الجرائم الإلكترونية في الأردن.. “جائحة” من نوع آخر والأطفال في “عين العاصفة” ‎

علاء الدين فايق
رؤية – علاء الدين فايق 

عمّان – باتت وحدة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام في الأردن، واحدة من أكثر المؤسسات الأمنية في المملكة نشاطا في ظل ارتفاع الشكاوى والقضايا الخاصة بهذا الشأن.  

فقد سجلت إدارة وحدة الجرائم الإلكترونية 8 آلاف قضية خلال العام 2019 مقارنة مع 40 قضية العام 2008، وهو رقم مقلق جدا، سيما أن عددا كبيرا من هذا القضايا ضحاياها من الأطفال.  

وتركّزت معظم القضايا في الابتزاز، واختراق المواقع الإلكترونية والحسابات، والاحتيال الإلكتروني، وجرائم التنمّر والقدح والذم، وغيرها.

والحقيقة، أن هذه الإحصائيات بحسب خبراء في الأمن، لا تعكس بالضرورة واقع الجريمة، فالكثيرون من الأشخاص لا يقدمون شكوى ولا يبلّغون، ولكنها مؤشرا على تنامي معدل الجريمة كمّا ونوعا.

سياسة المنع لا تجدي نفعا 

من جانبه، دعا النقيب سليمان الشرفات من وحدة الجرائم الإلكترونية في الأمن العام، أولياء الأمور والأهالي الحضور الدائم مع أطفالهم على الفضاء الإلكتروني ومشاركتهم منصات التواصل الاجتماعي والألعاب وغرف الدردشة، وعدم اتباع سياسة المنع؛ لاعتبار أن ذلك يدفع الأطفال للتمرد والوصول للفضاء الإلكتروني بعيدا عن مراقبة وحماية الأهل، ما يعرض سلامتهم وأمنهم للخطر.

وأوضح الشرفات، أن منع الأطفال من الإنترنت هو أسلوب قديم، خاصة في ظل إجراءات التباعد الاجتماعي الصحية التي تفرضها جائحة كورونا، واعتبارات نظام التعليم عن بعد.

وأكّد النقيب، أن الأطفال يكونوا في خطر إذا كانوا لوحدهم، ولكن إذا كان الأهل شركاء وحاضرون معهم فسيستطيعون توجيههم ومراقبتهم وحمايتهم ما أمكن.

وأكد أن “الفضاء الإلكتروني بيئة محفوفة بالأخطار، وفرصة للتقارب مع غرباء لا نعرف توجههم الفكري والسلوكي والثقافي الذي لا يناسب منظومتنا الأخلاقية والفكرية”.

وقال إنه “وفي ظل غياب دور المدارس، فإننا نراهن على وعي ومسؤولية الأهالي بالمجال، وعليه يجب ملاحظة أي سلوكيات غريبة وتغيرات في تصرفات وفي طرق التواصل والتعبير لأطفالنا”.

وأشار الشرفات إلى أن الجرائم الإلكترونية في تنامي مستمر وبصورة مطردة؛ نظرا للتوسّع التكنولوجي واعتماد المواطن على الخدمات الإلكترونية.

ما هي الجريمة الإلكترونية؟

يعرف الأمن العام في الأردن، مصطلح الجريمة الإلكترونية، بأنها تعني تلك الجرائم التي تُرتكب باستخدام الحاسوب والشبكات والمعدات التقنية العديدة، وأيضا هي المخالفات التي تُرتكب ضد الأفراد أو المجموعات من الأفراد بدافع الجريمة، وبقصد إيذاء سمعة الضحية، أو إلحاق أذى مادي أو معنوي للضحية مباشر أو غير مباشر، باستخدام شبكات الاتصالات، مثل: الإنترنت، غرف الدردشة، البريد الإلكتروني، الهاتف النقّال، والألعاب الإلكترونية، والتطبيقات.

وتسعى وحدة الجرائم الإلكترونية في الأردن، إلى الحدّ من الجرائم الإلكترونية من خلال نشر الوعي والثقافة الإلكترونية، وملاحقة مرتكبيها ضمن الأطر القانونية، عبر مهام أبرزها: تلّقي الإخباريات، والشكاوى المتعلقة بالجرائم الإلكترونية وملاحقتها وإحالتها للقضاء، وجمع الأدلة الرقمية وتحليلها وتحريزها، مشيرا إلى أنه تم استحداث قانون الجرائم الإلكترونية سنة 2018 .

ويؤكد خبراء علم نفس واجتماع، أن الجرائم الإلكترونية تشكل خطورة على الدولة ومرافقها، أضعاف الجرائم التقليدية، وذلك لسهولة ارتكابها وصعوبة القبض على الفاعل في بعض الأحيان.

ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية، حسين الخزاعي، أن الحاجة ملحة، لتوجيه الشباب ومتابعتهم من الأهل وليس مراقبتهم تفاديا لممارستهم السلوكيات الخاطئة والتقليد الأعمى لأصدقائهم، خاصة وأنهم بطبيعتهم فضوليون ومحبون للمغامرات”.

88.8 % من الأسر الأردنية لديها خدمة الإنترنت

إلى ذلك، أظهرت إحصائية رسمية صدرت مؤخرا في الأردن، بأن 98.4% من الأسر لديها هاتف خلوي، و 10.2% من الأسر لديها هاتف ثابت، و 38% لديها أجهزة حاسوب، و 88.8% من الأسر لديها خدمة الإنترنت.

وكانت أكثر طرق الاتصال بالإنترنت عن طريق الهواتف الخلوية وبنسبة 97.3%، في حين كان تطبيق “واتساب” الأكثر استخداماً وبنسبة 91%، تلاه “فيسبوك” وبنسبة 87.6%.  

وشكلت الإناث ما نسبته 47% من عدد الأفراد الذين أعمارهم 5 سنوات فأكثر ويستخدمون الإنترنت مقابل 53% من الذكور.

وقد بلغت نسبة الأفراد مستخدمي الإنترنت وأعمارهم 5 سنوات فأكثر حوالي 65%، شكل الذكور 53% والإناث 47%، علماً بأن 61% من الأفراد يستخدمون الإنترنت بواسطة الهواتف الذكية و33% بواسطة الكمبيوتر و 3.7% بواسطة أجهزة التابلت.

وبتحويل النسب إلى أرقام حسب عدد السكان لعام 2017 والبالغ 10.053 مليون نسمة، فإن عدد الذين أعمارهم 5 سنوات فأكثر 8.9 مليون نسمة من بينهم 4.168 مليون أنثى.

 ومن بين هؤلاء فإن عدد الذين يستخدمون الإنترنت 5.8 مليون نسمة منهم 2.7 مليون أنثى.

وبلغت أعداد الأطفال الذين أعمارهم ما بين 5-18 عاماً 3.3 مليون طفل من بينهم 1.6 مليون طفلة، في حين بلغ عدد الأطفال الذين يستخدمون الإنترنت 2.1 مليون طفل من بينهم مليون طفلة.

التحرش الإلكتروني

وبينت نتائج دراسة “ظاهرة التحرش في الأردن” التي نفذتها اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة عام 2017 بأن 8 أفراد من كل 10 ضمن العينة (80.8% منهم ذكوراً وإناثاً) تعرضوا لواحد أو أكثر من أفعال وسلوكيات التحرش الإلكتروني.

وتضمنت الأفعال والسوكيات المتعلقة التحرش الالكتروني: تلقي مكالمات خلوية متكررة وغير مرغوب فيها، وإستلام رسائل نصية غير لائقة أو صور فاضحة أو جنسية، واستغلال الصور الشخصية والتهديد فيها، وعرض القيام بأفعال فاضحة أو ذات طابع جنسي بالإبتزاز الكترونياً أو على أرض الواقع، والملاحقة والتتبع من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية، وكتابة تعليقات فاضحة أو ذات طابع جنسي على الحسابات الإلكترونية، واختراق الخصوصية أو الحسابات الإلكترونية أو البريد الإلكتروني، وطلب القيام بأفعال ذات طابع جنسي أمام كاميرا الهاتف أو الكمبيوتر.

وتشمل أعمال العنف التي ترتكب على الإنترنت التهديدات بمثل هذه الأفعال التي تنتج عنها أو يحتمل أن تنتج عنها، أضراراً أو معاناة نفسية أو جسدية أو جنسية أو إقتصادية.

 ويمكن أن تسبب درجة عالية من الضرر النفسي نظراً لحجم هذه الأفعال وتكرار حدوثها.

وترى منظمات حقوقية، أن أغلب النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للاعتداءات الإلكترونية، لا يملكن الأدوات والمعرفة للخطوات الواجب اتباعها لمواجهتها ووقفها وملاحقة مرتكبيها من جهة.

 كما أن التشريعات لمواجهة هكذا جرائم قد تكون قاصرة في حمايتهن من الأشكال الجديدة للعنف الذي تتعرضن له، وفق ما تراه المنظمات.

وتنص الفقرة (أ) من المادة (15) من القانون المعدل القانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2018، “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد على 3 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 1000 دينار ولا تزيد على 3000 دينار، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني أو نظام المعلومات في ابتزاز شخص لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه”.

ومنذ بدء جائحة فيروس كورونا المستجد وتداعياتها في الأردن منتصف آذار مارس الماضي وحتى نهاية تموز يوليو الماضي، بلغ مجموع الجرائم الإلكترونية 3 آلاف قضية.

ربما يعجبك أيضا