الموافقة على مسودة اتفاقية استراتيجية .. هل طوق نجاة الاقتصاد الإيراني في يد التنين الصيني؟

يوسف بنده

رؤية

تتوالى التقارير السلبية حول الاقتصاد الإيراني، فوفقًا لتقریر البنك المركزي الإيراني، كان معدل تكوين رأس المال الثابت الإجمالي في إيران عام 2019 سالبًا للعام الثاني على التوالي، ووصل إلى سالب 5.9 بالمائة.

كما أظهرت الإحصاءات الجمركية لشركاء إيران الرئيسيين في التجارة الخارجية انخفاضًا ملحوظًا في مستواها التجاري مع طهران في الأشهر الـ5 الأولى من العام الجاري 2020، علمًا بأن الجمارك الإيرانية، ومنذ بداية العام الماضي، أوقفت نشر تقاريرها الشهرية، واكتفت بالإحصاءات الكلية للصادرات وواردات السلع غير النفطية.

وعلى صعيد متصل، أقر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده تتعرض لما وصفها بضغوط اقتصادية قصوى.

وأرجع روحاني في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا)، الأحد الماضي، السبب إلى تداعيات سلبية ناجمة عن تفشي جائحة كورونا والعقوبات المفروضة من جانب الولايات المتحدة منذ عام 2018.

وأردف روحاني أن “إيران تعيش اليوم ظروفا صعبة وخطرة، حيث لم يشهد العالم مثل هذا التأثير الكبير على الاقتصاد والمجتمع والحياة اليومية والعلاقات الدولية” .

اتفاقية استراتيجية مع الصين

يوم الأحد 21 يونيو/ حزيران، وافقت الحكومة الإيرانية على مسودة مشروع “برنامج التعاون الشامل لمدة 25 عامًا بين إيران والصين”، وكلف الرئيس الإيراني حسن روحاني، وزيرَ خارجية حكومته محمد جواد ظريف، بالتوقيع على الاتفاقية مع الجانب الصيني بعد المفاوضات النهائية.

بعد ذلك بيومين، أعلن ظريف، في تغريدة نشرها باللغة الصينية، عن إجراء مقابلة بالفيديو مع نظيره الصيني، تحدث فيها عن “الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين”، وتسيير “برنامج التعاون الثنائي لمدة 25 عامًا”.

ولم يتم نشر أي معلومات رسمية عن هذه الوثيقة المزمع توقيعها بين إيران والصين. وليس من الواضح حتى ما إذا كانت هذه الاتفاقية ستتم صياغتها باعتبارها وثيقة تعاون أم اتفاقية بين البلدين تتطلب موافقة البرلمان.

وکتب موقع “تابناك” التابع لمحسن رضائي، أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، مشيراً إلى أن هذه هي الوثيقة الأولى للتعاون طويل الأمد “مع قوة عظمى في السنوات الأربعين الماضية”، وقال إنه “يمكن اعتبار هذه الوثيقة منعطفًا كاملًا نحو الشرق. في الواقع، قد يعني ذلك خيارًا وترجيجًا نهائيًا للشرق على الغرب”.

وتشير تقارير إعلامية، إلى أن التركيز الرئيسي للاتفاقية ينصبُّ على “استثمار صيني بقيمة 280 مليار دولار في صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات بإيران”.

كما أفادت وسائل إعلام أخرى بأن الاتفاقية الجديدة هي موضوع اتفاقية موقعة في عام 2016 بعنوان “شراكة استراتيجية شاملة بين الصين وإيران”، بقيمة 400 مليار دولار بين البلدين، ولكن في المفاوضات الجديدة “تمت إضافة بنود بالخفاء”.

نجاد يحذر

حذَّر الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، من هذه الاتفاقية، التي وصفها بالسرية، وإنه يتم التوقيع عليها سرًا مع أطراف أجنبية “ضد مصالح البلاد والشعب”، من دون تسمية تلك الأطراف أو ذکر اسم الاتفاقية.

بحسب موقع “دولت بهار” الذي يغطي أخبار الرئيس الإيراني السابق والمقربين إليه، قال محمود أحمدي نجاد يوم السبت 27 يونيو/حزيران، في لقاء مع مجموعة من مواطني محافظة کيلان (شمالي إيران): “لقد سمعت أنهم يتفاوضون ويريدون التوقيع على اتفاقية جديدةٍ مدتها 25 عامًا مع دولة أجنبية، ولا أحد يعرف”.

وقال من دون ذكر اسم معين: “هل أنتم أصحاب هذا الوطن لكي تعطوا أموال الشعب للآخرين من دون علمه؟! لقد قمنا بالثورة کي لا تُخفى قضية عن الشعب ولا يعتبر أحدٌ نفسَه  وصياً على الشعب”.

وفي هذا السياق، أعرب عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عن قلقهم بشأن فحوى هذه الاتفاقية مع الصين، في حين أشاروا إلى فساد فترة محمود أحمدي نجاد ولم يعتبروه شخصًا جديرًا بإصدار هذا التحذير.

رد الحكومة الإيرانية

نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، هذه التقارير التي تحدثت عن توقيع الحكومة على اتفاقية سرية، مشددًا على أن الوثيقة تغطي الأبعاد السياسية والاقتصادية المختلفة، وأنه من المرجح نشرها بالكامل مستقبلا بعد الموافقة النهائية عليها.

ودون الخوض في تفاصيل الوثيقة، قال موسوي، في مؤتمر صحافي، اليوم الإثنين 29 يونيو/ حزيران، إن “هذه الوثيقة مشرفة وفي مصلحة البلدين.”

وأكد أن هذه الوثيقة ما زالت “مسودة” وإن ما قيل “في وسائل الإعلام أو من قبل بعض الأشخاص لا صحة له”.

وحسب تقرير نشرته مجلة “بتروليوم إيكونومست” في سبتمبر 2019؛ تتعهد الصين وفقاً للعرض باستثمار 400 مليار دولار في تطوير مشروعات النفط والغاز، مقابل أن تمنح الحكومة الإيرانية بكين الحق في كيفية إدارة الاستثمارات وتسويق النفط والغاز ومنتجات البتروكيميائيات التي ستنفق فيها الاستثمارات. كما يتناول اتفاق الشراكة السماح للصين بوضع 5 آلاف جندي في إيران لحماية هذه الاستثمارات الضخمة.

ربما يعجبك أيضا