العراق.. خلافات أجنحة “الحشد الشيعي” تتصاعد

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

أمام الضغوطات التي تتعرض لها مليشيات الحشد الشيعية الإرهابية في العراق، بعد اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب قائد هيئة الحشد في العراق والمحرك الفعلي له أبومهدي المهندس، باتت تلك الميليشيات بين مطرقة وسندان العقوبات والقصف الأمريكي الذي يستهدف من وقت إلى آخر.

غضنفر آبادي رئيس محكمة الثورة في طهران قال من قبل: “إذا الشعب الإيراني لم ينصر الثورة سيأتي الحشد الشعبي العراقي، الحوثي اليمني، الفاطميون من أفغانستان وزينبيون من باكستان لنصرة الثورة”، هذه الكلمات لكي نعلم إلى أي حد تغلغلت إيران في العراق خاصة.

وقد ضغط النظام الإيراني على حكومة بغداد قبل شهور حتى تم دمج مليشيات الحشد الشعبي الشيعية في الجيش العراقي، وهو ما يعني أن التغول الإيراني في العراق تم شرعنته، ليس ذلك فقط، وإنما باتت تلك المليشيات التابعة لإيران تهيمن على كامل المشهد السياسي في العراق!، ولكن الحقيقة أن تلك الميليشيات مستقلة بذاتها، ولا يملك قادة الجيش العراقي الذي أسسته أمريكا أي سلطة عليه.

انقسام الحشد

ولكن ينبغي كذلك أن نعلم أننا اليوم أمام معسكرين داخل “الحشد”: الأول يضم الفصائل الشيعية العراقية المرتبطة بالنجف وكربلاء، والثاني الفصائل الشيعية الولائية، وهي المرتبطة عقائديًّا بالمرشد الإيراني علي خامنئي وفي مقدمتها كتائب “حزب الله – العراق”، وكتائب النجباء.

حاولت قيادات الحشد المنقسمة على نفسها، إخفاء خلافاتها، ولكن لم يعد هذا الأمر ممكنا أمام تفاقم تلك الخلافات، منذ مقتل قائد “فيلق القدس” الإيراني السابق قاسم سليماني ونائب قائد “الحشد” أبو مهندي المهندس بغارة أمريكية في بغداد في يناير/ كانون الثاني الماضي.

فصائل الحشد

فصائل الحشد التابعة للنجف وكربلاء متواجدة في مدينة سامراء، ومناطق شمال بغداد وشرق الفلوجة، وكلها مناطق سنية خالصة، وهي لها جرائم وانتهاكات ولكنها بجانب الفصائل “الولائية” تصنف بأنها أقل خطرا، فالأخيرة خطفت الآلاف من العرب السنة في العراق ومصير الغالبية العظمى منهم مجهول ونكلت بمئات الآلاف من العرب السنة، وهجرت الملايين منهم خصوصا من مناطق حزام بغداد وما جرف الصخر عنا ببعيد.

ولكن الخلاف بينهم ليس هنا، وإنما كيف نتعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية وقواتها في العراق، خصوصا أنهم هؤلاء يدركون أنهم وصلوا للحكم في العراق عبر الدبابة الأمريكية, فمع اغتيال الولايات المتحدة سليماني وأبومهدي المهندس، تغيرت الموازين وبدأت بعض فصائل الحشد الموالية لخامنئي عقائديا بقصف القوات الأمريكية في قواعدها بالتاجي وكركوك والمنطقة الخضراء وغيرها من القواعد.

الفصائل المحسوبة على مرجعيات النجف وكربلاء ترى أن استهداف القواعد الأمريكية من قبل الفصائل المحسوبة على الحرس الثوري وإيران، سيعرض مواقعها أيضا للقصف، لأن من وجهة نظرها فإن أمريكا لن تفرق في القصف بينهم وبين الفصائل الولائية، خصوصا أن القصف وصل إلى كربلاء، وهو الأمر الذي حرك فصائل كربلاء والنجف لوضع حد ذلك.

وبحسب مراقبين، “ينضوي في الفصائل التابعة للنجف وكربلاء أكثر من 40 ألف مقاتل، عدا عن فصيل “سرايا السلام”، التابع لزعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، الذي يضع نفسه خارج التصنيفين الحاليين لفصائل “الحشد”. وأبرز هذه الفصائل: فرقة العباس القتالية التي تضم سبعة آلاف مقاتل، فرقة الإمام علي (سبعة آلاف مقاتل أيضًا)، لواء علي الأكبر (3 آلاف مقاتل)، لواء أنصار المرجعية (3 آلاف مقاتل)، وفصائل أخرى مقرها النجف وكربلاء، وينضوي في إطارها نحو 21 ألف عنصر، وتسمى فصائل الإسناد والدعم اللوجستي”.

الخلاف فكري ومالي وتنظيمي

بعض الموالين لمقتدى الصدر، رأوا أن الخلاف ليس  عسكريًّا، أو تنظيميًّا، بل هو فكري، لأن الفصائل التابعة لإيران، تحاول فرض ولاية الفقيه، ومبدأ ضرورة تبعية العراق لإيران، وفرض نظرية المصير الواحد.

كذلك ميثم الزيدي، قائد فرقة العباس القتالية، اتهم في وقت سابق قيادة “الحشد الشعبي” بالتمييز بين الفصائل المسلحة في ما يتعلق بالمخصصات المالية والأمور اللوجستية الأخرى.

من جهته نفى رئيس هيئة “الحشد” فالح الفياض تسمية فصائل الحشد الموالية لإيران لزعيم كتائب “حزب الله – العراق” ، المدعو أبوفدك (أبوعزيز المحمداوي)، الملقب بالخال، خلفًا للمهندس، وأكد الفياض في تصريحات صحفية، أنه لا وجود لجهة تحمل اسم “شورى الحشد”، والجدير بالذكر أن فصائل الحشد التابعة لمرجعيات النجف وكربلاء، رفضت تعيين أبوفدك خلفًا للمهندس، خصوصا بعدما علموا أنه اقتراح لحسن نصر الله زعيم الميليشيات الشيعية اللبنانية، وعرضه على القائد الجديد لـ”فيلق القدس” الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني. وبحسب المصادر، فإن هذا الأمر أزعج مرجعية النجف، وكذلك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وفصائل مسلحة أخرى.

لقاءات مع وزارة الدفاع

وبحسب مصادر عراقية، فقد جمع لقاء “زعماء أبرز أربعة فصائل مسلّحة مرتبطة بالنجف وكربلاء، وتعتبر الأقرب للجيش العراقي والأكثر التزامًا بقرارات الحكومة، بوزير الدفاع نجاح الشمري، كان منهم زعيم لواء علي الأكبر، علي الحمداني، وقائد فرقة العباس، ميثم الزيدي، وزعيم لواء أنصار المرجعية، حميد الياسري، فضلًا عن قائد فرقة الإمام علي، طاهر الخاقاني.

المتحدث العسكري باسم الحكومة العراقية، اللواء الركن عبد الكريم خلف، نفى انسحاب أربعة ألوية من هيئة “الحشد الشعبي” وانضمامها إلى وزارة الدفاع، مؤكدًا أن لا علاقة تنظيمية وإدارية بين “الحشد” ووزارة الدفاع، إلا أن مصادر أخرى تحدثت عن عكس ذلك، وأن هذه الفصائل بصدد خلق مساحةٍ مميزة لها، حتى لا تحترق بأي معادلة دولية أو إقليمية تحاول الفصائل الأخرى المرتبطة بإيران زجّ العراق فيها.

وأكدت المصادر أن وزير الدفاع نجاح الشمري أبلغ قادة الفصائل في “الحشد” التي التقاها أخيرًا، بأنه ليس بالإمكان دمجهم في إطار وزارة الدفاع، كون “الحشد” لا يمتلك درجات وظيفية، وأيضًا فإن هذه الخطوة تتعارض مع قانون الوزارة في ما يتعلق بشروط العمر والرتبة والتدريب والتحصيل الدراسي والراتب والتصنيف القتالي واللوجستي، فضلًا عن تأثير أي دمج من هذا النوع على التوازنات الطائفية، أي بالنسبة لتأثيرها على المكونات السنية والكردية والأقليات في الجيش العراقي.

ربما يعجبك أيضا