“هيئة الانتخابات”.. صداع في رأس التونسيين

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

واحدة من أهم المكاسب في تونس ما بعد الثورة، والتي أصبحت محط كافة الأنظار والصراعات السياسية مؤخراً. إنها “الهيئة العليا المستقلة للانتخابات”، حيث فشل البرلمان التونسي مرتين في اختيار رئيس جديد للهيئة نتيجة الخلافات المستمرة بين حزبي نداء تونس والنهضة حول الشخصين المرشحين لتولي المنصب.

تفاهمات مفقودة

للمرة الثانية على التوالي فشل البرلمان التونسي في انتخاب رئيس جديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات خلفاً لشفيق صرصار الذي استقال مع عضوين آخرين، إلى جانب مديرين آخرين في الإدارات التابعة للهيئة في مايو الماضي.

الحسابات السياسية والمصالح الحزبية لأكبر حزبين في البلاد وهما “نداء تونس” و”النهضة” حالت دون حصول أيًا من المرشحين – نبيل بفون وأنيس الجربوعي – على النصاب القانوني الذي يمكّن من الفوز بالمنصب.

وتدعم حركة النهضة التي تحظى بـ68  مقعداً “نبيل بفون”، فيما يحظى “الجربوعي” أحد وجوه نظام بن علي بدعم “نداء تونس”.

من هما الجربوعي وبفون ؟

أثار ترشيح أحد مناشدي الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، لرئاسة هيئة الانتخابات، عاصفة من الجدل في تونس، حيث طالب بعض النواب والسياسيين بإعفائه من عضوية الهيئة ملوّحين بمقاضاته في حال رفض الاستقالة.

فالجربوعي وبحسب النائبة سامية عبّو موجود في قائمة مناشدي بن علي للترشح مجدداً عام 2009، وطالبت الهيئة بإعفائه قبل تقديم شكوى قضائية ضده تنتهي بإعفائه من منصبه.

الجربوعي هو أستاذ تعليم عال في المعهد العالي لإدارة الأعمال وأستاذ زائر في عدد من الجامعات الفرنسية، وهو حاصل على الدكتوراة من جامعة نيس الفرنسية عام 2004.

أما نبيل بفون ورغم نفي حركة النهضة دعمها له، إلا أنه محسوب على الحركة الإسلامية.

الاستقلال والحيادية

بالنظر إلى قانون هيئة الانتخابات التونسية نجد أن الفصل السابع ينص على أن المترشح لعضوية الهيئة يجب ألا يكون منخرطاً في أي نشاط سياسي طيلة السنوات الخمس الأخيرة، وألا يكون قد شغل منصباً سياسياً، أو تحمل أي مسؤولية داخل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل أو قام بمناشدة رئيس الجمهورية المخلوع للترشح لمدة رئاسية جديدة.

ويعاقب القانون بالسجن مدة ستة أشهر وبغرامة مالية قدرها ألف دينار (400 دولار) كل شخص “تعمد الإدلاء بتصريحات خاطئة أو أخفى مانعاً من موانع الترشح نص عليها القانون دون أن يمنع ذلك من تتبعه طبق أحكام المجلة الجزائية”.

ونظراً لأن كلا المرشحين محسوب على أحزاب سياسية بعينها، يطالب ساسة ومحللون سياسيون الجربوعي وبفون بعدم الترشح نظراً لأنهما لا يتمتعا بصفتا الحيادية والاستقلالية، الأمر الذي يشكك في في نزاهة الانتخابات البلدية ويعطي صورة سيئة عن الانتقال الديمقراطي في البلاد، محذرين في الوقت نفسه من تزايد تدخل الأحزاب في عمل هيئات دستورية مستقلة للإشراف على الانتخابات في البلاد.

تأجيل الانتخابات البلدية

أصبح استكمال تشكيل الهيئة بمثابة أحد أبعاد الأزمة السياسية في تونس، والتي أسفرت عن تأجيل أول انتخابات بلدية بعد الثورة عن موعدها المقرر سابقاً في ١٧ ديسمبر المقبل وإلى موعد لم يتحدد بعد، ما عزَّز المخاوف على مستقبل العملية الانتخابية، حيث عبَّرت أصواتٌ حقوقية وسياسية معارضة عن تعاظم مخاوفها على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، ومواعيده الانتخابية الكبرى، ومغبة العودة إلى مربع استبداد الحزب الحاكم.

فالهيئة التي تعدّ مفتاحاً في الانتقال الديمقراطي في تونس كونها تشرف على أهم الاستحاقات وهي الاستحقاقات الانتخابية تواجه أزمة انتخاب رئيس لها بسبب التجاذبات السياسية والمصالح الحزبية الضيقة، وباتت ملمحاً من ملامح الصعوبات التي تواجه البلاد التي تشهد انتقالاً ديمقراطياً بعد الثورة خاصة وأن إرث بن علي لا يزال موجود على الساحة السياسية.

ربما يعجبك أيضا