العراق.. المليشيات “تهدد” بنقض الهدنة إذا لم تنسحب القوات الأمريكية

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

عادت المليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران -وفي مقدمتها مليشيا حزب الله العراقية- للتهديد بنقض الهدنة التي أعلنتها في العراق، إذا لم تنسحب القوات الأمريكية من العراق بنهاية العام الحالي، وتعرضت السفارة الأمريكية والقواعد العسكرية في العراق خلال الأشهر الماضية إلى نحو 90 هجوماً، وكذلك تعرضت قوافل لوجستية لمقاولين عراقيين، يعملون لصالح الجيش الأمريكي لهجمات.

ومؤخرا أعلنت الولايات المتحدة خططا لخفض عدد القوات الأمريكية في العراق من 5200 إلى 3000. وفي أواخر سبتمبر، هدد وزير الخارجية مايك بومبيو بغلق السفارة الأمريكية بالكامل في بغداد إذا استمرت الهجمات التي تشنها القوات الإيرانية بالوكالة، وبعدها بحث عدد من ممثلي الحكومة العراقية والحشد في لقاء عقد قبل أيام مع ممثلين عن الجانب الأمريكي وقف الهجمات ضد المصالح الأمريكية مقابل انسحاب أمريكا، وهي خطوة اعتبرها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي في السابق غير ممكنة الآن وتحتاج إلى 3 سنوات، ومع هذا فقد أعلن مجلس الوزراء العراقي تشكيل لجنة لجدولة الانسحاب.

حصار أمريكي إعلامي

بدورها، أغلقت واشنطن عدد من المواقع الإلكترونية بما فيها موقع كتائب حزب الله الذي بات يتضمن الآن رسالة من “وزارة التجارة الأمريكية” تشير إلى أن الإجراء طبق “بموجب أمر حجز من الحكومة الأمريكية”.

وواجه موقع “الاتجاه” تلفزيون كتائب حزب الله، إجراءً مماثلاً، وموقع مليشيا “النجباء” الإرهابية، الفصيل الرئيسي الآخر الموالي لإيران في العراق، والذي بات موقعه يعرض رسالة موقعة من وزارة العدل الأمريكية، وتعمل هذه المليشيا الإرهابية مع حزب الله العراق داخل وخارج إطار الحشد، لا سيما إلى جانب نظام بشار الأسد وحزب الله اللبناني في سوريا.

هدنة مشروطة على واشنطن

فيما أعلنت الفصائل الشيعية الموالية لإيران أنها وافقت على التوقف عن مهاجمة السفارة الأمريكية في بغداد شرط إعلان واشنطن انسحاب قواتها بحلول نهاية العام الجاري، الأمر الذي اعتبره رئيس الوزراء العراقي غير ممكن.

وقال أحمد الأسدي -أحد قادة ما يسمى “تحالف الفتح” الذي يضم فصائل الحشد الشيعية الموالية لإيران والمندمج في الدولة- إن “الهدنة مشروطة بتنفيذ القرار البرلماني، فهذه الهدنة ليست بلا حدود، ربما في أحسن الأحوال تستمر إلى نهاية العام، وأكثر من نهاية العام تصبح غير منطقية”، مضيفاً “نحن نعطي الحكومة الوقت فقط لبدء” مفاوضات الانسحاب.

الكاظمي

وفي مقابلة حديثة مع التلفزيون الحكومي، قدر الكاظمي الفترة التي قد يستغرقها انسحاب الجنود الأمريكيين “بثلاث سنوات” لمغادرة البلاد.

حكومة مصطفى الكاظمي التي تولت السلطة في مايو (أيار) تعهدت بجدولة الوجود الأجنبي، ودعت إلى إمهال الأمريكيين “ثلاث سنوات” لمغادرة البلاد، بعد عودتهم إليها في 2014 لمحاربة تنظيم داعش.

وبالفعل خفضت الولايات المتحدة عدد جنودها في البلاد إلى نحو 3 آلاف بعد “النصر” الذي أعلن في نهاية 2017 على الإرهابيين وعلى إثر انتشار وباء كورونا.

لجنة لجدولة انسحاب القوات الأمريكية

وأعلنت وزارة الخارجية العراقية، تشكيل لجنة للتنسيق مع واشنطن لجدولة انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.

جاء ذلك في بيان للمتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف، قال فيه إن “لجنة فنية انبثقت عن الاجتماع، تضطلع بمهمة التنسيق مع الجانب الأمريكي لجدولة إعادة انتشار قواته خارج العراق (أي انسحابها)”، وأشار إلى أن “اللجنة من مخرجات الحوار الاستراتيجي المستمر بين الحكومتين العراقية والأمريكي، الذي جرت أعماله في واشنطن في 19 آب (أغسطس) 2020”.

رؤية أمريكية

من جهته، حذر المحلل في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، ماكس بوت، من الانسحاب الأمريكي “الكامل” من العراق، في وقت عرضت فيه المليشيات الموالية لإيران تعليق الهجمات الصاروخية إذا قدمت الحكومة العراقية جدولا زمنيا لانسحاب القوات الأمريكية من البلاد، وقال بوت في تحليل على موقع مجلس العلاقات الخارجية، وهو معهد أبحاث مستقل مقره نيويورك، إنه “قد يكون من المنطقي بالنسبة للولايات المتحدة تقليص بعثتها الدبلوماسية في بغداد، وهي البعثة الأكبر في العالم”، بالنظر إلى استمرار الهجمات التي تشنها المليشيات العراقية، المدعومة من إيران.

وختم بالقول: إن هذا الانسحاب “من شأنه، في الواقع، أن يمنح إيران ما تريده بالضبط. بقاء القوات الأمريكية في العراق يضمن مواجهة النفوذ الإيراني، الذي لا يزال موجودا رغم كل العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأمركي دونالد ترامب على طهران”، مشيرا إلى أن تلك المليشيات “تحاول إيران (لبننة) العراق، أي تحويل العراق إلى لبنان آخر، حيث تسمح بحكم حكومة موالية للغرب نظريا بينما تمارس المليشيات، الموالية لها، القوة الحقيقية. في لبنان، هذه القوة هي حزب الله. أما في العراق فهذه القوة هي مليشيات مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق”.

ربما يعجبك أيضا