المشهد السياسي في العراق.. صراعات حلفاء إيران لا تنتهي

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

زادت حدة الصراعات في المشهد السياسي في العراق، فبعد صراعات الحشد والحكومة العراقية، ظهر إلى العلن صراعات بين أجنحة مليشيات الحشد الشيعية فيما بينها.

ومن جهة أخرى ازدادت حدة الخلافات بين حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، وبين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري.

ويأتي هذا بعد يومين من غارات مباغتة شنتها طائرات إسرائيلية، على منطقة البوكمال السورية ومحيطها على الحدود العراقية، كانت تستهدف مواقع لميليشيات الحرس الثوري الإيراني وميليشيات الحشد الشعبي الموالية لها.

وسارع مسؤول في الحشد الموالي لإيران، إلى اتهام إسرائيل بالوقوف وراءها.

يذكر أن تفجيرات غامضة بدأت تصيب قواعد ومعسكرات مليشيات الحشد الموالية لإيران في يوليو الماضي وأغسطس الجاري، في بغداد ومناطق محيطة.

وألمح رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتانياهو، إلى احتمال ضلوع إسرائيل في تدمير مستودعات الأسلحة الخاصة بالحشد.

خلافات الحشد

صحيح أن تلك الخلافات تتعلق بطرق التعاطي مع القضايا السياسية وأن الجميع تلك القوى والأحزاب والمليشيات يعتبرون أنفسهم في سفينة واحدة، إلا أن أنها ظاهرة لافتة وجديرة بالدراسة، وقد أكدت قوى سياسية مشاركة في الحكومة العراقية صحة الوثيقة المسربة التي أعلن فيها نائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس، تشكيل قوة جوية تابعة للحشد لحماية معسكرات الحشد.

وكشفت صحيفة المدى العراقية عن تصاعد حدة الخلافات داخل قوى الحشد الشعبي السياسي نتيجة لتداعيات المشهد السياسي المتعلق بهذه الوثيقة، وأشارت مصادر مسؤولة إلى أن الخلاف اشتعل مع نفي مصدر مخول لصحة هذه الوثيقة.

ورأت الصحيفة أن هذه المرة الثانية في غضون أسبوعين التي تتوتر فيها العلاقة بين جناحي الحشد الشعبي سواء جناح فالح الفياض، أو جناح أبو مهدي المهندس، بسبب المواقف من التفجيرات المجهولة التي استهدفت ترسانة الحشد في عدد من المعسكرات، ورغبة قوى بالحشد في إدخال سلاح الطائرات المسيرة لحماية هذه المعسكرات، خاصة وأن بعض من التقارير زعمت أن هذه التفجيرات حصلت نتيجة لضربها بطائرات مسيرة جاءت من الخارج.

ونبهت إلى عدم كشف الحكومة حتى الآن عن نتائج التحقيقات بملابسات تلك الحوادث، واعتبرت بعض القراءات أن إعلان فريق من الحشد ومن جانب واحد تشكيل قوة جوية خاصة بالحشد بأنه رد فعل على تأخر إعلان نتائج التحقيق.

وساطة إيرانية عبر المالكي

تسعى إيران لرأب الصدع بين حلفائها من قادة الفصائل داخل هيئة الحشد الشعبي في العراق، لاسيما بعد بروز خلافات واسعة لمسها الرأي العام العراقي بين نائب رئيس الهيئة فالح الفياض ونائبه أبومهدي المهندس قبل فترة.

وتأتي تلك الوساطة الإيرانية التي انطلقت “عملياً”، الأربعاء، عبر حليفها السياسي زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي يحاول بدوره لملمة أوراق الحشد سياسياً وعقد “صُلحٍ” ما بين الفياض والمهندس.

وكان تضارب الأوامر الإدارية بين قادة هيئة الحشد الشعبي العراقي، ظهر بعدما حمل نائب رئيس الهيئة أبومهدي المهندس في (21 أب/ أغسطس الماضي)، الولايات المتحدة الأمريكية، مسؤولية استهداف مواقع ومخازن أسلحة الحشد، مهدداً بالرد بقوة على المصالح الأمريكية داخل العراق، فيما عد رئيس الهيئة فالح الفياض بيان المهندس تعبيراً عن نفسه ولا يمثل الحشد.

الجناح الإيراني

وقد نبه المحلل العراقي غانم العابد إلى خطورة الانقسامات الحاصلة في صفوف الحشد، معتبراً أن الخلافات متفاقمة ومتداخلة بين الجناح الولائي لإيران والجناح الموالي للحكومة العراقية ضمن جسد الحشد، وهذا ما يفتح الباب على احتمال أن يتصرف الولائيون ويضربون مصالح أمريكية في العراق تنفيذا للرغبة الإيرانية، وتشكيل قوة جوية إذا صح سيكون مفتاحا لاستخدام صواريخ باليستية على غرار الصواريخ الحوثية المقدمة من إيران لاستهداف دول الجوار.

أما فيما يتعلق بتغريدة الصدر، فأكد الغانم أنها بداية النهاية لحكومة عبدالمهدي بعد الرسائل السابقة والمهل التي أعطيت لها، معتبراً أن سقوطها بات مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.

الحشد ومنظومة الدفاع الجوي

فيما قالت مصادر إن مستشار الأمن الوطني العراقي ورئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، طلب خلال زيارته لموسكو شراء منظومة صواريخ.

وحددت المصادر في حديثها لصحيفة “الشرق الأوسط” نوعية هذه الصواريخ وهي “إس 300” المطوّرة أو “إس 400” الأكثر تطوراً، مشيرة إلى أن طهران شجعت بغداد على هذا الخيار.

وتوقعت مصادر دبلوماسية أن هذا الطلب العراقي سيقابَل باعتراض أمريكي مماثل للاعتراض على شراء أنقرة “إس 400″، وهو ما يزيد من دقة هذه الأزمة.

الصدر وعبدالمهدي

ويبدو أن أزمة الطائرات المسيرة وحديث قوى من الحشد عن شرائها لا يمثل وحده الأزمة التي تعيشها العراق، حيث كشفت صحيفة الجريدة الكويتية أن رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي يتعرض لضغوط قوية من القوى الأساسية الموالية لحكومته، وعلى رأسها تحالف “سائرون” المقرب لإيران الذي يرعاه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

وأشارت الصحيفة إلى أن عبد المهدي تلقي إشارات متضاربة من “سائرون”، موضحة أنه وبعد يومين على إعلان الصدر أن ما يحدث في العراق من أزمات نتيجة لسياسات الحكومة يعتبر إعلانا بنهايتها، فإن جواد الموسوي وهو نائب عن “سائرون”، اعتبر أن إقالة عبدالمهدي قريبة جداً، بسبب فشل حكومته في حفظ سيادة العراق وإبعاده عن الصراعات الإقليمية بين أمريكا وإيران.

ونبهت الصحيفة في ذات الوقت إلى أن عبد المهدي موجود في مدينة قُم الايرانية، وهو ما يزيد من حساسية ودقة هذه التصريحات، لافتة إلى تصريحات النائب في نفس التحالف أيضاً وهو برهان المهموري، والذي تحدث بنبرة مختلفة، وقال إن “تصريحات زعيم التيار الصدري ليست تخلياً عن الحكومة أو سحباً للثقة منها، بل من أجل تقويم عملها”.

تقارب الصدر وإيران

في سياق متصل، نشرت صور حديثة تجمع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وزعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، وإلى جانبهما قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني، في مجلس عزاء بذكرى عاشوراء في إيران.

ونشر سليماني في حسابه على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي، اليوم الثلاثاء، صورة تجمعه بالصدر وخامنئي، وأشار إلى أنها في مجلس عزاء حسيني.

والمفاجئ في الصورة ظهور الصدر وهو يجلس إلى جانب خامنئي وسليماني وهو من قالت عنه بعض وسائل الإعلام العربية أنه “مناهض” للسياسة الإيرانية في العراق.

وأظهرت مقاطع فيديو وصور الصدر وهو يقف في موكب يحمل اسم موكب “آل الصدر”، في مدينة قم وهو يوزع الطعام، كما أظهرت لقطات أخرى تأديته مراسم الزيارة الدينية.

ربما يعجبك أيضا