وسط رياح «كورونا» و«البريكست».. رصيد جونسون لدى البريطانيين يوشك على النفاد

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

يبدو أن رصيد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يوشك على النفاد وسط تعثر خططه سواء للانفصال عن الاتحاد الأوروبي أو لمواجهة رياح جائحة كورونا العتية، فبحسب استطلاع رأي حديث واحد فقط من كل ثلاثة بريطانيين يثق في نجاعة خطة الحكومة للحد من تفشي الوباء.

تقول صحيفة “الإندبندنت”: إن مسحا أجرته شركة “ BMG Research” أظهر أن أقل من 22% من البريطانيين يعتقد أن حكومة جونسون ستنجح في خطواتها الجديدة لتشديد قيود كورونا للسيطرة على معدلات الإصابة المرتفعة، فيما عبر 36% عن ثقتهم في طريقة استجابة جونسون للأزمة، مقابل 44% -من عينة قوامها 1500 ناخب بريطاني- عبروا عن عدم ثقتهم في جونسون وقدرته على العبور بهم من الجائحة.

 بالنسبة لوزير الصحة مات هانكوك فوضعه أسوأ، فبحسب نتائج الاستطلاع 26% فقط من البريطانيين لديهم ثقة في طريقة تعاطيه مع أزمة كورونا، فيما عبر 39% عن عدم ثقتهم في أداء هانكوك، في المقابل  تمتع وزير المالية ريشي سوناك بثقة أعلى حتى من رئيس الوزراء حيث عبر 44% من المشاركين في الاستطلاع عن رضاهم عن أدائه، ربما بفعل دوره في تمرير حزمة تحفيز اقتصادي بنحو 200 مليار جنيه إسترليني لدعم جهود مكافحة الوباء ومتضرري كورونا، بما في ذلك خطة الإجازات مدفوعة الأجر للموظفين غير القادرين على العمل.

ماذا فعل كورونا في البريطانيين؟

كشفت نتائج الاستطلاع أن 26% من المشاركين تراجع دخل أسرهم نتيجة لتفشي المرض، ونحو 3.4% منهم أفادوا بأن دخلهم انخفض بأكثر من 50% بسبب قيود كورونا.

وبالنسبة للمستقبل القريب، قال 25% ممن شملهم الاستطلاع إنهم يتوقعون انخفاض دخل أسرهم بشكل أكبر خلال الأشهر الستة المقبلة، تحديدا مع انتهاء خطة الإجازات المدفوعة – التي تسهم فيها الحكومة بدفع نحو 80% من أجر العمال في الشركات التي أجبرت على الإغلاق أو العمال غير القادرين عن العمل نتيجة وضعهم الصحي- في نوفمبر المقبل.

محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي حذر مطلع الشهر الجاري من المخاطر التي تحيط بالاقتصاد البريطاني نتيجة لتداعيات الجائحة، متوقعا تراجع الناتج المحلي للبلاد في الربع الثالث بنسبة بين 7 إلى 10 بالمئة، مقارنة مع تراجع بمقدار الخمس في الربع الثاني، ما يعني دخول ثاني أكبر اقتصاد أوروبي في دائرة الركود.

خلال الربع الثاني من العام والذي شهد أسوأ ركود منذ العام 1955، سجلت نسبة البطالة بين البريطانين زيادة نسبتها 4.1 %، مقابل 3.9% خلال الربع الأول، وسط توقعات لبنك إنجلترا بأن يتضاعف معدل البطالة إلى 7.5 % بحلول نهاية العام.

حتى الآن سجلت بريطانيا أكثر من 722 ألف إصابة بكورونا بينها أكثر من 43 ألف حالة وفاة، وخلال الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعات قياسية في معدلات الإصابة –  بالأمس فقط أعلنت السلطات الصحية عن تسجيل 16982 إصابة جديدة- ما دفع الحكومة إلى العودة – رغم معارضة حكام الولايات وتحديدا في الشمال- إلى فرض تدابير أكثر صرامة منها إغلاق الحانات والمطاعم بشكل تام في بعض المناطق التي صنفت “عالية الخطورة” وتخفيض ساعات عملها في مناطق أخرى أقل خطورة من حيث تفشي الإصابات، كما دعت الحكومة إلى العودة إلى العمل من المنزل قدر الإمكان، منوهة إلى أن هذه الإجراءات قد تستمر 6 أشهر مقبلة لمواجهة الموجة الثانية من الفيروس.

معضلة البريكست

حكومة جونسون تبدو الآن عاجزة عن إدارة شؤونها الداخلية متمثلة في أزمة كورونا، أو على الأقل لا تقوم بذلك بالكفاءة المطلوبة، وخارجيا حتى اللحظة لم تتمكن من إحداث خرق إيجابي في مفاوضاتها مع بروكسل، هي فقط تتخيل أنها تستعيد السيطرة على دولة “مستقلة”، لكن في حقيقة الأمر هي ربما على وشك أزمة أكبر مع حلول موعد الانفصال النهائي بنهاية ديسمبر المقبل.

اليوم طالبت الحكومة الشركات بالاستعداد لـ”بريكست” بدون صفقة تجارية مع بروكسل، والتركيز على الأول من يناير المقبل كموعد نهائي للخروج وبدء سريان قواعد جديدة للتجارة مع دول الاتحاد، وذلك بعد أن فشلت القمة الأوروبية الأخيرة التي عقدت نهاية الأسبوع الماضي في التوصل إلى صفقة.  

وزير شؤون مجلس الوزراء وكبير المفاوضين مايكل غوف، قال لـ”بي بي سي”، أمس: هناك تغييرات قادمة في غضون 75 يوما فقط، والوقت ينفد أمام الشركات، وعلينا جميعا أن نبدأ العمل الآن، حتى نتمكن من اغتنام الفرص الجديدة المتاحة لدولة تجارية مستقلة، تتحكم في حدودها ومياهها الإقليمية، لكنه أضاف: الباب لا يزال “مفتوحا جزئيا” لمزيد من المحادثات، إذا كان الاتحاد الأوروبي مستعدا لتغيير موقفه بشكل كبير.

الخلاف بين لندن وبروكسل يدور حول قواعد المنافسة التجارية العادلة وكيف ستتم مراقبة هذه القواعد فيما بعد “البريكست”، وأحقية وصول أساطيل الصيد الأوروبية بسلاسة  إلى مياه المملكة المتحدة، إذ تريد بريطانيا إعادة تأكيد سيادتها على مياهها وألا يكون هناك إشراف قانوني من الاتحاد، وتريد اتفاقا تجاريا من النوع الموقع بين الاتحاد وكندا، فيما ترى بروكسل أن لندن وضعها مختلف تماما عن كندا، باعتبارها عضو سابق قرر الانفصال برغبته.

مخاطر مزدوجة

في أول مؤشر على الضرر الذي سيحدثه الانفصال بدون صفقة، خفضت وكالة “موديز”  مطلع الأسبوع الجاري، تصنيف الديون السيادية لبريطانيا من “Aa2” إلى “Aa3” مع نظرة مستقبلية مستقرة، عازية خفض التصنيف إلى تراجع القوة الاقتصادية والمالية للمملكة نتيجة عجز الحكومة عن التوصل إلى صفقة تجارية مع الاتحاد، ما من شأنه الضغط على النمو الاقتصادي في المستقبل القريب.

كما خفضت الوكالة تصنيف بنك إنجلترا إلى درجة “إيه إيه 3” مع آفاق سلبية، وقالت: إنه حتّى مع وجود اتفاق تجاري مع الاتحاد بحلول نهاية العام، من المرجّح أن يكون نطاقه ضيقاً، وبالتالي فإنّ خروج المملكة  سيواصل الضغط على الاستثمار الخاص و النمو الاقتصادي.

قبل أيام حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن “بريكست” بدون صفقة تجارية، سيكون له تأثير سلبي كبير على الاقتصاد البريطاني، حيث ستتعرض القطاعات المعتمدة على التصدير لأكبر ضرر، فعدم صفقة يعني المزيد من الأعباء المالية للشركات البريطانية في علاقاتها مع دول الاتحاد، بمعنى آخر لن تتمتع بامتيازات السوق الأوروبية الموحدة كما كان في السابق وستتعامل وفق قواعد التجارة العالمية.

وتوقعت انكماش الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا بنحو 10% بنهاية العام الجاري، وقالت: إن زيادة إصابات كورونا ومخاطر الخروج من الاتحاد دون صفقة تجارية تمثلان مخاطر هبوطية كبرى.

ربما يعجبك أيضا