انتخابات الكنيست الـ22.. اكتمال عقد تحالفات تفتيت الأصوات

محمد عبد الدايم

رؤية – محمد عبدالدايم

أصبح الأمر رسميا ومنتهيا، بعد إغلاق باب التقديم للانتخابات الإسرائيلية المكررة في سبتمبر المقبل، 32 قائمة انتخابية قدمت أوراقها للجنة الانتخابات المركزية، في تراجع كبير لعدد القوائم، حيث بلغ عددها في انتخابات إبريل الماضي 47 قائمة، وهو أكبر عدد من القوائم، وما لبث أن تراجع بعد إغلاق باب التسجيل إلى 41 قائمة، في حين أدى تكرار الانتخابات مرتين في عام واحد إلى تراجع عدد القوائم المتنافسة، حيث عزفت بعض الأحزاب والكيانات السياسية عن الدخول في السباق، ربما لعدم توافر سيولة مالية للإعداد والدعاية والتنظيم، واستشعار البعض صعوبة الوصول إلى نسبة الحسم المؤهلة لدخول الكنيست.

كاحول لافان على حاله

رغم التكهنات المستمرة منذ أشهر بقرب حل تحالف كاحول لافان، بسبب خلافات داخلية بين الأربعة الكبار بيني جانتس ويائير لابيد وموشيه يعلون وجابي أشكنازي، فإن التحالف “المعارض” لنتنياهو ظل متماسكا، ولو أمام الجمهور الإسرائيلي، وكرر دخوله المعركة الانتخابية للمرة الثانية بتشكيله ذاته، وشهدت الأيام الأخيرة سيلا من التصريحات الدعائية “اليمينية” لزعيم التحالف بيني جانتس، في رغبة ربما لنفي توصيف تحالف بمعسكر “يسار”، وفي محاولات لاجتذاب أصوات جمهور من اليمين الإسرائيلي، في حين شدد يائير لابيد من هجومه على الحريديم، وتبادل معهم اتهامات بـ”العنصرية”، ومن المؤكد أن هذا التحالف لن ينال صوتًا من جمهور اليمين الديني والحريديم.

نتنياهو يقبض على حزبه وينظم صفوف حلفائه

في سابقة هي الأولى من نوعها بإسرائيل ألزم حزب هاليكود أعضاءه في قائمة المرشحين الـ40 للانتخابات القادمة بالتوقيع على تعهد بالتوصية لنتنياهو لتشكيل الحكومة، وهو الأمر الذي يعكس سطوة الملك بيبي على كوادر حزبه، ومن ناحية أخرى يعكس قلقه من انفلات أحدهم عن مساره وانقلابه عليه في مرحلة ما، خصوصا مع تواتر دعوات “مستكينة” لعدم استمراره على رأس الحزب.


قبل إقرار هذا التعهد بالإخلاص لنتنياهو؛ اندمج حزب كولانو (كلنا) برئاسة وزير المالية موشيه كحلون مع حزب هاليكود، وأُعلن عن حل الحزب كلية، ودخل أربعة من قياداته في قائمة هاليكود للانتخابات.

يتعامل نتنياهو مع أعضاء حزبه باعتباره الرجل الأول الآن ومستقبلا، في إشارة لمؤيديه ومعارضيه بالحزب إلى تمسكه بالاستمرار في الزعامة حتى آخر رمق، وعدم السماح لقضايا الفساد أن تسحب البساط من تحته.

في المقابل ظل نتنياهو ضاغطا بقوة على حلفائه من أحزاب اليمين الصهيوني الديني لينتظموا معا في تحالف واحد يجمعهم تحت قيادة أييلت شاقيد، المفضلة لديه.

بعد ضغوط نتنياهو؛ تربعت أييلت شاقيد في المركز الأول بالقائمة الموحدة لأحزاب اليمين، بدلا من الحاخام رافي بيرتس رئيس حزب هابيت هايهودي (البيت اليهودي)، وأصبح تحالف أحزاب اليمين يضم كلا من حزب هايمين هاحاداش (اليمين الجديد) بوجود شاقيد ونفتالي بينط، والذي فشل في دخول الكنيست في إبريل، إلى جانب حزبي هابيت هايهودي، وهائيحود هاليئومي (الاتحاد القومي)، في حين انشقت عنهم حركة عوتسما يهوديت (قوة يهودية) المنبثقة عن حركة كاخ اليهودية الإرهابية.
اللافت في هذا التحالف هو وجود أييلت شاقيد في رئاسته، وهي المرة الأولى التي تتزعم امرأة يمينة علمانية تيارا انتخابيا يمينيا صهيونيا متشددا، وقد لاقى هذا الأمر معارضة من حاخامات متشددين، غير أن ضغوط نتنياهو دفعت لتصدير شاقيد على رأس القائمة، رغم أنها خسرت في انتخابات الكنيست الـ 21 في إبريل.

إلى جانب حركة عوتسما يهوديت التي رفضت الدخول في تحالف أحزاب اليمين، قررت قائمة حزب زهوت (هوية) هي الأخرى التسابق منفردة، وعلى رأسها موشيه فيجلن، الذي رفض الدخول هو الآخر في قائمة شاقيد، كذلك انضوى حزب نوعم (رِقة) للتنافس منفردا، وهو حزب ديني متشدد تم تدشينه مؤخرا، وفشلت مباحثات اتحاده مع عوتسما يهوديت.

إذًا، فشلت محاولات جمع قوى اليمين الديني الصهيوني في قائمة واحدة، بخروج الثلاثي عوتسما يهوديت وزهوت ونوعم، لكن على الأقل اتحدت القوى الأكبر في قائمة أحزاب اليمين، وهي الداعم الأكبر لنتنياهو، وأعلنت شاقيد وقائمتها دعمهم المطلق له لتشكيل الحكومة المقبلة.

لكن التوقعات بحرق آلاف الأصوات في صفوف اليمين المتشدد هي ما تقلق نتنياهو وحلفائه، خصوصا مع التقديرات بحرق أكثر من ربع مليون صوت في انتخابات إبريل الماضي، في حين يتحرك نتنياهو بكل قوته لحصد أغلبية تدعمه، وتغنيه عن الالتجاء لأفيجادور ليبرمان مرة أخرى.

عصا ليبرمان في عجلة نتنياهو

بعد أن أفشل تحركات نتنياهو لتشكيل حكومة ائتلافية؛ ارتفعت فجأة أسهم أفيجادور ليبرمان رئيس حزب يسرائيلبيتينو (إسرائيل بيتنا)، وقدرت استطلاعات الرأي حصوله على 9 مقاعد، وربما 10 في الانتخبابات المقبلة، وهو الأمر الذي يقلق نتنياهو كثيرا، ويقلق حلفائه من الحريديم أكثر، لسابق الخلاف القائم بين الطرفين، خصوصا وأن ليبرمان ما يزال مصرا على تمرير قانون تجنيد الحريديم، وهو القانون الذي ترفضه الأحزاب الدينية، وبسببه فشل نتنياهو في تأليف حكومته.

في المقابل يلعب ليبرمان بورقة “حكومة وحدة وطنية”، حيث يضغط إعلاميا على تحالف كاحول لافان، وهاليكود كي يتحدا معا ويدشنا حكومة ائتلاف يمينة تواجه أحزاب اليسار الصهيوني، على أن تكون حكومة يمينة علمانية، دون الخضوع لابتزاز الأحزاب الدينية والحريدية.

يحاول ليبرمان، أن يظهر أمام الجمهور الإسرائيلي كمن يضع قواعد اللعبة، ويمسك خيوطها بيديه، ويستمر في التهديد بعدم التوصية بنتنياهو ليشكل الحكومة المقبلة مالم يوافق على شروطه، وأهمها تمرير قانون التجنيد، في حين يبدو أن نتنياهو قد ضاق ذرعا بالذئب ذي الأصول السوفيتية، حتى أن تقارير إعلامية تتحدث الآن عن مواءمة بين هاليكود وتكتل كاحول لافان يسمح لنتنياهو باستبعاد ليبرمان من الحكومة، حتى لو اضطر لمشاركة حكومته مع بيني جانتس ويائير لابيد، لكن هذا السيناريو يظل مرفوضا بشدة من أحزاب اليمين الديني.

تحالفات “اليسار الصهيوني”

بعد رفض عمير بيرتس رئيس حزب هاعفودا (العمل) التحالف مع صديق الأمس إيهود باراك رئيس حزب يسرائيل ديمقراطيت (إسرائيل ديمقراطية)؛ أصبح التحالفان الممثلان لما يسمى بـ”اليسار الصهيوني” هما تحالف هاعفودا مع جيشر (جسر)، وتحالف هامحنيه هاديمقراطي (المعسكر الديمقراطي) الذي يضم حزب يسرائيل ديمقراطيت مع ميرتس (عزيمة).

ربما يكون السبب الرئيس لرفض عمير بيرتس أن يدخل في تحالف مع باراك أنه يفكر في احتمال أن يلجأ نتنياهو لحزب هاعفودا عند تشكيل الحكومة المقبلة، وبالتالي يضمن عمير بيرتس المشاركة في هذه الحكومة، في حين أعلن إيهود باراك أن عودته للسياسة هدفها إسقاط نتنياهو وإنهاء عصره.

مغامرة بيرتس سلاح ذو حدين، فمن ناحية يمكن أن ينتشل حزبه من الانهيار الكبير بمشاركة نتنياهو في حكومته المقبلة، ولكن من ناحية أخرى يمكن أن يخسر الجلد والسقط، فمعركة تكسير العظام بينه وبين تحالف باراك/ ميرتس، يمكن أن تؤدي إلى حرق آلاف الأصوات، خصوصا وأن حزبه هاعفودا قد مني بخسارة فادحة في انتخابات إبريل، بعد أن أقدم رئيسه السابق آفي جفاي على فك التحالف مع تسيبي ليفني قبيل الانتخابات مباشرة، والنتيجة حصوله على 6 مقاعد فقط.

لعبة الكراسي الموسيقية الآن بين التحالفات الثلاثة: كاحول لافان، وهاعفودا/ جيشر، وهامحنيه هاديمقراطي، حيث ستتنافس القوائم الثلاثة على أصوات الجمهور الإسرائيلي الذي لا يصوت لنتنياهو وحلفائه من اليمين الديني، مما قد يؤدي إلى إضعاف الثلاثة في الأخير لصالح هاليكود.

عودة القائمة العربية المشتركة

على إثر الخلافات التي دبت في صفوف فلسطيني إسرائيل؛ تفككت القائمة العربية المشتركة، وخاض فلسطينيو الداخل انتخابات إبريل بقائمتين، مما أضعفهما معا، حيث حصدت قائمة الجبهة والحركة العربية على 6 مقاعد، بينما حصدت قائمة الموحدة والتجمع على 4 مقاعد.

أخيرا؛ قبل أيام قليلة من تقديم القوائم الانتخابية، وبعد مفاوضات لأكثر من شهر؛ عادت القائمة العربية المشتركة إلى الصورة مجددا، بتحالف أحزاب الجبهة الديمقراطية، والقائمة العربية الموحدة، والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير، مما رفع عدد مقاعد القائمة في استطلاعات الرأي إلى نحو 12 مقعدا، أي أكثر من عدد مقاعد القائمتين في انتخابات إبريل.
 

ربما يعجبك أيضا