الانتخابات المغربية.. لماذا خسر الإسلاميون؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

من المركز الأول في انتخابات 2016 إلى المركز الثامن في انتخابات 2021. كارثة سياسية وقعت لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات العامة في المغرب، فما هي أسباب الخسارة التي أغلقت الباب على حكم الإسلاميين في المنطقة؟

لم يكن حتى أشد المتشائمين داخل حزب العدالة والتنمية يعتقد أن الحزب الذي أحرز المركز الأول في انتخابات 2016 بعدما ربح في مجلس النواب عدد مقاعد قياسي بلغ 125، سينهزم بشكل مدوٍ خلال انتخابات 2021 ولن يربح سوى 12 مقعدا في النتائج شبه النهائية. يعدّ هذا الانحدار الأسوأ على الإطلاق في كل تاريخ انتخابات المغرب بالنسبة لحزب يترأس الحكومة.

وفي هذه النتائج، لم ينهزم الحزب ذو المرجعية الإسلامية، فقط أمام خصميه الرئيسيين، حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حلّ أولا وسيكون هو من يقود الحكومة القادمة، أو حزب الأصالة والمعاصرة الذي حل ثانيا وكان المنافس الرئيسي للإسلاميين في انتخابات 2016، بل تقهقر إلى المركز الثامن، ولم يظفر بالمقاعد اللازمة لتكوين فريق برلماني.

كما أن الحزب حقق أسوأ نتيجة له على الإطلاق في الانتخابات التشريعية، إذا استثنينا انتخابات عام 1997 التي شارك فيها لأول مرة وحقق فيها تسعة مقاعد فقط، وغطى فيها عدداً محدوداً من الدوائر الانتخابية.

قلق

كانت ليلة الإعلان عن نتائج الانتخابات عصيبة للغاية على الحزب، وأكبر الخسارات المعلنة جاءت أولاً من مدينة طنجة، ثم توالت أخبار الانكسارات من مدن أخرى كالدار البيضاء ومكناس، ثم جاء خبر سيء الدلالات بخسارة الأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني في الرباط، قبل أن يطلق وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، خلال إعلان نتائج الانتخابات، رصاصة الرحمة على آخر آمال المتعاطفين مع الحزب في مركز مشرف، ويؤكد الخسارة القاسية. بحسب تقرير لـ”دويتشه فيله”.

أكبر ردود الفعل جاءت من الأمين العام السابق، عبدالإله ابن كيران (أو بنكيران)، الذي كتب في منشور على فيسبوك “لا يليق بحزبنا في هذه الظروف الصعبة إلا أن يتحمل السيد الأمين العام مسؤوليته ويقدم استقالته من رئاسة الحزب والتي سيكون نائبه ملزما بتحملها”.

وفي تقييم ذاتي، كتبت البرلمانية عن الحزب، أمينة ماء العينين، أن على الحزب أن يعترف بهزيمته وأن يتدارس أسبابها، داعية كذلك إلى استقالة العثماني. وكتبت على حسابها على فيسبوك: ” لقد عاقب المغاربة الحزب هذه هي الحقيقة التي يجب الاعتراف بها (..) لقد شعر الناس بتخلي الحزب عن المعارك الحقيقية وتخليه عن السياسة مع قيادة منسحبة وصامتة ومترددة في أغلب القضايا الجوهرية، فتخلوا عنه”.

انحسار

وأعادت ماء العينين أسباب الخسارة بشكل كبير إلى قيادة الحزب: “الحقيقة أن حزبنا كان طيلة الفترة السابقة حزبا كبيرا بقيادة صغيرة”، وقالت إن من أسباب الهزيمة “صم الآذان عن صوت النقد الصادق”. وتحدثت كذلك عن أن سعد الدين العثماني “سمح بمرور قوانين انتخابية كارثية، كما قدم تنازلات غير مدروسة ورفض تفعيل مقتضيات دستورية كان يمكن أن تنقذ الحزب، كما تبنى منطقاً إقصائياً حديدياً داخل الحزب”.

حديث ماء العينين يبين وجود أزمة داخل الحزب. بدأت يوم إعفاء الملك لبنكيران من منصب رئيس الحكومة المعيّن على إثر الإخفاق في تشكيلها غداة انتخابات 2016. انقسم النقاش داخل الحزب حول ما إذا كان العثماني، الذي عيّنه الملك خليفة لبنكيران، سيحافظ على شروط هذا الأخير لتشكيل الحكومة.

لكن العثماني تخلّى عنها بسرعة وقبل دخول خمسة أحزاب إلى الحكومة، ولاحقاً لم يستطع بنكيران الترشح لولاية ثالثة داخل الحزب بسبب رفض تعديل قوانينه الداخلية، ما رفع وتيرة التوتر داخل الحزب وخلق تيارين على الأقل واحد مع العمل الحكومي والثاني مع شروط بنكيران.

“سبب الهزيمة المدوية هو أنه عند تحوّله من حزب معارض إلى حزب داخل السلطة، لم يفِ بوعوده مثل محاربة الفساد وتعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وهي المجالات التي اختير من أجلها خلال فترة الربيع العربي” يقول عمر المرابط، محلل سياسي وعضو في الحزب، مضيفاً لـ DW عربية: “رفع الحزب مجموعة من اللاءات كـ ‘لا للفساد ولا للتحكم’، لكنه لما وصل إلى الحكم، كان أحياناً يصمت وأحيانا أخرى يبرّر”.

وجاءت لاحقاً عوامل أخرى، منها تطبيع الحكومة مع إسرائيل رغم رفض الحزب لذلك، ثم الانقسام حول تقنين القنب الهندي الذي بسببه هدّد بنكيران بتقديم استقالته، وإسناد وزارات مهمة داخل الحكومة لتكنوقراط دون حزب سياسي أو لحزب “الأحرار” وظهور الحزب ضعيفاً في عدة مناسبات.

ربما يعجبك أيضا