بفعل كورونا.. رمضان يفقد مذاقه في العالم العربي

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

ساعات تفصلنا عن بداية الشهر الكريم شهر “رمضان”، هي أيام ينتظرها المسلمون كل عام ولكن هذا العام رمضان في العالم الإسلامي له مذاق مختلف  فكثير من العبادات والطقوس المرتبطة بشهر رمضان ستختفي بسبب الجائحة “كورونا”.

“كورونا” هذا الفيروس الذي لا يرى بالعين المجردة أجبر العالم على المكوث في المنزل لا مساجد ولا شعائر إسلامية ولا موائد رحمن، فلا عمرة ولا طواف حول الكعبة، ولا صلاة تراويح في المسجد الأقصى، ولا صلوات جماعة ولا اعتكاف في المساجد كافة، ستتقلص زيارات رمضان وستختفي موائد الرحمن والعزائم والولائم، ولن تكون سهرات رمضانية وستتراجع بهجة أسواق رمضان.

رمضان في زمن الكورونا

مع انتشار الوباء بأغلب البلدان العربية والإسلامية وارتفاع عدد الإصابات والوفيات، تحركت الحكومات العربية والإسلامية من أجل فرض حظر للتجوال أو حجر منزلي وتطبيق التباعد الاجتماعي وغلق لأغلب الأماكن التي تشهد تجمعات كبيرة مثل الأسواق والمراكز التجارية وحتى المساجد، وفي ظل هذه المعطيات سيأتي رمضان في ظروف استثنائية وبالتالي سيكون له طعم آخر.

الفريضة الجوهرية

لا يقتصر الأمر فقط على مظاهر التباعد الاجتماعي والزيارات العائلية، وإنما حتى على الفريضة الجوهرية نفسها، فقد انطلق جدل حول ضرورة الصوم هذا العام من عدمه بسبب كورونا، وبينما هناك آراء تقول بأن ما يسببه الصوم من جفاف في الحلق يمكن أن يجعل الإصابة بالفيروس أكثر خطورة وعليه فيجوز رفع فريضة الصوم هذا العام استثناء وتعويضها بإطعام المساكين، ذهبت آراء أخرى إلى أن الصوم قائم طالما لم يثبت علميًا تأثيره على مسألة الإصابة بفيروس كورونا، وهو الرأي الذي اتجهت إليه في مصر لجنة البحوث الفقهية في مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، وحسمت النقاش بالتأكيد على غياب دليل علمي حتى الآن على وجود ارتباط بين الصوم والإصابة بكورونا وبالتالي يجب الصوم.

لا صلاة جماعة 

قرّرت وزارة الأوقاف المصرية إلغاء جميع التجمعات الدينية، وذلك بإغلاق المساجد، ومن ثُم قد نشهد للمرة الأولى رمضان بدون صلاة التراويح في المساجد وقيام الليل، إذ أكد الدكتور مختار جمعة في تصريح له، استمرار غلق المساجد ما لم تزل العلة وهو عدم تسجيل حالات إيجابية لفيروس كورونا، كما أكد على عدم وجود موائد رحمن هذا العام حفاظا على عدم التجمعات والالتزام بالإجراءات الوقائية من الفيروس، ما يهدد الفئات الأقل حظ المستفيدة من هذه الموائد.

أم الأسرة المصرية ففقدت طقسًا هامًا في هذا الشهر وهو العزائم والتجمع فعادة وبسبب ظروف الحياة والضغوط اليومية لا يكون هناك تجمعات عائلية دائمة بسبب اختلاف مواعيد الجميع فيكون شهر الخير هو الفرصة لمد جسور الود والترابط ولكن جاء قرار الحكومة المصرية بمنع التجمعات كإجراء احترازي خوفًا من انتشار “كورونا” لتكون العادة الثانوية في مهب الريح .

موائد الرحمن

الفئة الأكثر تضررًا ستكون من المحرومين والفقراء الذين دائمًا ما يلجؤون إلى موائد الإفطار الجماعي أو كما تعرف في المغرب العربي بموائد الرحمة.

غالبا ما تنظم الجمعيات والمساجد موائد إفطار جماعية لمئات الأشخاص طيلة شهر رمضان، وهناك حتى من يقوم بها بمبادرة فردية من أصحاب المال.

ولكن لا تجمعات مسموحة في فترة الحجر ولا أنشطة يكون فيها تجمعات وعليه ستغيب هده المظاهر أيضا.


صوت من المسجد الحرام

منذ أيام أعلنت رئاسة شؤون الحرمين بالمملكة العربية السعودية، تعليق الاعتكاف في الحرمين خلال شهر رمضان المقبل، ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا.

كما أعلن الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الدكتور عبدالرحمن السديس، إقامة صلاة التراويح في المسجد الحرام والمسجد النبوي، مع استمرار تعليق حضور المصلين للحرمين الشريفين، وتكون صلاة التراويح خمسة تسليمات.

ووجه بإطلاق مبادرة توزيع “سلال الإفطار الرمضانية”، وذلك بالتعاون مع إمارتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، لتعويض سفر الإفطار خلال موسم رمضان المبارك في الحرمين الشريفين والتي تم تعليقها ضمن الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا، والعمل قائم لتحويلها إلى سلال إفطار صائم توزع على المستحقين.

ولأول مرة منذ عقود، لن يتمكن المسلمون من أداء العمرة في شهر رمضان، وهو ما يعني حرمان ملايين المسلمين من أداء العمرة، إذ تشير إحصائيات وزارة الحج والعمرة السعودية إلى أن 7.5 مليون أجنبي أدوا العمرة في رمضان عام 2019 يضاف إليهم ملايين المعتمرين من الداخل، وكان متوقعاً أن يؤدي عدد أكبر منه العمرة خلال شهر رمضان لهذا العام.

لا صلاة في الأقصى

وفي القدس وبالرغم من عوائق الاحتلال، أعلن مجلس الأوقاف الإسلامية تمديد إغلاق المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وتعليق حضور المصلين إلى الصلوات من جميع أبواب المسجد الأقصى، وهو ما يعني اختفاء أجواء الاعتكاف والصلاة لا سيما الفجر والتراويح، وصلوات الجمعة في رمضان التي يشارك فيها مئات آلاف المصلين من القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، وترسم لوحة فنية وإيمانية تتكرر كل عام في المسجد الأقصى وقبة الصخرة وساحاتهما، وتعطي رسالة واضحة على عميق إصرار المسلمين على إظهار الوجه الإسلامي والعربي للمدينة في وجه محاولات تهويدها من قبل الاحتلال الصهيوني.

وأشياء أخرى

قبيل رمضان بأيام، كانت الأسواق كافة تتزين وتعرض فيها كميات هائلة من المنتجات الغذائية والتمور والعصائر والحلوى وسط أجواء مبهجة تستعد فيها العائلات لشراء حاجيات رمضان، ولكن في زمن كورونا لم تفتح الأسواق في كثير من الدول التي تطبق الحظر الكامل، بينما التزمت الأسواق المفتوحة معايير التباعد والاكتفاء ببيع الأساسيات وإن توفرت الكماليات فإن الظروف المادية الصعبة لشريحة واسعة تمنعهم من شراء كماليات رمضان المعتادة وتدفعهم هذا العام إلى الاكتفاء بالحد الأدنى من الأساسيات إلى حين تجاوز هذه الأزمة.

بالإضافة إلى ذلك تراجعت القدرات المادية لتزيين الشوارع والميادين ونشر الأضواء والفوانيس ترحيباً بقدوم الشهر الكريم حيث تم تسخير جميع الجهود المادية والمعنوية لمواجهة الآثار الكارثية لانتشار فيروس كورونا.

ربما يعجبك أيضا