في ذكرى احتجاجات نوفمبر .. هل تستعد واشنطن لاستخدام ملف حقوق الإنسان ضد طهران؟

يوسف بنده

رؤية

قوبلت الذكرى السنوية لاحتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، والتي قمعتها سلطات إيران، باهتمام ضئيل، من قبل وسائل الإعلام العالمية والأوساط الدولية، تمامًا مثل العام الماضي.

واقتصر إحياء الذكرى السنوية لاحتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 على بيان أصدرته المنظمات والمؤسسات الناشطة في مجال حقوق الإنسان ووزارة الخارجية الأمريكية، والناشط الصيني البارز، جاشوا وانغ.

وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قد أكد أول من الأحد الماضي في بيان له أن “أمريكا ومن أجل مساءلة النظام الإيراني وتحقيق بعض من العدالة للشعب الإيراني، ستتخذ قريبا إجراءات ضد من قاموا بقمع احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019”.

وتزامنًا مع الذكرى السنوية للاحتجاجات، فرضت السلطات الإيرانية أجواء أمنية في طهران والعديد من المدن الأخرى، حيث رفض بعض أسر ضحايا الاحتجاجات إقامة مراسم تأبين لأقربائهم المتوفين خشية هجوم القوات الأمنية عليهم.

وتلاشت ذكرى مجزرة نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 على الصعيد الدولي في ظل بروز أخبار أخرى مثل كوفيد-19، ومقتل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة بأحد شوارع طهران على يد عناصر إسرائيليين.

بالتزامن مع الذكرى الأولى لاحتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 التي عمّت البلاد؛ وفقًا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن إدارة ترامب وإسرائيل تسعيان إلى أن تكون عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي صعبة، وقد تم تنظيم العقوبات الجديدة ضد إيران بشكل لا يمكن إلغاؤها في حال عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي.

وتتعلق العقوبات بـ”برنامج الصواريخ، ومساعدة إيران للمنظمات الإرهابية، وانتهاكات حقوق الإنسان”.

مطالب بالتحقيق

دعت منظمة هيومان رايتس ووتش، مرة أخرى، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء “تحقيق برعاية أممية” في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أثناء الاحتجاجات واسعة النطاق في إيران.

وشدد بيان المنظمة، الصادر الثلاثاء 17 نوفمبر (تشرين الثاني)، على أنه على الرغم من مرورعام على هذا القمع، فإن المسؤولين الحكوميين الإيرانيين يرفضون “تحمل أي مسؤولية”.

وخلال حملة قمع الاحتجاجات وإغلاق الإنترنت، التي بدأت يوم 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، بعد الإعلان المفاجئ عن زيادة أسعار البنزين بمقدار ثلاثة أضعاف، قتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 304 رجال ونساء وأطفال، في 5 أيام، بحسب منظمة العفو الدولية.

وفي غضون ذلك، ذكرت “رويترز”، في تقرير لها، أن عدد القتلى خلال احتجاجات العام الماضي بلغ 1500 شخص.

وأشارت تارا سبهري فر، الباحثة الإيرانية في هيومان رايتس ووتش، إلى الأحداث التي أعقبت قمع احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قائلة: “ما زالت الحكومة الإيرانية تواصل “مضايقة عائلات القتلى الذين لقوا مصرعهم  خلال الاحتجاجات”.

وشددت على حق أهالي “مئات الضحايا” في “محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”، قائلة إن النظام الإيراني “يقمع بشكل منهجي جهود أولئك الذين يطالبون بتحقيق العدالة في هذا الصدد.”

وطالبت سبهري فر المجتمع الدولي بالضغط على المسؤولين الإيرانيين لضمان أن “إيران لا تتملص من عواقب مثل هذا القمع الدموي”.

كما أشار تقرير هيومان رايتس ووتش إلى الحكم على عشرات المحتجين المعتقلين، قائلاً إن مسؤولي الحكومة الإيرانية حاولوا “تبرير” قمع المتظاهرين من خلال “وصفهم بالمشاغبين”.

ولفت التقرير إلى أمر المرشد علي خامنئي، الذي دعا الحكومة إلى دعم أسر بعض قتلى الاحتجاجات، مؤكداً أن أمر خامنئي لم يتضمن “أي إشارة إلى التحقيق” في سلوك قوات الأمن ضد المتظاهرين.

يشار إلى أن منظمة العفو الدولية، وهي منظمة أخرى لحقوق الإنسان كانت قد دعت في السابق إلى إجراء تحقيق من قبل الأمم المتحدة في قمع احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، أطلقت موقعًا على الإنترنت يوم 15 نوفمبر (تشرين الثاني) بعنوان “قطع الإنترنت، قتل صامت”. يظهر كيف أخفت السلطات الإيرانية القمع الدموي لمتظاهري نوفمبر (تشرين الثاني) عن أعين العالم.

يحتوي هذا الموقع على أكثر من مائة مقطع فيديو تم التحقق منها، من 31 مدينة في إيران، ويظهر الاستخدام المتكرر للأسلحة النارية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه من قبل قوات الأمن الإيرانية ضد المتظاهرين العزل والمارة.

محاولة امتصاص للغضب

أشار علي ربيعي، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، إلى إعداد تقرير مجلس الأمن القومي عن أحداث العام الماضي، قائلا إنه يأمل أن لا تتكرر مثل هذه الاحتجاجات مرة أخرى.

وقال ربيعي، في مؤتمر صحافي الثلاثاء 17 نوفمبر (تشرين الثاني)، إن مجلس الأمن القومي أعد تقريراً عن ضحايا الاحتجاجات وقدمه إلى “جميع الأجهزة والمسؤولين في البلاد”، مضيفاً أنه “تم تحديد عدد من الضحايا على أنهم شهداء، وعدد آخر سيحصلون على فدية، ومجموعة ثالثة تمت إدانتهم”.

وفي وقت سابق من شهر أغسطس (آب) الماضي، قال مستشار الرئيس الإيراني، حسام الدين آشنا، إن حسن روحاني لم يتلق تقريراً “واضحاً يمكن الدفاع عنه” عن قتلى احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وإن “الذي ينبغي عليه تقديم تقرير في هذا الشأن هو الذي يجب أن يخضع للمساءلة، ولكنه لا يتحمل المسؤولية”.

وأشار ربيعي إلى جهود الحكومة “لإضفاء الطابع المؤسسي” على الاحتجاجات والتجمعات في البلاد، قائلا: “نأمل أن لا تتكرر هذه الحادثة المأساوية. علينا إضفاء الطابع المؤسسي على الاحتجاجات حتى لا نرى مثل هذه الأحداث”.

ووصف المتحدث باسم  الحكومة المتظاهرين بأنهم “أفراد من عائلة إيران الكبيرة”، وأعلن عن صدور أوامر للمحافظين بزيارة العائلات المتضررة.

تأتي الذكرى الأولى لاحتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) في حين لم يتم حتى الآن الإعلان عمن قاموا بإطلاق النار وقتل المتظاهرين. وفي الوقت نفسه تستمر محاكمة المعتقلين وتصدر أحكام بحق المتظاهرين بالسجن والجلد والترحيل والعمل الجبري في المراكز الحكومية والعسكرية والصحية.

يذكر أن مئات الأشخاص تم قتلهم خلال الاحتجاجات، واعتُقل ما يقرب من 10 آلاف شخص، أثناء وبعد الاحتجاجات، من قبل مسؤولي الأمن وإنفاذ القانون.

ويأتي قلق المتحدث باسم الحكومة من تكرار احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد أن قال محمد رضا باهنر، الناشط السياسي الأصولي، مؤخرًا في مقابلة مع وكالة “إيلنا” إنه إذا لم يتم “قمع” هذه الحركة ونزل “مليون شخص آخر” إلى الشوارع، فإن البلاد كانت ستشهد ثورة.

ربما يعجبك أيضا