موازنة لبنان 2020.. عبء جديد باقتصاد ينشد الإنقاذ

حسام عيد – محلل اقتصادي

المحتجون في بيروت لم ينجوا في منع النواب من الوصول إلى مبنى البرلمان اللبناني، كما حدث في المرات السابقة، فقد بدا واضحًا أن الجيش اتخذ قرارًا بتسهيل انتقال النواب بغض النظر عن الاحتجاجات في الشارع.

أمر سهل عملية وصولهم، واكتمال النصاب المطلوب على الرغم من مقاطعة كتلي القوات اللبنانية والكتائب، وبعض المستقلين للجلسة.

جلسة غير دستورية، انطلاقًا من كون الموازنة يجب أن تناقش بحضور الحكومة، والتي لم تنل بعد الثقة المطلوبة؛ مما يعني أن المناقشات من طرف واحد وهو مجلس النواب من دون شرح أو إبداء ملاحظات من جانب الحكومة.

وبالتالي تمرير البرلمان لموازنة 2020؛ أمر غير دستوري، وسيعرض الموازنة للطعن من قبل نواب خلال الأيام القادمة أمام المجلس الدستوري.

ورغم إقرار الموازنة، فالمرجو منها لعلاج أوضاع اقتصادية تعصف بلبنان، ليس على حد المأمول، فالعجز المتوقع سيلامس معدل الـ 7% في وقت يتسارع فيه الانهيار مع حركة احتجاجات غير مسبوقة، وهذا ما يزيد من وتيرة التساؤلات بشأن الإجراءات التي ستتبعها الحكومة الجديدة لإنقاذ البلاد.

موازنة 2020.. هزيلة تفتقد الثقة

وعلى وقع إجراءات أمنية مشدّدة، عُزل وسط بيروت وقطعت أوصاله بالبلوكات الإسمنتية في مشهد لم يألفه اللبنانيون حتى في عزّ الحرب، أقرّ مجلس النواب الموازنة بأكثرية “هزيلة” بلغت 49 نائباً في مقابل معارضة 13 وامتناع 8 نواب.

ولعل المفارقة التي سجّلتها الجلسة بحضور أكثر من 70 نائباً تصويت كتلة “المستقبل” التي يرأسها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ضد الموازنة التي أعدّتها حكومة الحريري نفسها قبل أن تستقيل بسبب الحراك الشعبي، ما طرح علامات استفهام حول “خلفية” موقف “المستقبل” المُنفصم عن الواقع السياسي.

وأحدث موقف “المستقبل” الرافض لموازنة حكومة رئيسه الحريري ضجّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذهبت بعض التعليقات إلى حدّ وصفه بـ”المُنفصم سياسياً”، ما دفع بالرئيس الحريري إلى توضيح ما حصل بقوله عبر “تويتر”: “أؤكد لكل من يهمه الأمر ولكل من يجد الفرصة مؤاتية لفبركة الحملات أن كتلة “المستقبل” لن تكون أداة للمقاطعة وتعطيل المؤسسات، وهي قامت بواجبها ولم تتهرّب من مسؤولياتها وقالت كلمتها في المجلس بصراحة تحت سقف الدستور”.

عجز ونفقات باهظة

نسبة العجز المقدرة في موازنة 2020 تبلغ حوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن تصل النفقات إلى 18.232 مليار ليرة (12.1 مليار دولار) يُضاف إليهم سلفة لشركة كهرباء لبنان بقيمة حوالى مليار دولار، على أن تتقلص الإيرادات إلى 13.395 مليار ليرة (8.9 مليار دولار).

وكان مشروع الموازنة الأساسي يتضمن خفضاً في العجز إلى نسبة 0.6% من إجمالي الناتج المحلي مقابل 7.6% في موازنة 2019، وذلك أساسا عن طريق إسقاط الفوائد المستحقة على الدين الحكومي الذي في حوزة البنك المركزي.

لكن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد حالت دون تحقيق ذلك، فكان لا بد من إجراء تعديلات على مشروع الموازنة.

كما أن الضبابية تضفي صعوبة على التنبؤ بالإيرادات. وقال رئيس لجنة المال والموازنة بالبرلمان اللبناني، إبراهيم كنعان “الإيرادات خضعت لخفض كبير جدا… يتطلب الأمر وقتا من أجل الاطلاع والتقييم الواضح للرقم الذي يمكننا أن نطمح إليه”.

ويُمكن للحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب تقديم مشاريع قوانين لتعديل الموازنة بعد حصولها على ثقة البرلمان.

ويؤكد دياب أن حكومته وضعت مواجهة “الكارثة” الاقتصادية على سلم أولوياتها.

تسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي

ومنذ أشهر، يواجه لبنان شحًا في السيولة مع ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية وفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الدولار.

وتعد الأزمة الاقتصادية الراهنة وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية. وارتفع الدين العام إلى نحو تسعين مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 150% من إجمالي الناتج المحلي.

واستقال الحريري في 29 اكتوبر على وقع الحراك الشعبي المستمر منذ أكتوبر ويطالب برحيل الطبقة السياسية كاملة.

وبعد أكثر من شهر على مشاورات حول تشكيلها، خرجت الحكومة الجديدة قبل أسبوع إلى العلن من 20 وزيراً غير معروفين بغالبيتهم ومن الأكاديميين وأصحاب الاختصاصات. وقد تمّ اختيارهم بغرض تجنب أسماء قد يعتبرها المتظاهرون استفزازية.

ويرى متظاهرون أن الحكومة الجديدة ليست سوى واجهة لفريق سياسي واحد والوزراء الجدد لا يمثلون سوى الأحزاب التي سمتهم.
 

ربما يعجبك أيضا