“واشنطن بوست”: التعليم عن بعد قد يصبح تجربة محبطة وتعيسة لأطفالنا

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن

يعد التعليم عن بعد أحد هو أحد طرق التعليم الحديثة نسبيا. حيث يعتمد مفهومة الأساسي علي وجود المتعلم في مكان يختلف عن المصدر الذي قد يكون الكتاب أو المعلم أو حتي مجموعة الدارسين.

ويتلقى الطلاب عن بعد علومهم بالإفادة من تجهيزات بعيدة عنهم حيث تكون في مدينة أو ربما دولة أخرى، لكن بعدما أصبح التعليم عن بعد وسيلة تعليمية رائجة بسبب تبعات جائحة فيروس كورونا، وجد الباحثون أن لدى التعليم عن بعد مساوئ كثيرة بخاصة لدى الأطفال الأصغر سنا.

يستفيد الطلاب من تجهيزات التعليم عن بعد ويتلقون دروسهم باستخدام وسائل الاتصالات المختلفة. وقد تشتمل هذه الوسائل في صورتها البسيطة على مواد مطبوعة ترسل بالبريد، أو ربما تشتمل في صورتها المتقدمة على محاضرات ترسل بالحاسوب عبر الشبكة العنكبوتية العالمية. ويتطلب التعليم عن بعد أن يبذل الطالب جهداً أكبر من ذلك الذي يتطلبه التعليم التقليدي. فالمعلم في التعليم عن بعد مرشد أكثر منه مدرساً نظامياً.

ويبلي بعض الأطفال بلاءً حسنًا في الدراسة عن بعد، حتى إن البعض يفضله، لكن كثيرين منهم فهم يعانون عاطفياً وعقلياً وحتى جسدياً من ساعات طويلة، غالباً بمفردهم، أمام شاشة الكمبيوتر.

pic newsroom remote school

وطلبت صحيفة “واشنطن بوست” من الآباء في جميع أنحاء البلاد مشاركة القصص والأعمال الفنية التي أنتجها الأطفال المشاركون في تجربة المدرسة المنزلية الإلزامية، وحصلت على أكثر من 60 ردًا من العائلات التي تعيش في 18 ولاية.

ووجدت الدراسة أن الأطفال في سن المدرسة يفتقدون الاهتمام بالطعام، ويشكون من آلام الظهر وحرقان في العينين، ومشاعر الاكتئاب.

ويقول الخبراء إنه ليس من المستغرب، بل يمكن التنبؤ به، ومن المرجح أن يزداد سوءًا مع استمرار إغلاق حرم المدارس في جميع أنحاء البلاد.

وتقول ماثيو بيل، رئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في كلية الطب بجامعة جورج تاون: “إن الضغط على الأطفال هائل، قد يريد طفلك البالغ من العمر 7 سنوات أن يتم التعرف عليه عندما يرفع يده داخل الفصل الدراسي، بينما في كثير من الأحيان لا يحدث ذلك التفاعل، إنهم يريدون أن يكونوا قادرين على إبداء تعليق، وإلقاء نكتة مع زميل – لا يمكنهم فعل ذلك، لا يسمح لهم بالدردشة المباشرة. يريد أن يكون قادرًا على النهوض والتجول في الفصل والتحرك، بينما لا يمكنهم فعل ذلك”.

وأشارت الخبيرة إلى أن الأمر قد يكون صعبًا بشكل خاص على الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتأخر النمو أو الصراعات الاجتماعية، ولكنه قد يكون أيضًا تحديًا للشباب الذين يتوقون ببساطة إلى الصداقة وراحة الطقوس المدرسية.

وقالت بيل إن الطريقة الوحيدة للتعبير عن الصدمة والحزن والاستياء خاصة بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا هي من خلال الانفعالات العاطفية والعنيفة ونوبات الغضب أحيانا وعلى الرغم من أن الآباء في جميع أنحاء الولايات المتحدة يسارعون إلى طمأنة أطفالهم، إلا أنهم لا يستطيعون تقديم إجابة واحدة من شأنها أن تساعد كثيرًا – إخبار الأطفال بموعد انتهاء الوباء.

ثلاثة أسباب للفشل الذي يلاقيه التعليم عن بعد اليوم: “الأول متعلق بالهيئة التعليمية التي لم تكن مستعدة لمسألة التعليم عن بعد حين فاجأتنا كورونا، فهذه الهيئة التعليمية لم تتلقَ التدريب اللازم كي يعمل الأستاذ بطريقة فاعلة، وكي يستفيد من التقانة الجديدة المتاحة في مجال التعليم، كما أن أغلبية العاملين في الحقل التعليمي في العالم العربي، حيث التعليم عن بعد لم يكن خيارًا مطروحًا، لا تتقن طريقتي التعليم  المتزامن أي التفاعلي الحاصل في الزمن الحقيقي لعملية التعليم، وغير المتزامن، أي الذي لا يحصل بالضرورة في الزمن نفسه”.

والسبب الثاني، متعلق بالأهالي ووجودهم الدائم لمراقبة أولادهم، “ففي الفئة العمرية تحت ثمانية أعوام، التعلم عن بعد يستدعي وجود الأهالي إلى جانب أطفالهم، لكن في حالة الوالدين العاملين هذا يبدو صعبًا، وبالتالي يؤثر على قدرة التلاميذ على مجاراة المناهج التعليمية المقدمة عن بعد”.

أما السبب الثالث فمتعلق بالتلاميذ أنفسهم، ففي الفئة العمرية الأكبر، ثمة مسألة التسرب المدرسي الافتراضي إن لم يكن إشراف الأهل موجودًا في كل الأوقات، والأستاذ لم يعد قادرًا على فرض هيبته والتحكم بصفه، إضافة إلى أن التلاميذ يفقدون اهتمامهم بالمادة.

iStock 1213430705

لذلك على المؤسسات التعليمية تسليح هيئاتها التعليمية بمزيج من الوسائل والمصادر التعليمية التفاعلية، وتعميم فكرة قياس الاستجابة بشكل مستمر، واعتماد مقاربة تفرض تعاون الثلاثي التعليمي، أي الأستاذ والتلميذ والأهل من أجل إنجاح تجربة التعليم عن بعد.

ربما يعجبك أيضا