الورقة الأخيرة.. هل يوقف الإعلان السياسي «الفوضى المرتقبة» في السودان؟

حسام السبكي

حسام السبكي

يبدو أن حالة الريبة بين المكونين العسكري والمدني على رأس السلطة في السودان قائمة، وعلى الأرجح لن يزيلها “الاتفاق السياسي”، المبرم بين عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي وعبدالله حمدوك رئيس الوزراء، إذ تلوح في الأفق ملامح يمكن وصفها بـ”الفوضى المرتقبة”، التي قد تصب مزيدًا من الزيت على نار الأزمة في بلد يئن تحت وطأة الاضطرابات الاقتصادية، فضلًا عن تأثيرات جائحة كورونا، ما يجعل المشهد في البلاد أكثر ضبابية.

ومع حالة القلق والريبة في الشارع السوداني، طفت على السطح في الساعات الأخيرة، بارقة أمل جديدة، تمثلت في ورقة سياسية أو إعلان سياسي، مؤلف من 13 بندًا، يدعم في مضمونه رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، ويطالب بتسريع عجلة التحول نحو الديمقراطية، وهو ما يلقى صدىً إيجابي حتى الآن على الصعيد الدولي.

فهل تنجح الورقة السياسية الأخيرة، كآخر محاولة لوأد “فتنة” وشيكة في البلاد؟!

إعلان سياسي جديد

بعد أحاديث عدة وأنباء متكررة حول مناقشات تجري خلف الكواليس من أجل الإعلان عن اتفاق سياسي جديد وموسع في السودان، ووسط استمرار بعض الانتقادات الموجهة إلى الاتفاق السياسي الذي وقع بين رئيس الحكومة عبدالله حمدوك وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان في 21 نوفمبر الماضي، سلم أفراد من القوى السياسية، ليل أمس (الإثنين)، وثيقة مبدئية لحمدوك.

وتضمنت وثيقة الإعلان السياسي التي قدمتها قوى من الحرية والتغيير- المجلس المركزي، وشخصيات قومية، 13 بندا:

  • أبرز تلك البنود فتمحورت حول الوثيقة الدستورية المعدلة في 2020 التي اشترط الاتفاق السياسي أن تكون المرجعية للفترة الانتقالية
  • كما دعت إلى دعم الحكومة المستقلة الانتقالية التي سيختارها حمدوك.
  • ونص الإعلان على استثناء حزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم خلال عهد الرئيس المعزول عمر البشير ) من المشاركة في الحكم.
  • كما طالب بهيكلة مجلس السيادة وتقليص أعضائه إلى 6 واحتفاظ شركاء السلام بحصتهم وفق اتفاقية جوبا.
  • ودعا إلى وقف الانتهاكات ورفع حالة الطوارئ والإسراع بتشكيل المفوضيات.
  • بالإضافة إلى ما سبق، شدد الإعلان السياسي على التمسك بالنسب المقررة في الوثيقة الدستورية حول تشكيل المجلس التشريعي، داعيا إلى وضع آلية رباعية لبدء المشاورات

يشار إلى أن الإعلان السياسي يشمل التوافق بين الحرية والتغيير (جناح المجلس المركزي) والمكون العسكري وشركاء السلام ولجان المقاومة دون تجاوز أحكام الوثيقة الدستورية.

يذكر أن حمدوك والبرهان كانا وقعا في 21 نوفمبر الماضي اتفاقا سياسيا أعاد تثبيت الشراكة بين المكونين المدني والعسكري، بعد أن تزعزعت إثر الإجراءات الاستثنائية التي فرضتها القوات العسكرية في 25 أكتوبر الماضي، والتي حلت بموجبها الحكومة ومجلس السيادة السابق، وعلقت العمل بالوثيقة الدستورية، وفرضت حالة الطوارئ.

إلا أن هذا الاتفاق فتح الباب لعدة انتقادات، بوجه رئيس الحكومة، وأفقده جزءا من قاعدته أو حاضنته المدنية، لاسيما من قوى الحرية والتغيير التي أعلنت رفضها له.

غير أن مساعي عدة جرت مؤخرا خلف الكواليس من أجل توسيعه، وقد ألمح إلى ذلك سابقا قائد الجيش نفسه، متحدثا عن اتفاق سياسي جديد أو معدل سيبصر النور قريبا، يشمل عددا من الفرقاء السياسيين في البلاد.

فوضى مرتقبة

وسط حالة من الجمود السياسي، والتي على الأرجح لم تتغير كثيرًا، لا بالتدخل الذي نفذه العسكريون قبل توقيع اتفاق سياسي مع المكون المدني، ولا حتى بالمشاورات الجارية حاليًا، ما ينذر بانفجار شعبي جديد!.

فقد واصل السودانيون، أمس (الإثنين)، مسيراتهم الحاشدة، رفضا للحكم العسكري، وسط جمود سياسي ناجم عن تمسك الشارع بمواقفه المطالبة بإبعاد الجيش عن المشهد السياسي، وتعثر جهود رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الرامية لتشكيل حكومة تكنوقراط، وفقا للاتفاق الموقع بينه وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان في الحادي والعشرين من نوفمبر.

واستجابة لدعوات أطلقها تجمع المهنيين ولجان المقاومة السودانية، تجمع آلاف السودانيون في الميادين العامة في أحياء الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، وعدد من المدن الأخرى، منددين باتفاق حمدوك والبرهان ومطالبين بمحاسبة من تسببوا في مقتل المئات من الشباب الذين سقطوا برصاص القوات الأمنية منذ الإطاحة بنظام عمر البشير في الحادي عشر من أبريل 2019.

دعم دولي

بدعوة من النقابات ونشطاء سياسيين، نظم السودانيون مظاهرات نحو القصر الجمهوري، وبالتزامن مع ذلك، أكدت السفارة الأمريكية في الخرطوم وقوفها إلى جانب الشعب السوداني.

ودعا تجمع المهنيين السودانيين في وقت سابق، في بيان، المواطنين إلى التجمع، والتوجه صوب القصر الجمهوري.

وقال في بيان: “ندعو كافة الثائرات والثوار للمشاركة الفاعلة في مواكب الغد، والصمود في وجه القمع وترديد الشعارات المعبرة عن وحدة الصف الوطني خلف قضية إسقاط هذه السلطة الغاشمة“.

من جانبها، قالت السفارة الأمريكية بالخرطوم في بيان على “فيسبوك”: “نقف مع الشعب السوداني في سعيه للحرية والسلام والعدالة، في مظاهرات اليوم، ونرحب بالتزام حكومتهم بحماية المتظاهرين السلميين”.

ربما يعجبك أيضا