عام على انفجار «مرفأ بيروت».. ولبنان ينزف!

كتب – حسام عيد

زعمت أنها قادرة على بلوغ وتحقيق العدالة الكاملة في 5 أيام فقط عبر تحقيق إداري نزيه وشفاف بالانفجار الكارثي والمميت الذي هز مرفأ بيروت وخلّف دمارًا لم يكن يتوقع أسوأ المتشائمين في بلد الأرز، لكن الحكومة فشلت، ونجحت على مدار عام كامل في تحقيق وعد لم تطلقه في الأساس وهو تحويل مرفأ بيروت بصوامعه الضخمة إلى أيقونة للخراب والفساد وسوء الإدارة والانهيار الاقتصادي في لبنان، فالساسة والقائمون على صناعة القرار أصبحوا بالفعل عبئًا ثقيلًا على عموم اللبنانيين الذين أصبحوا بلا أحلام لكنهم لا زالوا متشبثين بحقهم في غد ومستقبل أفضل لهم بلا طامعي سلطة أو نفوذ.

أسوأ انفجار غير نووي

في الرابع من أغسطس 2020، دوى انفجار ضخم في مرفأ بيروت  فقُتل أكثر من مئتي شخص وجرح أكثر من 6500 آخرين وأُلحق دمارًا ضخمًا في المدينة وشُرِّد عشرات الآلاف.

وعمّقت المأساة أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية ومالية كانت بدأت قبل أشهر. بعد مرور عام، لا يزال البلد الصغير المنهك ينزف، ولم يحاسب أحد على ما حصل.

وانتقدت دول عدة بينها فرنسا مسار التحقيق، وطالبت منظمات دولية بتشكيل بعثة تحقيق بإشراف الأمم المتحدة تدعم التحقيق المحلي، علها تنتشله من التدخلات السياسية. ووقع الانفجار في عزّ أزمة كوفيد-19، ففاقم هموم اللبنانيين الذين كانوا غارقين أصلًا في أزمة اقتصادية غير مسبوقة.

وقد بدأ لبنان مسيرته نحو الهاوية مع إعلان السلطات التوقف عن دفع ديونها الخارجية، ووضعت المصارف قيودًا على الودائع، وبدأت العملات الأجنبية تنفد من الأسواق والليرة اللبنانية تفقد قيمتها. ضرب الانهيار الاقتصادي قطاعات مهترئة أساسًا مثل الكهرباء، وتعثرت قطاعات أخرى، وصولًا الى قطاع الصحة بعد تفشي فيروس كورونا ثم هجرة مئات الأطباء والممرضين الى الخارج بسبب الأزمة، ومؤخرًا نقص الأجهزة الطبية والأدوية جراء التدهور المالي وعدم القدرة على فتح اعتمادات بالدولار.

مرحلة اللا أفق

فيما أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في تقرير أصدره، الإثنين 2 أغسطس 2021، أن الأزمات المتفاقمة في لبنان وعجز الحكومة عن التعامل معها، أوصل الأوضاع في البلاد إلى مستوى غير مسبوق من التدهور.

وأشار التقرير الذي جاء بعنوان “لبنان… الانزلاق إلى الهاوية”، إلى أن معدل الفقر في لبنان تجاوز 55%، في حين بات أكثر من 50% من العمال المهاجرين عاطلين عن العمل.

وأوضح أنه على الرغم من أن لبنان يعاني أزمات عدة بخلاف الأزمة الاقتصادية، مثل جائحة كورونا وتوابع انفجار مرفأ بيروت، إلا أن الأزمة الاقتصادية كان لها الأثر السلبي الأكبر على حياة اللبنانيين، إذ عانت الدولة خلال العام الماضي من كساد اقتصادي كان سببه انكماش النمو في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 20.3%، بالإضافة إلى وصول معدلات التضخم لأكثر من 100%، فضلا عن أن سعر صرف الليرة اللبنانية يشهد تدهورًا غير مسبوق، ومعدلات الفقر تتزايد بشكل حاد.

وقد أظهرت بيانات مصرف لبنان، أن الدين العام بالعملة المحلية والأجنبية، تجاوز 97 مليار دولار بنهاية إبريل الماضي، أي بزيادة 50% عن مستواه البالغ 60 مليار دولار بنهاية عام 2017، نتيجة الاقتراض الضخم وتراكم الفائدة.

وأشار تقرير “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان”، إلى أزمة الارتفاع الحاد في أسعار السلع والخدمات الأساسية في لبنان بصفتها إحدى أكبر الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون، إذ قفزت أسعار نحو 17 سلعة أساسية بنسب وصلت إلى 350%، بسبب تدهور سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار، والتي فقدت ما نسبته 100% من قيمتها خلال أقل من عامين.

وتناول التقرير أيضًا الأزمات اليومية التي يعاني منها اللبنانيون كأزمة المحروقات والكهرباء والتحويلات المالية إلى الطلاب في الخارج، وأزمة الخبز الذي ارتفع سعره 8 مرات خلال العام الحالي فقط، ليصل سعر ربطة الخبز (876 جرامًا) إلى 4500 ليرة لبنانية (3 دولارات أمريكية)، ما جعل جزءا كبيرًا من اللبنانيين يواجهون صعوبة بتوفير ما يكفي من خبز لعائلاتهم.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة ـبحسب المركز الإعلامي للمنظمة الأمميةـ إلى أن أكثر من مليون لبناني (في لبنان 8 ملايين نسمة، من بينهم أكثر من مليوني لاجئ ومهاجر) يحتاجون إلى مساعدة إغاثية لتغطية احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك الوصول إلى الطعام والصحة والتعليم والمياه، ويعيش تسعة من بين 10 لاجئين في فقر مدقع، وما يزيد على نصف المهاجرين في لبنان غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية.

ربما يعجبك أيضا