«فاغنر» في مالي.. استراتيجية روسيا للتغلغل في أفريقيا

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

تسعى روسيا بانتظام لزيادة نفوذها في أفريقيا بمزيد من الحملات الاقتصادية والدبلوماسية التقليدية، بالإضافة إلى استخدام مزيد من الوسائل الماكرة عبر مجموعة “فاغنر”، في ظل سعيها إلى زيادة حصتها من احتياطيات الموارد الطبيعية الثمينة في القارة السمراء، لفرض نفوذها وتحقيق رؤية الكرملين المتمثلة في عالم متعدد الأقطاب.

ووجهت فرنسا تحذيرا إلى مالي من أنها ستفقد “دعم المجتمع الدولي” وستتخلى عن “مقومات كاملة من سيادتها” إذا لجأت إلى مجموعة فاغنر الروسية الخاصة المثيرة للجدل.

تغلغل روسي

أفادت وكالة رويترز أن مالي، التي يحكمها حاليًا المجلس العسكري بعد أن تعرضت لانقلابين في الأشهر الـ 13 الماضية، تجري محادثات مع مجموعة المرتزقة لتوظيف ما لا يقل عن 1000 مقاتل لتدريب الجيش في البلاد وتوفير الأمن لكبار المسؤولين.

والسبت، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن مالي طلبت من شركات روسية خاصة تعزيز الأمن في الدولة التي تشهد نزاعات، مؤكدا أن لا علاقة لموسكو بذلك، وفقا لفرانس برس.

وقال لافروف في مؤتمر صحفي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك:”إنها أنشطة تنفذ على أساس شرعي”. وأضاف “ليس لنا أي علاقة بذلك”.

لكن الخبراء والمسؤولين الغربيين يخشون أن تدخل مرتزقة فاغنر في مالي يجعل الحاكم العسكري الجديد للبلاد مدينا بالولاء والفضل لموسكو، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار، التي أدت بالفعل إلى نزوح ملايين الأشخاص من منازلهم، بحسب مجلة فورين بوليسي.

وأكدت المجلة الأمريكية أن وجود ألف مرتزق في بلد بحجم مالي بمثابة قطرة في بحر، لكن التقارير أثارت القلق في العواصم الغربية، وخاصة باريس، التي تسعى لتقليص وجودها في منطقة الساحل الغربي لأفريقيا بعد 8 سنوات من مكافحة الإرهاب.

اتهام فرنسا

 وكانت حدة التوتر قد ازدادت بين فرنسا ومالي مع خطاب رئيس وزراء الأخيرة شوغل كوكالا مايغا السبت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي اتهم فيه فرنسا “بالتخلي” عن بلاده “في منتصف الطريق” بقرارها سحب قوة برخان، مبرراً بذلك بحث بلاده عن “شركاء آخرين”، من بينهم “شركات خاصة روسية”.

وقال رئيس الوزراء المالي: “الوضع الجديد الذي نشأ بسبب انتهاء برخان، والذي يضع مالي أمام أمر واقع ويُعرّضها لما يشبه التخلّي في منتصف الطريق، يقودنا إلى استكشاف السبل والوسائل لكي نضمن على نحو أفضل الأمن مع شركاء آخرين”.

وتابع أن المطلوب هو “ملء الفراغ الذي سينشأ حتما عن إغلاق بعض مواقع برخان في شمال مالي”، مندداً بـ”قلة تشاور” باريس وإعلان “أحادي” صادر من دون تنسيق ثلاثي مع الأمم المتحدة والحكومة المالية.

باريس ترفض الاتهامات

من جهته، صرح مستشار للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء أن باريس تأمل من المجلس العسكري الحاكم في مالي “توضيح الأمور” واحترام التزاماته بشأن الانتقال السياسي ومكافحة الإرهاب.

وأوضح مستشار ماكرون: “لا يزال هناك مجال لتوضيح الأمور”. وأضاف “نحتاج من المجلس العسكري احترام الالتزامات المتعلقة بالانتقال السياسي، وهو أمر ضروري لاستقرار مالي، ونحتاج إلى التزامات واضحة في مكافحة الإرهاب ونريد أن يمتنع الماليون عن اللجوء إلى خدمات ميليشيا رأينا في جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا الفوضى التي يمكن أن تسببها”.

وأضاف الإليزيه: “تم إبلاغنا بعدد من الاتصالات” بين الطرفين، مضيفا “نعتقد أنه لا يزال بإمكان الماليين اتخاذ القرار الصحيح”.

ولفت إلى أن “البديل واضح بالنسبة لنا، هناك مسألة ثقة مطروحة”، مؤكدة أن اللجوء إلى المرتزقة “لن يكون متوافقا” مع استمرار مهمة القوات الدولية المشاركة في مكافحة الجهاديين.

القلق من مجموعة فاغنر

وأعربت فرنسا والاتحاد الأوروبي سابقا عن قلقهما حيال توجه مالي إلى روسيا، خلال مبادلات في نيويورك، وفق ما قال لافروف. واعتبرت 13 دولة أوروبية بعضها منخرط في تحالف القوات الخاصة “تاكوبا” في مالي، الجمعة أنه من غير المقبول أن تتدخل مجموعة فاغنر في البلاد. وذهبت فرنسا وألمانيا وإستونيا أبعد من ذلك إذ حذرت من أنها ستعيد النظر في وجودها العسكري في مالي في حال تمّ التوصل إلى اتفاق.

ولفتت تقارير إلى أن حكومة مالي التي يهيمن عليها الجيش في باماكو تقترب من التعاقد مع ألف عنصر مسلح من مجموعة فاغنر الأمنية الخاصة الروسية.

ويتواجد عناصر مجموعة فاغنر في دول عدة من بينها ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، حيث يتهمون بارتكاب انتهاكات منذ الربيع. وتشتبه دول غربية وخصوصاً باريس، في أن مجموعة فاغنر تعمل لحساب الكرملين في المواقع حيث لا يريد أن يظهر رسمياً.

ومن المقرر أن يغادر الجنود الفرنسيون بحلول كانون الأول/ديسمبر القواعد الواقعة في كيدال وتيساليت وتمبكتو في شمال مالي، على أن يتمّ تخفيض عديد القوات الفرنسية في منطقة الساحل من أكثر من خمسة آلاف عنصر حالياً إلى 2500 أو ثلاثة آلاف عنصر بحلول 2023.

لكن وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي أكدت الإثنين من باماكو أن فرنسا “لن تغادر مالي” وأنها لا تزال “مصممة” على مواصلة معركتها ضد الإرهاب إلى جانب القوات المالية.

ربما يعجبك أيضا