قرار “اليونسكو” ضربة لمزاعم الاحتلال وتثبيت للحق الفلسطيني والإسلامي

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

صوتت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، على قرار فلسطيني ينص بالموافقة على قرار ينص على اعتبار القدس مدينة محتلة.

وكان اليونسكو قد صوت لصالح مشروع قرار البلدة القديمة في القدس وأسوارها قبل 6 اشهر، أكد فيه أن المسجد الأقصى – بما فيه الحائط الغربي- تراث إسلامي خالص.

وهو القرار الذي اعتبره مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس حينها أنه يتضمن إدانة شديدة لاقتحامات المتطرفين اليهود، وقوات الاحتلال المستمرة للمسجد الأقصى، ويحث سلطات الاحتلال على منع الانتهاكات.

إلا أن قطعان المستوطنين وبتحريض من القيادات السياسية في الكيان الصهيوني استمروا في محاولة فرض الأمر الواقع، وتقسيم الأقصى مكانيًّا وزمانيًّا.

أما القرار الجديد فأهميته أنه جاء ليؤكد للعالم أجمع أن القدس مدينة محتلة، وينبغي إخراج الاحتلال منها وفقا للقوانيين الدولية.

مشروع القرار

22 دولة صوتت، لصالح القرار مقابل 10 رفضته.ومن بين الدول التي رفضت مشروع القرار؛ الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا وإيطاليا.

وجرى تقديم القرار من قبل فلسطين بالتنسيق مع الأردن، وبدعم من الدول العربية وغيرها.

وينص مشروع القرار على “أن البلدة القديمة في القدس فلسطينية خالصة لا علاقة لها باليهود، مع التأكيد على تاريخ المدينة وتراثها الحضاري المرتبط بالمسلمين والمسيحيين”.و يؤكد مشروع القرار “أن المقابر والحرم الإبراهيمي في الخليل، وقبر راحيل في بيت لحم، مقابر ومناطق إسلامية خالصة”.ويتيح القرار أمام المنظمة الدولية إرسال مندوب بشكل شبه دائم لمتابعة الانتهاكات الإسرائيلية.وحاولت إسرائيل جاهدة العمل على منع صدور القرار، من خلال التنسيق مع أميركا للضغط على بعض الدول، إلا أنها فشلت في إقناع غالبية الدول الأوروبية.

وكان اليونيسكو قد أعلن العام الماضي عن إدراج 55 موقع تراث عالمي على قائمة المواقع المعرضة للخطر، ومنها البلدة القديمة في القدس المحتلة وأسوارها.

ترحيب فلسطيني

وقال سفير فلسطين باليونسكو منير أنستاس إنه تم اعتماد قرارين في جلسة اليوم، الأول بعنوان فلسطين المحتلة وفيه قسم يتعلق بالقدس وهو الأصعب، وقسم يتعلق بغزة، وثالث يتعلق ببيت لحم والخليل.

وأشار أنستاس إلى أن إسرائيل قامت بضغط كبير على العواصم، وشنت حملة كبيرة ضد صدور هذا القرار لهدف واحد هو تشريع ضم القدس وإلغاء القرارات المتعلقة بها لأنها تذكر إسرائيل بأنها قوة احتلال هناك.

وأوضح أن التطور الأخير مهم للغاية لأنه أعاد التأكيد والتذكير بالقرارات السابقة، وذكر إسرائيل أنها قوة قائمة بالاحتلال وأن كل ما تتخذه من إجراءات لفرض قانونها وإداراتها -بما في ذلك القانون الأساسي- ما يعني أن قانون ضم القدس باطل وغير مشروع.
رفض إسرائيلي رغم التنازلات

وفي إطار هذا الاتفاق، وافق الفلسطينيون والعرب على تقديم “تنازلات كبيرة” في مقدمتها شطب أي ذكر أو تطرق إلى المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف من صيغة القرار، وهي البنود التي أثارت غضب “إسرائيل” وأعلنت في أعقاب ذلك عن تجميد تعاونها مع اليونسكو. كما أضيف لصيغة القرار الجديد جملة تقول إن القدس مهمة للديانات التوحيدية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام.
ورغم ذلك، يرى مراقبون: أن “إسرائيل” ليست راضية من “الصفقة” بين الأوروبيين والعرب، وذلك لأن القرار بقي سياسيا ولا يزال يتضمن انتقادات لـ “إسرائيل”.

فالقرار الجديد لا يزال يصف “إسرائيل” بأنها “قوة احتلال” لكل ما يتعلق بالقدس، ولا يعترف بضم القدس المحتلة إلى “إسرائيل” ويوجه انتقادات للحفريات التي تنفذها “إسرائيل” في شرقي القدس وحول البلدة القديمة، وكذلك ينتقد الوضع في قطاع غزة وممارسات “إسرائيل” في الحرم الإبراهيمي في الخليل وفي قبة راحيل في بيت لحم.

والسبب الثاني لعدم رضا “إسرائيل” من القرار الجديد، وربما الأهم بنظرها، هو أن “الصفقة” شملت تعويضاً على شكل قرار موحد لجميع دول الاتحاد الأوروبي الـ11 الأعضاء باللجنة الإدارية لليونسكو بالامتناع أو دعم القرار بالتصويت بعد غد، ولكن عدم التصويت ضده. وفي وضع كهذا سيتضاءل بشكل دراماتيكي عدد الدول التي ستصوت ضد القرار الذي سيحصل في هذه الحالة على شرعية بالغة.

رفض إسرائيلي رغم التنازلات

ووصف المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون في تغريدات له على تويتر قرار اليونسكو بشأن القدس بالمتحيز والخادع وقال إنه لن يغير من حقيقة أن القدس هي العاصمة التاريخية والأبدية للشعب اليهودي، على حسب تعبيره. كما قال دانون إن بلاده لن تقف صامتة أمام ما اعتبره قرارا مخجلا.

أما السفير الإسرائيلي لدى اليونسكو فقد اعتبر -خلافا للباقين- أن القرار الجديد سجل تقدما لصالح إسرائيل بالمقارنة مع القرارات السابقة، مشيرا إلى أن خمس دول جديدة صوتت ضد القرار بعد أن صوتت إلى جانبه في المرات السابقة.
وأضاف أن القرار تضمن هذه المرة نصا يؤكد أن القدس مقدسة للأديان السماوية الثلاث، وأكد أن إسرائيل ستواصل جهودها حتى إسقاط هذا القرار.

غضب نتنياهو

وقد هاجم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قرار “اليونسكو” قبل صدوره، نافياً فرض “إسرائيل” السيادة على القدس المحتلة.
وزعم نتنياهو أن “القدس هي عاصمة الشعب اليهودي. ولا يوجد شعب في العالم يرى أن القدس مقدسة لديه ومهمة مثل الشعب اليهودي، وعلى الرغم من أنه يجري تداول اليوم في القدس وتجري محاولة نفي هذه الحقيقة. ونحن نكفر باليونسكو ونؤيد حقيقتنا”.
وادعى أنه “طوال التاريخ اليهودي كانت القدس قلب الأمة، ومركز يتوجه الجميع إليه ويصلون نحوه”.
مؤسسات فلسطينية تشيد بالقرار

وقد مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، ودائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى (تابعتان لوزارة الأوقاف الأردنية)، والهيئة الإسلامية العليا، والهيئة الإسلامية المسيحية (غير حكوميتين)، ودار الإفتاء الفلسطينية (تابعة للسلطة الفلسطينية) بالقرار.
ووقالوا في بيان لهم: “يعيد تصويت اليونسكو التأكيد على الهوية العربية والإسلامية الأصيلة للقدس والمقدسات، ويؤكد على بطلان جميع انتهاكات وإجراءات الاحتلال منذ عام 1967 ويعتبرها لاغية ويجب إلغاؤها”.

وأضاف البيان: “تشكر المرجعيات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف جميع دول العالم الحر التي صوتت لصالح قرار القدس المعد من قبل الـمملكة الأردنية الهاشمية ودولة فلسطين”.

حماس ترحب بالقرار

ورحبت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بقرار “اليونسكو”، وقالت إن القرار يعتبر “دحضًا للرواية الإسرائيلية المزيفة التي تزعم بأحقية إسرائيل في مدينة القدس، ويؤكد على عدم شرعية وبطلان الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا الفلسطينية ومدينة القدس والمعالم الإسلامية فيها”.

ودعت الحركة إلى “ضرورة تبني هذا القرار عربيًا وإسلاميًا ودوليًا والعمل على تنفيذه على أرض الواقع، والتوقف عن جميع أشكال الحفريات وعمليات التهويد للمسجد الأقصى”.

القرار إذا ضربة كبيرة لمخططات الاحتلال الإسرائيلي، وهو خطوة على طريق طويل، نحو تحرير أرض الإسراء والمعراج، وهو قادم لا ريب في ذلك مهما طال الزمان أو قصر.

ربما يعجبك أيضا