اختطاف ناشط عراقي يشعل الاحتجاجات والاتهامات تلاحق الميليشيات

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

بعد هدوء نسبي شهدته مدينة الناصرية بمركز ذي قار الجنوبية، عاد التوتر مُجددًا وأشعلت الاحتجاجات العراقية على خلفية قيام مجموعة من المسلحين باختطاف الناشط العراقي سجاد العراقي وإصابة رفيقه، وسط اتهامات تلاحق ميليشيات موالية لإيران الساعية لإسكات معارضيها من خلال عمليات القتل والخطف والترهيب بعدما فشلت في وأد الحراك الشعبي الداعي لإنهاء نفوذها في العراق.

اغتيال وخطف النشطاء

عادت أزمة عمليات الاختطاف والاغتيالات للنشطاء السياسيين العراقيين لتشتعل الشارع العراقى من جديد، بعدما تم اختطاف الناشط سجاد العراقي وإصابة زميله باسم فليح بعد تعرضهما لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين يستقلون سيارتين نوع فلاونزة عند المدخل الشمالي الشرقي لمدينة الناصرية.

 ووفقا لموقع “العربية”، فإن المعلومات الأولية تشير إلى أن الناشطين كانا يستقلان سيارة وتعرضا لإطلاق نار توقفت على إثره السيارة وقام المسلحون باختطاف أحدهما فيما نقل الناشط المصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج، والتحقيقات جارية لمعرفة تفاصيل الحادث.

من جانبه قال الناشط عبد الوهاب الحمداني إن “سجاد العراقي من بين أبرز الناشطين في الناصرية وعُرف بانتقاداته اللاذعة لجميع الأحزاب الإسلامية، وسبق أن تلقى تهديدات من جهات عدة بالتصفية والاغتيال لكنه لم يتوقف”.

وأضاف الحمداني لـ”الشرق الأوسط” أن “سجاد ذهب برفقه أحد أصدقائه إلى عيادة رفيق لهما كان قد أصيب بانفجار عبوة بوقت سابق في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، فاعترضته 3 عربات من طراز بيك أب، بعد إطلاق النار على سيارته فأصابت رفيقه الذي تمكن من الهرب واختُطف هو”.

فيما دشن مستخدمون وناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي وسم “#الحرية_لسجاد_العراقي”، وسرعان ما تصدر ترند موقع تويتر.

وعلى مدى الأشهر الماضية، تعرض العديد من الناشطين والصحفيين إلى القتل أو الاختطاف، على يد مسلحين مجهولين يعتقد أنهم تابعون لميليشيات مدعومة من إيران ويشهد العراق منذ أوائل أكتوبر من العام 2019 تظاهرات مناهضة للنظام والأحزاب الحاكمة أسفرت عن مقتل الكثير من الناشطين والصحفيين وأكثر من 25 ألف جريح جراء استخدام القوات الأمنية ومسلحين تابعين للميليشيات الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم أو ملاحقتهم لعدم تغطية التظاهرات العراقية.

احتجاجات الناصرية

وعقب الحادث، خرج العشرات من العراقيين في احتجاج نظمه المتظاهرين في أحدث حلقات الاحتجاج الذي تشهده الناصرية ومدن جنوبية أخرى، للمطالبة بالقصاص من قتلة زملائهم وإجراء إصلاح جذري لإنهاء الفساد الذي بدد حلم العراقيين.

احتجاجات أعادت التوتر مُجددًا للساحة العراقية ، بعد قيام مجهولين بخطف الناشط سجاد، الذي يعد واحدًا من أبرز المتظاهرين بينما أصيب زميله باسم فليح بإطلاق نار، في الناصرية التي تشهد احتجاجات يومية على الفساد وسوء الإدارة وانعدام الخدمات الرئيسية.

ومع خروج المتظاهرين، انتشرت قوات الأمن العراقية بكثافة في محاولة لرأب الصدع بعدما تدفق الكثيرون للاحتجاج على الحادث، حيث أغلق المحتجون معظم جسور الناصرية، بينما تجمع اخرون أمام مبنى ديوان محافظة ذي قار وهددوا بالتصعيد.

تأتي هذه الاحتجاجات في الوقت الذي يستعد فيه العراق لإحياء الذكرى الأولى لانطلاق احتجاجات أكتوبر 2019 والتي نجحت في إسقاط حكومة عادل عبد المهدي، وأسفرت عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف كما تعرض الكثيرون للاغتيال والخطف ولا يزال البعض في عداد المفقودين.

وفي استجابة لحالة الغضب لدى المتظاهرين، أمر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بمنع الفريق جميل الشمري من السفر خارج العراق، لتورطه بقضايا قتل متظاهرين في مدينة الناصرية خلال الاحتجاجات الشعبية، ما أثار غضب العشائر في الناصرية، وطالبوا على إثرها بتقديم الشمري للمحاكمة بتهمة قتل أبنائهم في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، بعد مواجهات مع القوات الأمنية التي كانت تأتمر بأوامر الشمري.

وما زال الناشطون والصحفيون في العراق يتلقون تهديدات بالقتل، وتلويح بإدراج أسمائهم على قوائم الاغتيال، لا سيما في مدن الجنوب، وخاصة أولئك العاملين في وسائل إعلام معارضة لتوجهات الفصائل الموالية لإيران وانتشرت خلال الفترة الماضية، قوائم تهديد وتصفيات جسدية طالت إعلاميين يعملون في المدن الجنوبية الغنية بالنفط والتي يرفض أهلها بشكل قاطع تدخلات إيران ووكلائها.

اتهامات تلاحق الحشد

مع تصاعد مسلسل الاغتيالات في العراق، وجهت أصابع الاتهام للميليشيات والأحزاب الموالية لإيران بسبب معارضتها للاحتجاجات ودعاوى المتظاهرين بإنهاء النفوذ الإيراني في العراق، ومع فشلها في وأد احتجاجات العراقيين تصاعد مسلسل الاغتيال بحق الناشطين والمتظاهرين على أيدي مجهولين ولا زالت مستمرة.

وفي هذا الصدد، تتهم بعض جماعات الحراك في الناصرية عناصر من عشيرة نائب رئيس “الحشد الشعبي” السابق أبو مهدي المهندس الذي قُتل في غارة أمريكية مع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني مطلع العام، بالوقوف وراء حادث الاختطاف، نتيجة رفض المحتجين في الناصرية، آنذاك، مرور جنازة المهندس في ساحة الحبوبي أثناء مراسم التشييع. غير أن شرطة ذي قار لم تشر بأصابع الاتهام إلى أي جهة أو عشيرة.

هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الحشد اتهامات بالقتل والاختطاف، فقد سبق وصدرت تقارير دولية أفادت بتورط الحشد في عمليات ترهيب واختطاف الناشطين لوأد الحراك العراقي ودعت الحكومة العراقية لاتخاذ ما يلزم لمنع الكيانات المسلحة التابعة لطهران من استغلال تفاقم الأوضاع العراقية لقتل وترهيب المتظاهرين.

لكن يبدو لمتابعين الشأن العراقي أن عمليات الاختطاف والاغتيال تشكل تحديًا كبيرا أمام الكاظمي الذي سبق وأن تعهد بمحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين والناشطين، وحتى هذا اليومم لم يقدَّم مشتبه به واحد في عمليات الاغتيالات السابقة وغيرها من حوادث خطف وتعذيب بحق النشطاء.

ربما يعجبك أيضا