رفعت الأسد.. شائعات بالوفاة والغرب يصادر أملاكه

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبد النبي

نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقرير مساء أمس السبت، مفاده أن السلطات البريطانية شرعت في إجراءات تجميد أصول يمتلكها “رفعت الأسد” عم الرئيس السوري الحالي، وذلك بعد إجراءات مشابهة اتخذتها السلطات الفرنسية والإسبانية بفتح تحقيقات عن مصادر هذه الثروة التي يعتقد أنها أموال مسروقة من عهد النظام السوري السابق وارتكبت بصددها جرائم كبرى في مدينة حماة وسجن تدمر والعديد من الجرائم الأخرى بسوريا.. ومع ملاحقاته تطل شائعة وفاته لتستمر الملاحقات ضريبة لما ارتكبه من مجازر بحق الشعب السوري.

من هو رفعت الأسد؟

رفعت علي سليمان الأسد، الشقيق الأصغر للرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وعم الرئيس الحالي بشار الأسد، شغل منصب نائب رئيس الجمهورية السابق، وقيادة سرايا الدفاع.

يحمل سجله تاريخاً انقلابياً مليئاً بحركات التمرد، ساهمت في استيلاء شقيقه حافظ الأسد على السلطة بالقوة في 1970، فبعد تخرجه من الكلية الحربية عام 1963 بسنوات، شارك في انقلاب 23 فبراير 1966.

وفي 1970 ساهم في انقلاب ما يسمى (الحركة التصحيحية) التي قادها شقيقه، وقام باعتقال أعضاء القيادة القطرية ورئيس الجمهورية وزجهم في السجون بأمر من أخيه.

وفي يونيو 1980 اتهم بالمسؤولية المباشرة عن مجزرة سجن تدمر، التي جاءت ردًا على محاولة اغتيال حافظ الأسد، فقامت ميليشيا (سرايا الدفاع) الطائفية التابعة له، بتنفيذ مجزرة جماعية بحق أكثر من 900 سجين، هم في العرف القانوني (سجناء عزل).

وبحسب المصادر نقلا عن صحيفة “التايمز” فقد كان لرفعت الدور الأكبر في مقتل الآلاف من المدنيين في مدينة حماه في 1982، حيث كان المشرف على العمليات العسكرية فيها، وأمر بقصفها بالطائرات رغم أن الأمر لم يكن يتطلب تدخل سلاح الجو على الإطلاق.

ووفقا لروايات الشهود من الناجين، فقد تم تطويق المدينة وقصفها بالمدفعية وراجمات الصواريخ، ومن ثم اجتياحها عسكرياً, وارتكبت مجزرة مروعة راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين من أهالي حماه.

وتشير التقارير التي نشرتها الصحافة الأجنبية عن تلك المجزرة إلى أن النظام السوري منح القوات العسكرية كامل الصلاحيات للانتقام من المدينة وترويعها وتشريد أهلها، وليس العناصر المسلحة التي لم يكن يتجاوز عددها 300 مسلح، ولتفادي الاحتجاجات الشعبية والإدانة الخارجية فرض نظام حافظ الأسد تعتيماً شاملاً على الأخبار، وقطعت طرق المواصلات التي كانت تؤدي إلى المدينة.

يذكر الصحفي الأمريكي توماس فريدمان -في كتابه (من بيروت إلى القدس) الصادر في العام 1989- أن رفعت الأسد، تفاخر في وقت لاحق بالعدد الإجمالي للضحايا وقال إنهم لا يقلون عن 38000 ألف.

كثيرون ظنوا أنه سيصبح الخليفة المرجح لأخيه في قيادة سوريا، وهذا ما دفعه لقيادة انقلاب ضد أخيه في 1984 للاستئثار بالسلطة، ولكن الرئيس حافظ الأسد حال دون ذلك، ما أدى إلى نفيه إلى الخارج وحال دون عودته إلى سوريا لأكثر من 30 عامًا، باستثناء عام 1992 عندما عاد للمشاركة في تشييع والدته.

في 2011 حاول ركوب موجة معارضة الابن بشار وأعلن عن تأييده لـ”الثورة السورية” عام 2011، وخرج في أكثر من مرة على الإعلام العربي والأجنبي يطالب فيها ابن أخيه بالتنحي، إلا أن طروحاته قوبلت باستهجان ورفض كافة أوساط المعارضة والثوار الذين تذكروا “سجله الإجرامي الأسود” لتبقى حماه واحدة من جرائمه التي لا تنسى.

لم تقتصر جرائم “رفعت” على قتل السوريين فتعدتها لتشمل الجانب الاقتصادي، إذ أمر حاكم المصرف المركزي بطبع أعداد هائلة من الأوراق النقدية من فئة الـ500 ليرة لصالحه الشخصي، ليقوم بعدها بشراء الذهب من السوق المحلي من خلال تلك الأوراق ويهربها إلى خارج البلاد في حساباته في البنوك الأوروبية لتكون أكبر خسائر الاقتصاد السوري وسببًا في انهيار العملة المحلية.

تجميد أصوله

تقدر ثروة رفعت الأسد في فرنسا، بما يقارب الـ90 مليون يورو، موزعة بين مكاتب وعقارات سكنية في أرقى المناطق الفرنسية صودرت جميعها بعد حكم قضائي من محكمة فرنسية، بعدما تأكد للمحكمة أن هذه الملكية تمت من خلال “اختلاس” أموال من خزينة الدولة السورية، في ثمانينات القرن الماضي.

وبالإضافة إلى العقارات التي يمتلكها في كل من بريطانيا وفرنسا، فإنه يملك فنادق ومصانع وعقارات سكينة ومجمعات سكنية ومطاعم تقدر بملايين الدولارات في كلا من لبنان وإسبانيا وبلجيكا وبريطانيا وسويسرا.

وبسبب الاشتباه في مصادر ثروته الضخمة في البنوك الأوروبية، أصبح قيد الإقامة في فرنسا ولا ينتقل منها إلا لإجراء الفحوصات الطبية في المملكة المتحدة ، ولا يزال قيد التحقيقات فيما يتعلق بتحديد مصادر ثرواته والتي تم تجميد بعض أصولها.

وبالأمس نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية، تقريرًا، عن بدء الادعاء العام البريطاني إجراءات لتجميد أصول، تقدر بملايين الجنيهات الإسترلينية تعود لرفعت الأسد ، إلا أن الأخير كان سباقًا وتمكن من بيعها قبل شهر من صدور القرار.

وتضيف الصحيفة أن هذه الإجراءات كانت متأخرة فلم تفلح في إيقاف عملية بيع قصر يملكه في منطقة سري جنوب العاصمة البريطانية، ولم يفلح في إيقاف صفقة بيع منزل آخر في ليذرهيد بقيمة 3.7 مليون تمت قبل شهر من قرار المحكمة، كما بيع عقار آخر في ميفير أيضا يعود للأسد بقيمة 16 مليون جنيه استرليني، اثناء تواصل التحقيقات.

وفي 2013، فتح القضاء الفرنسي تحقيقات جنائية في مزاعم أنه بنى ثروته من مال سرقه أثناء خدمته في قلب النظام السوري، وتمت إدانته بالتهرب الضريبي وتلقي أموال مختلسة في فترة السبعينيات.

وفي أبريل الماضي داهمت السلطات الإسبانية عددًا من العقارات في محيط مدينة ماربيلا على صلة بالأسد، وأشارت السلطات الإسبانية إلى أن الأسد وعائلته يملكون 503 عقارات تتراوح بين فيلات لقضاء العطلات وشقق فندقية فخمة.

وبأمر من السلطات الإسبانية تم تجميد 76 رصيدًا مصرفيًا تعود لـ 16 شخصًا على صلة بهذه القضية، ومصادرة ممتلكات أسرة رفعت الأسد، وتجميد حساباتها المصرفية في تحقيقات تجريها حاليًا بشأن غسيل الأموال.

حقيقة وفاته

وتزامنًا مع قرارات تجميد أصوله وممتلكاته في فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، تناقلت مصادر إعلامية وإخبارية أنباء عن وفاته، بأحد مستشفيات العاصمة الفرنسية.

وبحسب المصادر فإن قناة فرنسية تدعي “شاين أونلاين” نقلت خبرا مفاده، أن “رفعت” دخل المستشفى قبل أيام، إثر مرض عضال لم يتم الكشف عنه إضافة لإصابته بنوبة قلبية، وقد تم نقله إلى أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية.

وعقب تداول الأخبار، نفت مصادر مُطلعة خبر وفاته ، حيث تبين أنه لا وجود لأي قناة في الإعلام الفرنسي بهذا الاسم، إضافة لعدم تأكيد أحد من عائلته أو المقربين منه للخبر.

من جانبه، رد “رفعت الأسد”، على مطلقي الشائعات التي تحدثت عن وفاته في باريس ، قائلا “زعران وغير أخلاقيين”، وظهر حاملا نسخة من جريدة “الحياة اللندنية”، الصادرة يوم السبت 16 سبتمبر، ليدحض الشائعة.

ونشر سوار الأسد، نجل رفعت الأسد عبر صفحته على “فيسبوك”، فيديو ينفي فيه الأنباء التي تحدثت عن وفاة والده.

الموت يقترب لا محالة.. وجرائم لا تنسى، ولكن لن تعاد فيها التحقيقات مرة أخرى، فهل تسعى محاكم أوروبا لاسترداد ما يمتلكه “رفعت الأسد” والتي ستمثل نوعًا ما ضريبة لما ارتكبه بحق السوريين؟!

ربما يعجبك أيضا