ميزانية إيران تنجو من “أوبك” وتلاحقها العقوبات الأمريكية

يوسف بنده

رؤية

اتفقت أوبك بالإجماع على خفض إنتاجها نحو 800 ألف برميل يوميًا، واستثنت إيران من هذا القرار. هذا الاستثناء جعل وزير النفط الإيراني يعتبره نصرًا لبلاده، والمتابع يعرف أنه ليس كذلك، حيث إن العقوبات الأمريكية الشديدة، خفضت الصادرات النفطية الإيرانية إلى النصف، والواقع أن الأمريكيين تمكنوا من خفض حصة إيران قبل أوبك.

من هذا الباب، كتبت صحيفة “جهان صنعت”، بقلم مسعود سليمي، مقالاً تحت عنون “لنتذكر أوبك”، وألقت نظرة مختلفة على منظمة أوبك، واعتبرتها منظمة عتيقة لم يعد لها التأثير الكافي، وأنها أصبحت “لعبة” بيد روسيا والولايات المتحدة، وبذلك شككت الصحيفة بما اعتبره وزير النفط الإيراني “نصرا”.

فقد أكد وزير النفط الإيراني بيجن زنكنه، أن بلاده خرجت منتصرة على قرارات ترامب من اتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بعد حصول بلاده على استثناء من اتفاق تخفيض الإنتاج.

وأكد وزير النفط الإيراني، أن بلاده حصلت على استثناء من الاتفاق على تخفيض الإنتاج من أوبك، بحسب وكالة أنباء فارس الإيرانية.

وشدد زنكنه -في وقت سابق- على أن بلاده یجب أن تستثنى من أي قرار بشأن مستوى الإنتاج، وقال: “هناك العدید من المقترحات لتقلیل الإنتاج، والأعضاء الذین یریدون خفض إنتاجهم یجب أن یقرروا ذلك”.

وأشارت وكالة “بلومبرج” -نقلا عن مصدر مطلع- إلى أن المباحثات في فيينا وصلت إلى طريق مسدود، والسبب كان مسألة مشاركة إيران في عملية التخفيض، عقب رفض الأخيرة تخفيض حصتها من إنتاج النفط.

وأكدت الوكالة، لاحقا، حصول إيران على استثناء من جميع الاتفاقات المتعلقة بتخفيض منظمة “أوبك” لتصدير النفط.

وأوصى اجتماع لجنة المتابعة الوزارية لمنظمة “أوبك ” في فيينا -في الخامس من ديسمبر الجاري- بتخفيض إنتاج النفط في النصف الأول من 2019. 

وتعتبر الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب إيران عدوتها الرئيسية، ولا تتوقف عن التحذير من “التهديد” المتزايد الذي تشكله طهران على الشرق الأوسط.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، قد نفذت الجولة الثانية من عقوباتها ضد إيران، بداية من يوم 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وتركزت على قطاعات ثلاثة، وهي: النفط والشحن والخدمات المصرفية.

وأعلنت إيران الأسبوع الماضي أنها لا تستطيع الانتظار “إلى ما لا نهاية” لوضع الاتحاد الأوروبي آلية تجارية لمساعدة طهران في بيع نفطها رغم فرض العقوبات الأمريكية. وتعمل بروكسل على انشاء آلية يُفترض أن تسهّل المعاملات المالية وبيع النفط الإيراني.

تهديد روحاني

يأتي قرار أوبك بعد أن حذر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الثلاثاء الماضي 4 ديسمبر، بأن بلاده ستمنع تصدير النفط من الخليج، في حال قامت الولايات المتحدة بوقف تصدير النفط الإيراني.

وأضاف روحاني، مخاطبًا الولايات المتحدة: “يجب أن تعرف أمريكا أنه ما لم تتمكن إيران من تصدير النفط، فلن يتمكن أي بلد من تصدير النفط من الخليج”.

وأكد الرئيس الإيراني، خلال زيارته إلى مدينة شاهرود: “ليس بمقدور أحد أن يمنع صادرات النفط الإيراني، وأن إيران ستبيع نفطها”.

وفي قاعة جامعة “سمنان”، انتقد حسن روحاني انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، قائلاً: “کان يباع في هذا البلد مليون برميل، وحولناه إلى مليوني برميل، وبعدها إلى مليونين ونصف المليون برميل. وبهذا المال، تم بناء الجامعات، وتم تعبيد الطرق، وتم شراء الطائرات، وكان الوضع جيدًا. ولكن خرج أحد الأطراف من الاتفاق، ورجعنا إلى ظروف عامي 2012 و2013، الآن ينبغي أن نرى الفرق؟ وإلى أين وصلنا في هذا الاتفاق؟”.

وكان روحاني، قبل ذلك، قد حذر من منع إيران من تصدير نفطها بالقول: “الذي يفقه قليلا من السياسة، لا يقول بمنع إيران من تصدير النفط، لدينا مضايق وأحدها مضيق هرمز”.

ودافع المرشد آية الله خامنئي، عن تصريح روحاني، ووصفه بالمهم والمعبر عن سياسة النظام ونهجه.

إرهاب اقتصادي

وقد اتهم الرئيس الإيراني الولايات المتحدة بممارسة “إرهاب اقتصادي” ودعا دول عدة مجتمعة في طهران بينها روسيا والصين إلى تشكيل جبهة موحدة ضد الضغوط أو العقوبات الأمريكية.

وقال روحاني -متوجهاً إلى رؤساء برلمانات أفغانستان والصين وباكستان وروسيا وتركيا خلال مؤتمر إقليمي في طهران- إن جميع هذه الدول قد تتعرّض لتداعيات الضغوط الاقتصادية الأمريكية المفروضة على إيران.

وصرّح روحاني -في خطاب بثه التلفزيون الرسمي- أن “العقوبات الأمريكية غير المنصفة وغير القانونية بحق دولة إيران استهدفت بلدنا في مثال واضح على الإرهاب”.

وقال روحاني -خلال هذا المؤتمر حول “الإرهاب” والتعاون الإقليمي في دورته الثانية بعد اجتماع أول عُقد في إسلام آباد في 2017- إن “الإرهاب الاقتصادي مصمم على نشر حالة ذعر في اقتصاد بلد ما وخوف في بلدان أخرى لمنع الاستثمار في البلد المستهدف”.

وأضاف الرئيس الإيراني، “نواجه هجوما شاملا لا يهدد فقط استقلالنا وهويتنا بل يهدف كذلك إلى ضرب علاقاتنا التاريخية”.

ومعظم الدول الممثلة في مؤتمر طهران تأثرت بالعقوبات أو الضغوط الاقتصادية الأمريكية.

وأكد روحاني “عندما يضغطون على التجارة الصينية نتضرر جميعا (…) عبر معاقبة تركيا، نُعاقب جميعاً. كلما هددوا روسيا، نعتبر أن أمننا في خطر”.

وقال الرئيس الإيراني: “عندما يفرضون عقوبات على إيران، يحرموننا جميعا من فوائد التجارة الدولية وأمن الطاقة والتنمية المستدامة. والواقع أنهم يفرضون عقوبات على الجميع”.

وتابع “نحن هنا لنقول إننا لا ننوي تحمل هذا النوع من الغطرسة”.

ونبه روحاني الاتحاد الأوروبي الذي يحاول الحفاظ على الاتفاق النووي بعد الانسحاب الأمريكي، من أنه سيخسر كثيراً إذا لم تفضِ جهوده للالتفاف على العقوبات الأمريكية، إلى نتيجة.

وقال إنه في حال فشلت هذه الجهود “على الأوروبيين أن يعرفوا أنهم سيضرون بقدرتنا على مكافحة المخدرات والإرهاب”، في إشارة إلى جهود طهران لمكافحة التهريب وخصوصا من أفغانستان.

ميزانية النفط

وتزامنًا مع تصريحات روحاني، قال النائب الأول للرئيس، إسحاق جهانجيري: “الولايات المتحدة تريد منع إيران من بيع نفطها. ونحن وضعنا ميزانيتنا للعام المقبل بشكل لا نعتمد فيه على عوائد النفط إلا بمقدار 25 في المائة”.

وكان جهانجيري قد قال، قبل شهرين، وقبل بدء الجولة الثانية من العقوبات:،”إن سعر النفط تجاوز الـ80 دولارًا، وفي حال تمكنا من تصدير نصف ما كنا نصدره، سنصل إلى عوائده السابقة”.

يأتي هذا، في حين انخفض سعر النفط في الأسابيع الأخيرة إلى ما دون 60 دولارًا، الأمر الذي وصفه بعض المحللين الاقتصاديين بالكارثة على الاقتصاد الإيراني.

وقال جهانجيري: “إن تحدي إيران الرئيسي هو مواجهة العقوبات الأمريكية”.

وقد وصف جهانجيري، في حوار مع وكالة أنباء “كيودو” اليابانية، تصفير صادرات النفط الإيراني بأنه “کلام خطير للغاية، لكنه مستحيل”.

ووفقًا لما قاله السيد جهانجيري، فقد وجدت إيران “طرقًا جديدة” لبيع نفطها.

وأكد نائب الرئيس الأول لإيران، دون مزيد من التوضيح لهذه الطرق الجديدة لبيع النفط: “حتى إذا قلل شركاؤنا الاقتصاديون الرئيسيون من مشتريات النفط، فسوف نجد شركاء جددًا ونبيع لهم النفط، وسنواصل هذا الطريق”.

وتحدث المسؤولون في الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا عن محاولة تصفير صادرات النفط الإيرانية بعد الجولة الجديدة من العقوبات الاقتصادية ضد إيران، بعد 4 نوفمبر الماضي.

وقال النائب الأول للرئيس الإيراني، في نفس الوقت، “إذا توقفت صادراتنا النفطية، لیکن العالم على ثقة من أننا لن نظل صامتين، وسنتخذ بالتأكيد التدابير المناسبة”.

ويعتبر النفط واحدًا من أهم قطاعات توفير الدخل للحکومة. ومع ذلك، لا يمكن توقع نسبة مبيعات النفط للسنة المقبلة، حتى الآن، بسبب العقوبات النفطية الأمريكية الجديدة، وعدم نجاح الجهود الأوروبية لإنشاء آلية مالية خاصة. وحسب التكهنات، سينخفض بيع النفط ومنتجاته في السنة القادمة إلى مليون برميل في اليوم.

ومن ناحية أخرى، فإن تذبذب معدل مبيعات النفط على مدى الأشهر القليلة الماضية، جعل من الصعب تحديد سعر البيع النهائي لكل برميل.

كما أن تغيير سياسات الحکومة فيما يتعلق بالعملة، هذا العام، وتحديد سعر العملة عند 4200 تومان، شكّلا تحديين آخرين عند وضع الميزانية، فمن غير الواضح ما إذا كان سعر الدولار سيتم تحديده في العام المقبل بناءً على سعر العملة الثابت أم على أساس سعر العملة الناتجة من بيع النفط.

القضية المهمة الأخرى، في تحديد ميزانية عام 2019، هي رواتب وأجور الموظفين. ونظرًا إلى الظروف التضخمية واحتمال زيادة التضخم، تفكّر الحكومة في زيادة رواتب الموظفين، ولكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى أي نتيجة.

توقعات

وكانت نائبة رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني، معصومة آقابور، قد قالت يوم الأحد الأسبوع الماضي: “سوف نبيع مليونًا و200 ألف برميل من النفط يوميًا، كما سيكون سعر الدولار مقابل الريال الإيراني 5 آلاف و200 تومان إيراني في السنة القادمة”.

وقبل أيام، قال المتحدث باسم الهيئة الرئاسية، في البرلمان الإيراني بهروز نعمتي، إن الميزانية الإيرانية للعام المقبل، تتوقع أن تبلغ صادرات البلاد من النفط الخام 1.5 مليون برميل يوميًا.

وأشار نعمتي، إلى احتمال أن يكون سعر الدولار في ميزانية العام الإيراني المقبل (يبدأ في 21 مار/آذار) نحو 57 ألف ريال (5700 تومان).

وأضاف: “وفقًا لما ورد من معلومات، فإن الميزانية الجديدة، حددت سعر برميل النفط عند 54 دولارًا للبرميل، ومن المتوقع أن تبلغ صادرات البلاد 1.5 مليون برميل يوميا”.

وحول المصادقة على الخطوط العامة لميزانية العام المقبل، قال نعمتي: إنه وفقًا للمادة 182 من النظام الداخلي لمجلس الشورى الإسلامي، فإن الحكومة مكلفة بتقديم لائحة الميزانية إلى المجلس لغاية الخميس المقبل، ومن المحتمل حدوث تغيير في هذا الموعد نظرًا للزيارة التي سيقوم بها رئيس الجمهورية إلى محافظة سمنان.

وأضاف، أنه بعد تسلم لائحة الميزانية تقوم اللجان المختصة بدراستها، حيث ترفع حصيلة دراساتها إلى لجنة المواءمة والتنسيق حيث يتم فيها البت في الخطوط العامة للميزانية في غضون شهر.

وصادق البرلمان الإيراني في اجتماعه الأحد الأسبوع الماضي، على الخطوط العريضة لمشروع دعم إنتاج السلع الوطنية.

الخوف من التظاهرات

وكانت ميزانية العام الحالي (2018) سببًا في اندلاع التظاهرات في إيران، فكان قد تم تسريب أجزاء من الميزانية، المقترحة لعام 2018، وهو ما سبب تفجُّر حالة الغضب في الشارع الإيراني، الذي كان يعاني أصلاً ضائقة اقتصادية كبيرة، حيث وصلت نسبة البطالة في إيران إلى 40%.

فقط اكتشف الإيرانيون أن مليارات من الدولارات تذهب إلى المنظمات “المتشددة”، منها للجيش وأخرى لـ”فيلق القدس”، ومليارات أخرى تذهب إلى المؤسسات الدينية التي تزداد ثراء، في وقت أقرت الميزانية الجديدة إنهاء الإعانات التي كانت تُقدم للملايين من المواطنين، وزيادة أسعار الوقود، وخصخصة المدارس الحكومية.

وسرعان، ما تبادل الإيرانيون على تطبيق “تليجرام”، الأوسع انتشاراً في بلادهم، تفاصيل الأجزاء المسربة، وسريعاً تفاعلوا مع الأمر بإطلاق نوع من الانتقاد والتهكم والسخرية حيال ما يجري في بلادهم.

وميزانية هذا العام تحاول مواجهة تحديات العقوبات الأمريكية، وتقديم الإجابة على المظاهرات الفئوية التي تطالب بزيادة الأجور ودفع المستحقات المالية للعمال والموظفين.

خفض الميزانية العسكرية

وفي الميزانية الجديدة، خفضت الحكومة الإيرانية مخصصات المؤسسات العسكرية، فقد صوت مجلس الوزراء في على خفض الموازنة المخصصة للتشكيلات والمؤسسات العسكرية بنسبة كبيرة قياسًا بالعام الماضي، مشيرة إلى أن الموازنة ستكون للعام المقبل 2019 نحو سبعة مليارات دولار.

وكانت الميزانية الإجمالية للمؤسسات العسكرية الإيرانية العام الماضي نحو 44 تريليون دولار، أي ما يعادل مع سعر الدولار الذي حدده البنك المركزي بنحو13.5 مليار دولار، ويأتي خفض الموازنة للمؤسسة العسكرية للعام المقبل على وقع عقوبات أمريكية شديدة ضد طهران بعد إنسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وهبوط أسعار النفط.

وانتقد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان “حشمت الله فلاحت بيشه”، عدم اهتمام الحكومة الإيرانية بالموازنة العسكرية، مضيفًا أن “الموازنة لا تتفق مع مستوى ميزانية الدفاع مع مؤشرات البلاد الأمنية والدفاعية”.

وأعرب فلاحت بشه، عن قلقه في حال مرر البرلمان مشروع الموازنة التي أرسلتها الحكومة إلى البرلمان، اليوم الأحد، وقال “الأمر مثير للقلق”، مضيفًا أن “تخفيض حصة الإنفاق على الدفاع في ميزانية العام المقبل، يتعارض مع السياسات العامة للنظام والبرامج التي تضعها المؤسسات العسكرية”.

وشدد على أن الميزانية الدفاعية واحدة من الركائز الأساسية في الموازنة وموضوع مهم جدًا للبلد.

وكان حجم الموازنة الإيرانية المخصصة للقضايا العسكرية بلغ 4 بالمئة من مجموع الموازنة العامة للبلاد للعام الجاري 2018.

وستضغط المؤسسات العسكرية ومن بينها الحرس الثوري على كتلة داخل البرلمان من أجل منع تمرير الموازنة العامة للبلاد التي أقرتها الحكومة لحين تعديل الميزانية الخاصة بالمؤسسات والتشكيلات العسكرية.

عدم رفع أسعار المحروقات

كما أكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت عدم وجود نية لدى حكومة الرئيس حسن روحانى لرفع أسعار الوقود فى ميزانية العام الجديد، وأن سعر اللتر الواحد سيقف عند 1000 تومان.

وتخشى طهران أن يتسبب رفع أسعار الوقود، فى خروج تظاهرات عارمة تشبه تظاهرات ديسمبر 2017 الماضية، التى خرجت احتجاجا على إعلان الحكومة نيتها رفع أسعار الوقود، فضلا عن الأوضاع المعيشية الصعبة والفقر والتدهور الاقتصادى وتدنى سعر العملة الإيرانية.

ربما يعجبك أيضا