صراع إيران وأمريكا.. مفاوضات سرية وتصعيد عسكري في ذكرى مقتل سليماني

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

أرسل الجيش الأمريكي طائرتين من طراز بي- 52 إتش ذات القدرة النووية إلى الشرق الأوسط، الخميس، من قاعدتهما في الولايات المتحدة، في رابع انتشار من هذا القبيل، ضمن استعراض للقوة من قبل القوات الجوية الأمريكية موجه بشكل أساسي إلى إيران في الشهرين الماضيين.

يأتي هذا فيما نظمت قوات «الباسيج» الإيرانية استعراضاً بحرياً شارك فيه 700 قارب بمياه الخليج، بمناسبة ذكرى اغتيال قاسم سليماني، وسط ترجيحات بانحسار فرص «الانتقام القاسي»، الذي هددت به الدولة الفارسية، في حين قتل 3 من الموالين لطهران في قصف إسرائيلي استهدف مواقع لميليشيات داعمة للحكومة السورية قرب دمشق.

بعد استعراض الحرس الثوري والجيش الإيراني مئات الطائرات المسيرة “الدرون” في مناورات واسعة تأتي وسط تحذيرات من صدام عسكري أمريكي- إيراني، نفذت قوات “الباسيج” في بحرية “الحرس الثوري” الإيراني عرضاً ضخماً بمشاركة 700 قارب في مياه الخليج، بحسب ما أورد موقع الجريدة الإلكتروني.

وقال قائد “الحرس الثوري”، اللواء حسين سلامي، في كلمة بمناسبة الاستعراض الذي أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في غارة أميركية على مطار بغداد، إن “سليماني انتقم من العدو عشرات المرات قبل استشهاده”، واصفاً قائد “فيلق القدس” الراحل بأنه كان “شخصية فذة في دحر العدو، وبنى قدرات واسعة، وربط العالم الإسلامي ببعضه” على حد وصفه.

مفاوضات سرية

جاء ذلك بينما أكد مصدر في مكتب رئيس الجمهورية الإيرانية وفقا لموقع “الجريدة” الكويتي أن الاتصالات خلف الكواليس بين إيران وبعض أعضاء فريق الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لا تزال جارية، وبشكل مكثف عبر واسطات، مضيفاً أن فريق بايدن حذر طهران من أن ترامب مصمم على استدراج طهران أو حلفائها إلى حرب خلال الأسبوعين الأخيرين من ولايته، وأن كل التحضيرات لإشعال فتيل الحرب قد جهزت، وآخرها كان موضوع المصالحة الخليجية التي ألغت حاجة قطر لإيران.

في موازاة ذلك، كرر رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، تأكيد بلاده على “قطعية الثأر” لدم العالم النووي البارز محسن فخري زادة؛ لكنه شدد على أن الانتقام لدم العالم الذي تتهم طهران إسرائيل باغتياله “يواصل مساره وجبهة الثورة تحدد زمان ومكان ذلك”.

قصف إسرائيلي

في سياق متصل، استهدفت إسرائيل تجمعات عسكرية، يعتقد أنها تتبع ميليشيات موالية لإيران، تحارب إلى جانب حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، في منطقة الكسوة جنوب العاصمة دمشق، ليل الأربعاء- الخميس.

وجاء الاعتداء الذي يعد الثالث من نوعه خلال 10 أيام، بعد أقل من 48 ساعة على زيارة قادة من “الحرس الثوري” الإيراني إلى المنطقة.

رسالة ردع

وقال سلاح الجو الأمريكي، في بيان له، إن المهمة الأخيرة للطائرات والقاذفات العملاقة كانت “لإظهار التزام الجيش الأمريكي المستمر بالأمن الإقليمي وردع العدوان”.

ويأتي ذلك وسط مخاوف من أن إيران ربما لا تزال تسعى للرد على اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بطائرة مسيرة أمريكية منذ أكثر من عام في بغداد.

وحلَقت أطقم الطائرات في مهمة استمرت 36 ساعة دون توقف من قاعدة مينوت الجوية في داكوتا الشمالية إلى الخليج العربي مرورا بالأجواء الفلسطينية والأردنية والسعودية والعودة لإرسال رسالة ردع واضحة من خلال إظهار القدرة على نشر قوة قتالية ساحقة في وقت قصير، حسب بيان.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية: “ما زلنا نرى مستويات متزايدة من الاستعداد عبر الأنظمة الدفاعية الإيرانية، وما زلنا نحمل مؤشرات على التخطيط المتقدم لهجمات محتملة في العراق، رُغم أنه من غير الواضح ما إذا كان بإمكانهم المضي قدمًا في أي هجوم ومتى” في المنطقة.

توتر كبير

في وقت سابق من هذا الأسبوع، وجَه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزير الدفاع بالوكالة كريستوفر ميلر للتراجع عن قراره وأمر حاملة طائرات أمريكية بالعودة إلى الشرق الأوسط، بعد اجتماع في البيت الأبيض يوم الأحد، وفقًا لمسؤول دفاعي كبير.

وألغى هذا القرار أمر ميلر الأسبوع الماضي بإرسال حاملة الطائرات الأمريكية نيميتز خارج المنطقة، ولإرسال إشارة وقف التصعيد إلى إيران وسط التوترات المتزايدة بين واشنطن وطهران.

قاذفات بي 52

شبكة CNN، ذكرت، الأسبوع الماضي، أنه كانت هناك رسائل متضاربة تعكس الانقسامات داخل البنتاغون حول مستوى التهديد الحالي من إيران.

وقاذفة بي 52 هي قاذفة ثقيلة بعيدة المدى يمكنها أداء مجموعة متنوعة من المهام. ويمكنها الطيران بسرعات عالية دون سرعة الصوت على ارتفاعات تصل إلى 50 ألف قدم.

ولديها نطاق قتال غير مزود بالوقود يزيد عن 8800 ميل، ويمكن للطائرة حمل الذخيرة الموجهة بدقة مع التنقل الدقيق في جميع أنحاء العالم.

احتمالات المواجهة

وقال الكاتب الصحفي بالأهرام والمتخصص في شؤون الإرهاب الدولي، هشام النجار: بدون شك إن التطورات في الملف الإيراني تحديدًا تجعل السيناريوهات مفتوحة على احتمالات قاسية للنظام الايراني الحالي ومضاعفة الحضور العسكري الأمريكي كمًا ونوعًا في منطقة الخليج والشرق الأوسط بالتوازي مع ما جرى من تقريب وجهات النظر بين قطر والمملكة العربية السعودية وباقي دول الرباعي العربي وفق مخرجات قمة العلا تؤشر لتلك السيناريوهات خاصة بعد ما قام النظام الإيراني برفع تخصيب اليورانيوم في تحد واضح للمجتمع الدولي وتهديد صارخ لأمن المنطقة ولمصالح الولايات المتحدة ولمصالح حلفائها، علاوةً على ما تقوم به الميليشيات الموالية لإيران بالعراق من اعتداءات ومن تعطيل للمسار السياسي العراقي.

وأضاف هشام النجار في تصريحات خاصة لـ”رؤية”: إذا لم تكن هناك قرارات وخطط لتوجيه ضربة عسكرية في العمق الإيراني تستهدف برنامجها النووي فإن حشد طهران وتعبئتها الدعائية والإعلامية في ذكرى مقتل رجلها القوي قاسم سليماني تدفع واشنطن بالتعاون مع حلفائها في المنطقة لاتخاذ كل ما يلزم لردع وصد أي هجوم عدائي محتمل قد تقوم به الميليشيات الموالية لإيران سواءً في اليمن أو العراق أو لبنان، لذلك فاحتمالية ضربة عسكرية لإيران قائمة سواءً لتقويض نشاطها النووي والقضاء على خطط تصنيع قنبلة نووية أو لردعها وصد هجماتها المتوقعة ثأرًا لسليماني.

ربما يعجبك أيضا