة ترفض خطة “العسكري” لإجراء انتخابات عامة في غضون 9 أشهر، وكل ما جاء في بيان البرهان، ومن أجل ذلك ستواصل العصيان المدني لإسقاط المجلس بعد أن تنصل من كامل التزاماته.

الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة السوداني – أحد رموز المعارضة- أكد في بيان صدر اليوم، أن المجلس العسكري لعب دورا مفصليا في الثورة، لكنه اعتبر أن نهج رئيس المجلس الانتقالي عبدالفتاح البرهان خاطئ، وأن المخرج  للأزمة سيكون بالتشاور مع القوى الثورية، وليس بوقف التفاوض، مشددا على ضرورة محاسبة المسؤولين عن فض ساحة الاعتصام.

ودعا المهدي قوى المعارضة إلى مناقشة استلام النظام الانتقالي البديل، وإلى البحث عن ديمقراطية توافقية، معتبرا أن الأحزاب يجب أن تستعد لهذه الديمقراطية عبر إصلاحات في داخلها أولا.

وفي الوقت الذي، حمل بيان البرهان فيه إشارة إلى إمكانية إعادة فتح باب التفاوض مع المعارضة وقبل أن يأتي رد المعارضة بشكل صريح، وردت أنباء عن اعتقال القيادي المعارض، ونائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان على يد قوات من الدعم السريع، بحسب ما صرح به أمين الشؤون القانونية وحقوق الإنسان لنداء السودان أسامة سعيد.

كان نائب رئيس المجلس العسكري أشار في بيان سابق إلى أن هناك من ينتحل صفة قوات الدعم السريع لترويع المواطنين، ما يزيد المشهد السوداني ضبابية ويهدد بخروج الأوضاع عن السيطرة.

ربما يعجبك أيضا