“أريد سلامًا يدوم”.. مطالب المرأة الأفغانية من محادثات الحكومة وطالبان

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

في غضون أيام، ستبدأ محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، بعد أن حُلَّت آخر عقدة على طريق الحوار، المؤجَّل انعقاده منذ خمسة أشهر في انتظار الانتهاء من ملفّ تبادل الأسرى، باعتباره شرطا رئيسا وضعته الحركة في اتفاقها الموقّع مع الولايات المتحدة الأمريكية نهاية فبراير الماضي.

وأبدت الحكومة الأفغانية وطالبان، استعدادهما للجلوس إلى طاولة المباحثات، إيذانا بانطلاق مرحلة جديدة، تُقلِّص فيها واشنطن عدد قوّاتها من 8.600 إلى أربعة أو خمسة آلاف عسكري، تمهيدا لانسحاب كامل القوات، بحلول منتصف العام المقبل.

جاء ذلك بعد الموافقة على إتمام عملية الإفراج عن الدفعة الأخيرة مِن أسرى “طالبان”، والتي جاءت بفعل ضغوط مارستها الولايات المتحدة على الحكومة الأفغانية، حيث قام الرئيس الأفغاني، أشرف غني، بدعوة المجلس الكبير، اللويا جيرغا، إلى الانعقاد.

وعلى مدى ثلاثة أيام، شارك 3200 من زعماء القبائل وغيرهم من الشخصيات المؤثّرة في المجتمع الأفغاني لبتّ مصير البند العالق، ليوافقوا في ختام المجلس، على إطلاق سراح 400 مقاتل مِن حركة طالبان مِن أجل إزالة العقبات التي تمنع بدء محادثات السلام.

خطوط حمراء

وتخشى العديد من النساء أن يتم التضحية بالحريات المكتسبة في العشرين عامًا منذ سقوط طالبان في المحادثات، حيث تم تضمين خمس نساء فقط في فريق التفاوض المؤلف من 21 عضوًا.

وبدأ النساء يشاركن “خطوطهن الحمراء” بشأن التقدم الذي يرفضن التفاوض عليه، وأطلقت فرحناز فوروتان والتي تعمل صحفية، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتسأل النساء عن الحقوق التي لن يحق لهن التفاوض عليها، وتُستخدم الشهادات للضغط على القادة الأفغان والدبلوماسيين الأجانب وجماعات المجتمع المدني.

تحكي “فوروتان”، كنت في الثالثة من عمري عندما سيطرت طالبان على كابول، وكان ذلك عام 1996، كنت جالسة في حضن أمي، في حافلة صغيرة، وكانت تبكي، لم أفهم لماذا كانت تبكي، ففي ذلك اليوم أصبحت فيه عائلتنا لاجئة”.

وتضيف: “بدأت الحرب الأهلية، وكان علينا مغادرة وطننا وبلدنا للعيش في إيران، عيشنا أحياء لكننا نعيش في ألم ونواجه التمييز”.

في عام 2001 عادت “فوروتان” وعائلتها إلى أفغانستان، والآن تعمل على التأكد من أن المسلحين الذين أزعجوا طفولتها لا يستخدمون محادثات السلام القادمة لدحر المكاسب التي حققتها النساء.

“الولايات المتحدة والعالم يسلماننا للجماعة التي لا تزال تقتلنا كل يوم في شوارعنا، وفي مدارسنا وحتى في منازلنا، لقد خدرنا الصمت والحرب والعنف والألم لفترة طويلة جدًا، لكن الآن نريد أن نصرخ وأن يتم سماع صوتنا”، بحسب “فوروتان”.

“أريد سلامًا يدوم”

ومن هلمند، إحدى المقاطعات الأكثر تضررًا من النزاع، تتحدث امرأة في منتصف العمر، في أحد مقاطع الفيديو عبر مواقع التواصل: “أريد سلامًا يدوم” السلام لمدة خمسة أيام ليس جيدًا لي أو لأي شخص، تعرضت للجلد في الأماكن العامة مرة أثناء اصطحاب طفلي المريض إلى الطبيب، عندما سألت الرجل لماذا ضربني، قال لي ألا أغادر المنزل بدون رجل، زوجي معاق وأنا معيل الأسرة، كيف لا أستطيع مغادرة المنزل؟ نريد سلامًا دائمًا لا تُداس فيه حقوق المرأة”.

تقول ناجينا أنواري، مهندسة برمجيات، إن عملية السلام تخيفنا، أنا خائفة لأن لا يمثلنا سوى عدد قليل من الشخصيات الرمزية التي تتفاوض نيابة عني بشأن عودة محتملة لطالبان”.

من جانبها تقول أنواري، من قندهار في حديث لصحيفة “الجارديان” البريطانية: ” ذكريات فظائع طالبان لا تزال حية، أتذكر عندما كنت في الصف الأول وأحرقوا مدرستي لأنهم رفضوا تعليم الفتيات، أتذكر مواساة النساء اللواتي نجين من الهجمات الحمضية من قبل طالبان لأنهن اخترن الانضمام إلى القوى العاملة، تمامًا مثلما أفعل، هذه المخاوف حقيقية، وذعرنا حقيقي، المشاركون في محادثات السلام لا يعرفون حقًا ما هي خطوطنا الحمراء، أو مخاوفنا بشأن فقدان كل شيء عملنا من أجله”.

وتحظى حملة فوروتان بدعم هيئة الأمم المتحدة للمرأة في أفغانستان، وتقول إنه من المهم جمع العديد من الآراء المختلفة لأن إرادة الفتاة في العاصمة كابول، تختلف عن تلك الفتاة التي تعيش في بنجواي “قندهار”.

“الفتاة في كابول تعمل من أجل تغطية نفقاتها والسعي للحصول على حقوق متساوية، بينما تظل الفتاة في القرية مستيقظة طوال الليل لأنها لم تعد قادرة على الذهاب إلى المدرسة ويجب عليها الزواج، ظروفهم مختلفة لذا فإن مطالبهم مختلفة”، بحسب “فوروتان”.

لكنها تضيف: “المشكلة ليست في اختلاف المطالب، المشكلة هي أن البعض يريد استخدام هذا الاختلاف كمطرقة لضربنا على الرأس”.

خلال رحلاتها، من المدن إلى المناطق النائية غير الآمنة، صادفت فروتان قصصًا مفجعة، تقول “قابلت فتيات صغيرات، ذكيات جدًا، تزوجن مبكرًا، وفقدت الكثيرات منهم أزواجهن في الحرب وتحولن إلى أرامل صغيرات مع أطفال صغار، رأيت امرأة فقدت أكثر من 20 من أفراد عائلتها”.

وتشير إلى امرأة أخرى تزوجت ثلاث مرات في نفس المنزل؛ أولاً لشقيق زوجها بعد مقتله، ثم إلى الأخ الأصغر بعد مقتل الثاني، فماذا بقي منها إلا جسد فارغ مقفر خُدَّع للحرب والجهل؟”.
لكن حملة “فوروتان” جمعت أيضًا قصصًا عن القوة، تقول “لقد شاهدت نساء مررن بكل هذه المصاعب وما زلن يعملن بلا كلل حتى يتمكن أطفالهن من الدراسة، لقد ألتقيت بالفتيات اللواتي تحدّين بجرأة الصور النمطية للمجتمع في مدنهم التي يسيطر عليها الذكور”.

” النساء الأفغانيات لا يقلقن فقط بشأن حقوقهن، النساء قلقات بشأن النظام ووالحقوق التي حصلنا عليها في العشرين عامًا الماضية، حتى لو كانت بها عيوبها، فإن الأمر يستحق، هذه ليست مطالب أنثوية أو ذكورية؛ هذه هموم عامة بين الناس”، بحسب “فوروتان”.

“أريد سلامًا يدوم”

ومن هلمند، إحدى المقاطعات الأكثر تضررًا من النزاع، تتحدث امرأة في منتصف العمر، في أحد مقاطع الفيديو عبر مواقع التواصل: “أريد سلامًا يدوم” السلام لمدة خمسة أيام ليس جيدًا لي أو لأي شخص، تعرضت للجلد في الأماكن العامة مرة أثناء اصطحاب طفلي المريض إلى الطبيب، عندما سألت الرجل لماذا ضربني، قال لي ألا أغادر المنزل بدون رجل، زوجي معاق وأنا معيل الأسرة، كيف لا أستطيع مغادرة المنزل؟ نريد سلامًا دائمًا لا تُداس فيه حقوق المرأة”.

تقول ناجينا أنواري، مهندسة برمجيات، إن عملية السلام تخيفنا، أنا خائفة لأن لا يمثلنا سوى عدد قليل من الشخصيات الرمزية التي تتفاوض نيابة عني بشأن عودة محتملة لطالبان”

من جانبها تقول أنواري، من قندهار في حديث لصحيفة “الجارديان” البريطانية: “ذكريات فظائع طالبان لا تزال حية، أتذكر عندما كنت في الصف الأول وأحرقوا مدرستي لأنهم رفضوا تعليم الفتيات، أتذكر مواساة النساء اللواتي نجين من الهجمات الحمضية من قبل طالبان لأنهن اخترن الانضمام إلى القوى العاملة، تمامًا مثلما أفعل، هذه المخاوف حقيقية، وذعرنا حقيقي، المشاركون في محادثات السلام لا يعرفون حقًا ما هي خطوطنا الحمراء، أو مخاوفنا بشأن فقدان كل شيء عملنا من أجله”.

وتحظى حملة فوروتان بدعم هيئة الأمم المتحدة للمرأة في أفغانستان، وتقول إنه من المهم جمع العديد من الآراء المختلفة لأن إرادة الفتاة في العاصمة كابول، تختلف عن تلك الفتاة التي تعيش في بنجواي “قندهار””.

“الفتاة في كابول تعمل من أجل تغطية نفقاتها والسعي للحصول على حقوق متساوية، بينما تظل الفتاة في القرية مستيقظة طوال الليل لأنها لم تعد قادرة على الذهاب إلى المدرسة ويجب عليها الزواج، ظروفهم مختلفة لذا فإن مطالبهم مختلفة”، بحسب “فوروتان”.

لكنها تضيف: “المشكلة ليست في اختلاف المطالب، المشكلة هي أن البعض يريد استخدام هذا الاختلاف كمطرقة لضربنا على الرأس”.

خلال رحلاتها، من المدن إلى المناطق النائية غير الآمنة، صادفت فروتان قصصًا مفجعة، تقول “قابلت فتيات صغيرات، ذكيات جدًا، تزوجن مبكرًا، وفقدت الكثيرات منهم أزواجهن في الحرب وتحولن إلى أرامل صغيرات مع أطفال صغار، رأيت امرأة فقدت أكثر من 20 من أفراد عائلتها”.

وتشير إلى امرأة أخرى تزوجت ثلاث مرات في نفس المنزل؛ أولاً لشقيق زوجها بعد مقتله، ثم إلى الأخ الأصغر بعد مقتل الثاني، فماذا بقي منها إلا جسد فارغ مقفر خُدَّع للحرب والجهل؟”.
لكن حملة “فوروتان” جمعت أيضًا قصصًا عن القوة، تقول “لقد شاهدت نساء مررن بكل هذه المصاعب وما زلن يعملن بلا كلل حتى يتمكن أطفالهن من الدراسة، لقد ألتقيت بالفتيات اللواتي تحدّين بجرأة الصور النمطية للمجتمع في مدنهم التي يسيطر عليها الذكور”.

” النساء الأفغانيات لا يقلقن فقط بشأن حقوقهن، النساء قلقات بشأن النظام ووالحقوق التي حصلنا عليها في العشرين عامًا الماضية، حتى لو كانت بها عيوبها، فإن الأمر يستحق، هذه ليست مطالب أنثوية أو ذكورية؛ هذه هموم عامة بين الناس”، بحسب “فوروتان”.

ربما يعجبك أيضا