التكنولوجيا تحي الأموات وتحقق أسطورة الخلود

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

لطالما كانت فكرة “الخلود” تسيطر على العلماء والباحثين على مرّ العصور، وكانت محور لدراسات طويلة وعميقة، والتي دائمًا ما كانت  تنتهي بالفشل، إلا أن الذكاء الاصطناعي له رأي آخر، فمع التطور الكبير الذي شاهدناه في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، يتضح أن فكرة الخلود ممكنة، ولكن افتراضيًّا “إلكترونيًّا”.

أنا عايش ومش عايش!

موقع Eter9 واحد من الابتكارات التي تزعم قدرتها على قراءة شخصية المستخدم باعتماد تقنية الذكاء الصناعي، ويعمل على نشر “بوستات” نيابةً عنه حتى بعد وفاته، فهو يشبه موقع “فيس بوك”، وذلك من حيث تحديث الأخبار والـStatus، كما يمكن إضافة الرموز التعبيرية الضاحكة مثلاً والشبيهة بزر Like، مع ميزة الاعتماد على كائنات افتراضية أطلق عليها اسم Niners.

قرينك الإلكتروني

بمجرد تسجيلك على موقع Eter9، يقوم بمراقبة نشاطك على مواقع التواصل الاجتماعي، ليعلم الموضوعات التي تثير إعجابك، ومنشوراتك الخاصة، ومتابعتك لأصدقائك المقربين، وطريقة تفاعلك مع الآخرين، ليقوم بتوظيف كل تلك البيانات، في إنشاء نسخة افتراضية متطابقة للمستخدم تقوم بتقليد سلوكه بعد الموت، وعلى الرغم من أن موقع Eter9، في مرحلته التجريبية، إلا أنه حظي باشتراك أكثر من 5 آلاف مستخدم.

موقع Eter9.. ليس الأول من نوعه!

ظهرت مواقع مشابهة لموقع Eter9، مثل LifeNaut الذي يوفر خدمة غريبة، كونه يمنح المستخدم فرصة تخليد سيرته الذاتية حتى ولو انتهت حياته، وذلك عن طريق قيامه بإنشاء قاعدة بيانات ضخمة لكل مشترك في الموقع، وقاعدة البيانات تلك سوف تعتمد على تجميع كل تعبيرات الوجه، بالإضافة إلى السمات الشخصية، وذلك على مدار حياة المستخدم، واستعمالها في إنتاج نسخة من المستخدم عبارة عن وجه شبيه بوجه المشترك بذات تعابير الوجه الخاصة وردود الأفعال على أي سؤال يطرح عليه.

وعلى نحو مماثل تستخدم خدمة Liveson تطبيقًا يدرس سلوك وميول العضو على الموقع لمباشرة التغريدات والمتابعات على نفس نهجه بعد وفاته، مع إمكانية العضو تحديد شخص ليكون بمثابة الوصي على تفعيل الخدمة الالكترونية على “تويتر” لحساب العضو المتوفى.

DeadSocial موقع إلكتروني آخر يتيح نشر مقاطع فيديو وبعث رسائل باسم الشخص المتوفى على حساباته بمواقع “فيسبوك” و”تويتر” و”لينكد إن”.

من القبور إلى موقع افتراضي

لم تتقبل يوجينيا كويدا، فكرة موت صديقها المقرب لها، الذي توفي عام 2015، فحاولت استعادته، وقامت بتطوير برنامجً للذكاء الاصطناعي ولقنته أكثر من 8 آلاف رسالة من صديقها، وبعد 3 أشهر كان “بوت” صديقها جاهزًا وتحدثت معه، حتى أنها تقول: “أتحدث إليه في أمور، لم أقلها له في الحقيقة”.

مصير حسابك الإلكتروني بعد وفاتك!

بعد انتقال المستخدم إلى الحياة الآخرة وفقًا للسياسة التي تتبناها تلك المواقع، فموقع تويتر على سبيل المثال، يعمل على حذف الحساب بعد انقضاء مدة ستة أشهر من عدم تفاعل صاحبه، إلا أن باقي الشبكات الاجتماعية تبقي على الحساب فعّالًا لحين تقدم أحد أقارب المتوفى أو المسؤولين القانونيين بطلب رسمي لإنهاء وجود الحساب، ليتم دفنه رقميًّا إلى الأبد.

فيما يتعلق بملكية البيانات بعد وفاة المستخدم، فالأمر يختلف من موقع لآخر، فسياسة الفيس بوك مثلًا، تقضي بالإبقاء على المعلومات بيد الشركة إلا في حالة وجود موافقة مسبقة على إعطاء بيانات حسابك لشخص آخر أنت من حدده قبل وفاتك أو الممثل القانوني لك، أما في تويتر، فيمكن التعامل مع الشخص المخَوّل له التصرف في “التركة” أو أحد أفراد الأسرة من الدرجة الأولى للمتوفى.

وعن المدة الزمنية التي يستغرقها إيقاف حساب ما على “السوشيال ميديا” بسبب الوفاة، فلا يتم ذلك على الفيسبوك إلا عقب إخطارها بالأمر، بينما يصل ذلك الزمن إلى ستة أشهر على تويتر، ويوقف جوجل الحساب عند الموت بعد 9 شهور أو بعد إعلام الشركة، أو في التوقيت الذي ضبطه صاحب الحساب بنفسه سابقًا ليتوقف الحساب.

وبالنسبة للأوراق المطلوبة لإثبات وفاة مستخدم بغرض إيقاف الحساب، يطلب فيسبوك إثباتًا بأن طالب الإيقاف أحد أفراد العائلة من الدرجة الأولى، في الوقت الذي تطلب فيه تويتر مستندًا لإثبات وفاة المستخدم مع بطاقة هويته أو جوازه سفره، وإن تم الاتفاق على تحويل صفحة المتوفى على فيس بوك لأخرى مخصصة بتأبينه وذكر محاسنه، فوقتها تبقى إعدادات الخصوصية الخاصة بالشخص المتوفى كما هي، ويستطيع الأصدقاء الحاليين النشر على صفحة صديقهم الراحل، مع إمكانية عمل Tag للصور.

ربما تكون فكرة “الخلود الإلكتروني” غريبة بعض الشيء، أو بالأحرى مخيفة!، فأن تكون ميتًا حقيقيًّا، بينما تظل أفكارك ومشاركاتك الافتراضية، سارية إلى الأبد، ويتفاعل معها الآخرون، وربط جسور التواصل بين الأحياء وموتاهم بهذا الشكل، وكل ذلك قد يكون ممكنًا بالتأكيد في ظل التطور الذي نشهده في مجال الذكاء الاصطناعي.

ربما يعجبك أيضا