لماذا تراهن إيران على إفشال حكومة بغداد ونشر الفوضى؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

لم يكن التدخل الإيراني في العراق وليد اليوم، فالتاريخ يذكرنا بحروب القادسية، والتاريخ المعاصر يعيد للذاكرة، عبارة الخميني: «إني أتجرع السم»… بوقف الحرب العراقية الإيرانية عام 1988، فهل يتجرع السم هذه المرة المرشد الإيراني علي خامنئي، بالحد من نفوذ أذرع إيران في العراق؟

المشهد السياسي والأمني في العراق، يتجه نحو التصعيد، وإحداث ضغوط إيرانية على بغداد، تحديداً على حكومة الكاظمي، وهذا ما يضع العراق على المحك أو أمام مفترق طرق: الاستمرار بالتبعية لإيران، أو اتخاذ مسار مستقل يعزز دور العراق ومكانته الإقليمية والدولية.

لقد طرح تفجيرا بغداد العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول التصريحات الحكومية العراقية والتحالف حول القضاء على التنظيم والعمليات العسكرية الموسعة لملاحقة عناصره في الصحراء، ولماذا خرج التنظيم الآن. وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء خالد المحنا، أن تنظيم داعش هو الذي يقف وراء الهجوم، مشيراً إلى أن هذه العملية تمثل رسالة واضحة «أراد التنظيم من خلالها إثبات أنه ما زال موجوداً».

إن إعادة مشهد عمليات تنظيم داعش في العراق من شأنه أن يخدم إيران، كون ذلك يعمل على إرباك الوضع وتعطيل الانتخابات، وتستفيد من ذلك الجماعات المسلحة والأحزاب السياسية الموالية إلى إيران، والموجودة أصلا في البرلمان العراقي وداخل الحكومة وأغلبها تعتبر أطرافا فاعلة في العملية السياسية.

وتشهد العملية السياسة في العراق، الكثير من المواجهات، والتي كانت وما تزال تضرب بتداعياتها الوضع الأمني في بغداد والمدن العراقية الأخرى. وبسبب ضعف الحكومة العراقية، وتعدد التهديدات الأمنية، ارتفعت كفة الميليشيات في العراق على حساب الحكومة، فظهرت الرايات والشعارات وصور قادة فيلق القدس وزعماء الميليشيات في شوارع بغداد. ومن يتجول في بغداد والمدن العراقية يجد صور مقاتلي الجماعات المسلحة والحشد الشعبي، على امتداد الطرق.

إن تنظيم داعش يمكن وصفه بأنه تنظيم «ذكي» يراقب العملية السياسية ويختار التوقيتات، وإن عملياته يمكن أن تتوافق مع مصالح دول إقليمية تحديدا إيران وتركيا، كون الفوضى في العراق، تعمل على إضعاف الحكومة العراقية، وتقسم العراق، ويسمح لها جيدا بالتدخل العسكري والاستخباراتي.

استثمار «التشيع»في العراق

تسيطر الميليشيات بشكل كبير على الأمن في العراق، من خلال انتشار هذه الميليشيات مجتمعيا في بغداد والمدن العراقية خاصة وسط وجنوب العراق. وأصبح لديها ممثلون ظاهرون في أحياء بغداد يعود لها المواطن العراقي لحل مشاكله أكثر مما يتوجه إلى مراكز الشرطة، مقابل دفع الإتاوات على كل قضية.

شهود عيان في بغداد، ذكروا أن مشهد اعتداء قيادات ميليشياوية على رجال الشرطة والجيش في نقاط السيطرة بات يتكرر يوميا، وأصبح منظر العمامة مع الزي العسكري المرقط دارجا في بغداد والمحافظات، ويحظى «بالامتيازات».

وما يعقد مشهد الأمن أمام الحكومة العراقية والنظام السياسي الدولي، هو وجود زعامات ميليشياوية داخل الحكومة وداخل العملية السياسية وفي البرلمان العراقي، وهذا ما يمنح تللك الجماعة «الشرعية» أو بالأحرى غطاء شرعي للتحرك وتنفيذ عمليات إرهابية خلف واجهات حكومية.

 مطالب أذرع إيران بإخراج القوات الأميركية

شهدت بغداد يوم الثالث من يناير (كانون الثاني) 2021، بمناسبة مقتل قاسم سليماني والمهندس، تجمع كبير إلى الميليشيات قرب مطار بغداد، تؤكد ولاءها إلى إيران وإلى سليماني، وتطالب بإخراج القوات الأميركية من العراق. وقال هادي العامري رئيس تحالف البناء في كلمة أمام الآلاف من المتظاهرين: «يجب العمل على إخراج المحتل الأميركي، ويجب تحقيق السيادة الوطنية الكاملة وإخراج القوات الأميركية». وأضاف: «لا يمكن أن نساوم على قرار إخراج القوات الأجنبية».

 الدور الإيراني في دعم تنظيم داعش

تثير علاقات إيران بتنظيم داعش والقاعدة الكثير من التساؤلات، ويكمن تحالفهما في عداوتهما الظاهرية لأميركا، واعتبار إيران بوابة العبور من وإلى أفغانستان والعراق وممر لتدوير الأسلحة لداعش. أما مصلحة داعش بعدم مهاجمة المصالح الإيرانية فتكمن في حصول التنظيم على المتفجرات والمواد الإشعاعية لاستعمالها في عملياتهم الإرهابية، وأيضاً مصلحة إيران بإبقاء أميركا تحت عبء الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة في العراق وفي باكستان وأفغانستان، اذن هنالك مصالح وتوافقات بين الطرفين. فرق الإطفاء تجري أعمال إطفاء بعد أن نفذ داعش هجوما بالقنابل على آبار في حقل حبزة النفطي في محافظة كركوك، 15 ديسمبر 2020 .

الحشد الشعبي

الحشد الشعبي في العراق، هو جماعات مسلحة، تنتمي إلى المكون الشيعي، تشكلت بعد إطلاق المرجعية الدينية الشيعية العليا بالعراق فتوى «الجهاد الكفائي» في 13 يونيو (حزيران) 2014 لمواجهة تهديدات داعش. ويقدرعدد مقاتلي الحشد الشعبي، بـ140 ألف مقاتل، ويضم الحشد جماعات سياسية مسلحة، ميليشيات منها: منظمة بدر، وكتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وسرايا السلام، ولواء الخراساني، وغيرها، أغلبها وضعت على قوائم خليجية معنية بالتطرف والإرهاب.

لكن هناك أعدادا التحقت بالحشد بشكل فردي غير منظمة سياسيا، التحقت لتقاتل تنظيم داعش بعيدا عن الولاءات السياسية. وكشفت مصادر برلمانية عراقية تفاصيل إعداد مقاتلي الحشد الشعبي بضمنهم 30 ألفاً من أبناء المحافظات الغربية، مشيراً إلى أن وزارة المالية تصرف رواتب شهرية لـ110 آلاف مقاتل يتم تقسيمها لتشمل 140 ألف مقاتل. ما يحصل في العراق الآن، هو تشكيل جيش رديف للجيش العراقي، على غرار الحرس الثوري الإيراني، وهي جماعات عسكرية مؤدلجة تخضع للتدريب وتمتلك الخبرات.

إن ظهور الجماعات المسلحة بمختلف تسمياتها، إن كانت حشدا مناطقيا أو حشدا شعبيا، أو عشائر، يعكس ضعف الحكومة. لكن هناك حقيقة، بأن مؤسسة الدفاع في العراق أنجزت الكثيرعلى الأرض وتمكنت من استعادة قدراتها وسمعتها بعد تحرير مدن عراقية كانت تحت سيطرة تنظيم داعش وأعادت الثقة بها، وهذا ما يدفع أطرافا دولية للرهان على قوة الجيش العراقي في مواجهة ومحاربة تنظيم داعش.

لقد نجحت إيران بالتغلغل داخل الحشد الشعبي، وأصبح خليطا بين أفراد لا يوجد لهم انتماء سياسي، وعناصر ميليشياوية تدين الولاء إلى إيران، وهذا ما دفع المرجعية العراقية خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي 2020، بفصل عناصرها لينقسم الحشد الشعبي بين موالٍ إلى إيران، وآخر إلى المرجع الشيعي في العراق، السيستاني.

حكومة الكاظمي أمام جملة تحديات

من هو مصطفى الكاظمي: هو مصطفى عبد اللطيف مشتت، من جنوب العراق، اختار كنية الكاظمي، بعد أن سكن في مدينة الكاظمية قبل مغادرته العراق ما قبل 2003 وعمل صحافيا في وسائل إعلام، منها «المونيتور نيوز». وأكمل كلية القانون في إحدى الكليات الأهلية ببغداد، تسلم مسؤولية جهاز المخابرات العراقية خلال حكومة حيدر العبادي، وربما في باب التكهنات أن علاقة النسب بينه وبين العلاق مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، ساعد في ذلك.

وصل الكاظمي إلى سدة الحكم، بعد توافق الكتل السياسية العراقية جميعا، وداخلها زعامات الميليشيات المسلحة، الموالية إلى إيران، على أن تكون مهمته محدودة: إدارة حكومة تسيير الأعمال إلى حين إجراء انتخابات عامه مبكرة، لكن الخطوات التي اتخذها الكاظمي كانت بالفعل جريئة، أحرجت الفصائل المسلحة وزعاماتها.

إن إدارة ترامب، الرئيس الأميركي السابق، دفعت الكاظمي من أجل «ضرب» الميليشيات وجمع السلاح، وهي خطوة أو مهمة محددة جدا، لا نتوقع منها الكثير، تضع الكاظمي، رئيس الحكومة العراقية، تحديدا في وضع حرج، طالما أن الكاظمي لم يحصل على أي دعم أميركي: فموازنة العراق خاوية، والعراق أعلن إفلاسه حتى إنه أصبح غير قادر على تسديد رواتب موظفيه، كون اقتصاد العراق اقتصاداً ريعياً.

وقد جاء تكليف مصطفى الكاظمي، كرئيس وزراء جديد للعراق، في محاولة ثالثة وأخيرة لإخراج البلاد من حالة الجمود السياسي التي يعيشها منذ استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، في ديسمبر (كانون الأول) 2020، بعدما فشل كل من محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي في تشكيل الحكومة، بسبب عوامل متشابهة تمثلت في رفض الأحزاب والكتل السياسية التي تسيطر على المشهد العراقي منذ عام 2003 للمرشحين باعتبار أنهما ليسا من ترشيحها؛ حيث جاء ترشيحهما من رئيس الجمهورية.

ومن المرجح جدا، أن بعض الفصائل المسلحة هذه كانت وراء الضغوطات على الكاظمي، لإفشال مهمته وعرقلة مساعيه بتحسين الأوضاع العامة في البلاد، فليس مستبعدا، أن تكون ذات الكتل التي وافقت على ترشيح الكاظمي إلى رئاسة الحكومة، وراء تنفيذ ضربات صواريخ كاتيوشيا ضد السفارة الأميركية والقواعد الأميركية، وتنفيذ عدد من الاغتيالات إلى الناشطين والمتظاهرين.

لقد كثرت في العراق عمليات اغتيال الناشطين، ومنهم رجال صحافة ورجال قانون، وهذا ما يصب في مصلحة إيران وأذرعها في العراق، وهي يمكن أن تكون إحدى أوراق الضغط ضد الكاظمي والتي تصب في صالح إيران.

هذه العمليات تصاعدت كثيرا في أعقاب الإجراءات التي اتخذها الكاظمي في مسك المعابر الحدودية خاصة مع إيران وسوريا، ومنع عمليات التهريب التي كانت تخدم إيران كثيرا. وفي المقابل فتح الكاظمي المنافذ الحدودية مع المملكة العربية السعودية، ومنها معبر عرعر.

وتعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، منذ استلامه السلطة، ديسمبر (كانون الأول) 2020 بفرض سيادة الدولة، ونزع السلاح من الجماعات الخارجة عن القانون والمنفلته إلى جانب نزع السلاح من العشائر، وهي مهمة صعبة، لم يستطع من قبل أي رئيس حكومة عراقية من تنفيذها، وهذا ما وضع الكاظمي على المحك.

كان الكاظمي يتبع سياسة احتواء الجماعات المسلحة التي تسيطر هي على الشارع العراقي وكذلك على الطبقة السياسية في البرلمان والحكومة، لذا كانت الإجراءات والقرارات التي اتخذها، تتجنب المواجهة مع كبار الميليشيات، وتوجه إلى مطاردة بعض الميليشيات التي لم يكن لها حضور فاعل في المشهد الأمني. حاول الكاظمي أيضا احتواء العشائر العراقية، رغم تنفيذه عددا من الحملات لجمع السلاح من عشائر أطراف بغداد.

اعتمد الكاظمي منذ البدء وما زال على جهاز مكافحة الإرهاب بقيادة عبد الوهاب الساعدي، والأخير يكن الولاء إلى الكاظمي بعد أن أعاد له الكاظمي حقوقه ومنحه منصب قائد جهاز مكافحة الإرهاب، لذا يعتبر الساعدي بشكل غير مباشر المسؤول عن أمن الكاظمي.

من جهة أخرى، فإن الكاظمي ما زال هو من يدير جهاز المخابرات بنفسه، وهذا ما منحه صلاحيات واسعة، ما مكنه من الحصول على معلومات وتقارير الموقف، بشكل ربما لم يتمتع به رئيس حكومة عراقية سابق. وما زال الشارع العراقي، يتساءل، عن شخصية الكاظمي، وكيف وصل إلى رئاسة جهاز المخابرات العراقية ثم إلى رئاسة الحكومة؟

سيظل نزع أسلحة الميليشيات وحصر السلاح بأيدي الدولة التحدي الأمني الأكبر، فعلى الرغم من أن كل رؤساء الوزراء الذين تم تكليفهم قد رفعوا شعار حصر السلاح فقط بأيدي الدولة، فإنه من الناحية العملية لم يستطع أحد تسوية هذا الملف مع استمرار الميليشيات المسلحة.

 الحدود العراقية السورية

يشترك العراق مع سوريا في أربعة معابر حدودية، هي معبر سيمالكا في منطقة الخابور بمحافظة دهوك، ومعبر ربيعة الذي يربط بين محافظتي نينوى والحسكة، إضافة إلى معبر البو كمال – القائم، الذي يربط محافظتي دير الزور والأنبار، ومعبر الوليد – التنف الذي يربط كذلك الأنبار ودير الزور.

وضمن مساعي حكومة الكاظمي بالسيطرة على الحدود العراقية السورية وكذلك مع إيران، والتي تعتبر منافذ للإرهابيين والتهريب الذي أضر بالعراق كثيرا.

وسبق أن أنشأ العراق خندقا بلغ طوله 149 كيلومتر وعرضه 2.5 متر وبعمق ثلاثة أمتار، سيما وأن عدد المراكز الحدودية المنتشرة على طول 600 كم، تمثل خط الحدود العراقية السورية، «ويبلغ 200 نقطة لحماية ومراقبة الحدود. وضمن إجراءات احترازية تم البدء بمشروع المراقبة الإلكترونية، وتم نصب الأبراج المزودة بالكاميرات على الحدود العراقية مع سوريا والأردن.

مراسم إحياء الذكرى الأولى لمقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس قرب مطار بغدااد.

المعالجات

ـ تقديم الدعم العسكري والأمني واللوجيستي إلى العراق من قبل التحالف الدولي والولايات المتحدة ودول أوروبا وغيرها، في محاربة التطرف والإرهاب، ودعم موازنة الدولة العراقية بصندوق دولي، يهدف إلى تنفيذ مشاريع تنموية اقتصادية.

ـ تعزيز الموازنة وتنفيذ برامج تنمية لامتصاص البطالة، الدعم اللوجيستي من قبل أميركا وأوروبا للقوات العراقية. إن محاربة التطرف والإرهاب، تعتمد على مدى إمكانية الحكومات بالتعاون مع المجتمعات، من إيجاد سياسات أمن قومي متكاملة تقوم على أساس التنمية والتعايش السلمي، أكثر من عسكرة الأمن والتسلح. المجموعات المتطرفة، تستغل دوما الفراغ السياسي للسلطة بمعناها الإيجابي، لتضع نفسها بديلا عن تلك المجتمعات، لمواجهة الحكومات ونشر الفوضى، التي تعتبر البيئة المثالية لظهور وتنامي التطرف والإرهاب.

ـ محاربة الفساد ودعم جهود الحكومة بمحاربة الفساد وإخراج العراق من الدول عالية الخطورة ضمن تصنيفات الاتحاد الأوروبي، بعد أن نجح الكاظمي بسد المنافذ الحدودية بتدفق الإرهابيين والبضائع المهربة، هذه الجهود أيضا ساعدت على رصد أو كشف عمليات غسيل الأموال التي تنفذها إيران داخل العراق.

ـ استمرار قوات التحالف والقوات الأميركية في العراق؛ حيث يحتاج العراق في الوقت الحاضر، إيجاد حل إلى الفوضى السياسية التي يعاني منها، وحسم أمر تعاونه مع قوات التحالف الدولي، وتعزيز الحكومات المحلية وقوات الشرطة المحلية هناك والحشد العشائري، من أجل مسك الأرض، إلى جانب تنفيذ القواعد الأساسية في محاربة التطرف، وحزمة إصلاحات تتعلق بالتنمية الاقتصادية وإعادة البنى التحتية والمناصحة الفكرية، ودفع الدول للمساهمة في إعادة البناء من خلال «صندوق إعادة ما دمره داعش».

ـ تعزيز الجهد الاستخباري، حيث إن تعزيز الجهد الاستخباري إلى جانب الجهد العسكري، يعتبران عاملين مهمين، في تعقب قيادات التنظيم، والحصول على معلومات من داخل التنظيم إلى أي تفاصيل حول بنية الجماعة والخطط لتنفيذ عمليات إرهابية. اليوم المعركة مع الجماعات المتطرفة بكل أطيافها، كتنظيم داعش والفصائل المسلحة جميعا، هي حروب استخبارية وبالوكالة.

ـ عودة المهجرين والنازحين، حيث إن عودة المهجرين والنازحين إلى مناطق سكناهم يبعد شريحة كبيرة من العراقيين عن استثمار ذلك في عمليات التجنيد ونشر التطرف والإرهاب. وأكد مسؤولون أمنيون عراقيون أن بقايا تنظيم داعش استطاعت استغلال قرار منع عودة النازحين إلى مناطقهم لصالحها، إذ منح خلو تلك المناطق الواسعة من الأهالي التنظيم فرصة للتنقل بحرية، وتنفيذ عملياته.

ـ استعادة المقاتلين الأجانب وتعاون دول أوروبا ودول أخرى باستعادة مقاتليها من المعسكرات في سوريا والعراق، والموجودين في السجون العراقية، إن بقاء هؤلاء يمثل قلقا وهاجسا أمنيا وورقة ضغط تتاجر بها الجماعات المسلحة الموالية إلى إيران. الميليشيات تدفع الحكومة العراقية نحو تنفيذ أحكام الإعدام، بشكل مقصود، كون ذلك يعرض رئيس الحكومة إلى الانتقادات الدولية خاصة من الأمم المتحدة وأوروبا ومنظمات دولية تعنى بحقوق الإنسان، وما تسعى له تلك الفصائل هو إفشال الحكومة تحت أي ثمن.

ـ تحسين الوضع الصحي في العراق ومساعدة العراق بالحصول على لقاح لمواجهة فيروس كورنا، كون العراق يتقدم قائمة الدول التي تشهد تفشي الفيروس، مع ضعف الإمكانيات الاقتصادية.

ـ تحسين العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة العراقية؛ فهذه العلاقة، تعتبر تهديدا قائما إلى وحدة العراق وأمنه الوطني والقومي، وربما يتلخص ذلك بايجاد حل إلى المناطق المتنازع عليها بين بغداد والإقليم.

ـ دعم دولي وإقليمي يمكن رئيس الحكومة من إعادة قانون الانتخابات وإجراء انتخابات مبكرة.

ـ دعم الكاظمي في اتخاذ قرار حل البرلمان وإعادة كتابة الدستور، وهي من صلاحيات رئيس الحكومة.

تقييم الواقع العراقي

تسعى إيران من خلال فصائلها المسلحة الموجودة في العراق إلى تنفيذ سياستها في العراق، والتي تتركز على نشر الفوضى، وفرض سيطرة تلك الجماعات المسلحة، الميليشياوية، على واقع العراق بكل جوانبه، لأن ذلك يمكن إيران من المناورة ضد خصومها خاصة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في المنطقة، أبرزها الدول الخليجية. بات معروفا أن إيران نجحت في تسليح أذرعها في العراق، تحت يافطة «محاربة داعش»، ونجحت أكثر في الترويج لذلك مجتمعيا وسياسيا إلى حد إقناع المواطن العراقي، «الساذج» بأن إيران دخلت إلى العراق عسكريا وساهمت في مقاتلة تنظيم داعش، ومن وجهة نظرها [أنه لولا الميليشيات وإيران لاستطاع تنظيم داعش احتلال بغداد] وقد نجحت تلك الفصائل تماما في التسويق لتلك الفكرة.

ما عدا ذلك، فإن تلك الجماعات المسلحة، تروج لتهديد تنظيم داعش وتضخم حجم مخاطره، واحتمالات «الحرب الطائفية» من أجل التمترس والتخندق الطائفي. ما تعمله إيران، هو الترويج بشكل ممنهج في نشر «الطائفية» من خلال الإعلام والدعاية وحتى إنتاج الأفلام والمسلسلات التي تروج لتزييف الحقائق ومنح إيران والحرس الثوري الإيراني دورا في تحرير العراق من تنظيم داعش. وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة إيجاد معالجات إعلامية وتربوية لمواجهة الدعاية المتطرفة لإيران، التي أصبحت تنتشر بشكل واسع في العراق.

 ماذا تستطيع الحكومة العراقية أن تقوم به في مواجهة الميليشيات والتدخل الإيراني

رغم ما يبذله الكاظمي من مساعٍ حميدة في محاربة الوجود الإيراني في العراق، لكن يبدو أن الكاظمي إلى حد الآن وضمن الإمكانيات الحالية، غير قادر على مواجهة الجماعات المسلحة، والغزو الإيراني في العراق، الذي تسرب إلى أعلى المناصب السياسيه في الدولة العراقية بالتوازي مع الغزو المجتمعي. وهذا يعني أنه لا الكاظمي ولا غير الكاظمي يستطيع مواجهة التمدد الإيراني، إلا إذا حصل الكاظمي على دعم أمني ، سياسي، عسكري، اقتصادي، خارجي تحديدا من الولايات المتحدة، من أجل إعادة قانون الانتخابات وإعادة كتابة الدستور الذي ما زال يقوم على أساس المحاصصة، وهذا لا يمكن أن يكون إلا بحل البرلمان، ضمن صلاحية رئيس الحكومة، وهذا يحتاج إلى «شجاعة» رئيس الحكومة، والتي ما زالت موضع تكهنات إلى حد هذا الوقت.

إن استمرار الوجود الإيراني في العراق يعتبر مصدر تهديد إلى الأمن الإقليمي والأمن الدولي، كون إيران حولت العراق إلى منصة إيرانية، لتنفيذ عملياتها الإرهابية، ودعم ترسانتها التسليحية النووية والصواريخ الباليستية، إلى جانب تحويل العراق، إلى غسيل الأموال لمواجهة العقوبات الأميركية أو الدولية.

ربما يعجبك أيضا