قرارات أردوغان تربك «الليرة».. واقتصاديون: سفينة تائهة في الظلام

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

إلى محطة جديدة يصل الأتراك في مشوار تقلبات العملة المحلية، تحركات الساعات الأخيرة بدأت بإقالات وتغييرات قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مستوى صانعي السياسة المالية، ليعقبها بساعات قليلة قرار البنك المركزي بخفض جديد لأسعار الفائدة، فانخفضت معها الليرة إلى مستوى قياسي جديد.

خفض سعر الفائدة

كان البنك المركزي التركي أعلن، في بيان في وقت سابق أول أمس الخميس، خفض سعر الفائدة ليصبح 14%.

وأوضح البيان أن اللجنة قررت خفض سعر الفائدة من 15 إلى 14%، بعد تقييم العوامل التي تؤثر بالسياسة النقدية مثل الطلب والتضخم الأساسي والعرض، وأشار إلى أن استمرار التحسن في ميزان الحساب الجاري، المدفوع بالطلب الأجنبي، يساهم في هدف تحقيق استقرار الأسعار.

وأكد أن البنك المركزي “سيواصل بحزم استخدام جميع الأدوات المتاحة له حتى تظهر مؤشرات قوية تشير إلى انخفاض دائم في التضخم ويتم تحقيق هدف 5% على المدى المتوسط، ​بما يتماشى مع الهدف الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار”.

ضغوط أردوغان على البك المركزي

ويواجه البنك المركزي ضغوطا من أردوغان لخفض الفائدة بهدف تعزيز النمو الاقتصادي.

وتدخل البنك أربع مرات في سوق العملة الأسبوعين الماضيين وباع دولارات لإبطاء تراجع الليرة وتآكل احتياطياته الأجنبية المستنزفة بالفعل.

تضخم أعلى

وفي محاولة للتهدئة، أكد جلال توبراك، رئيس تحرير مجلة عالم الأعمال، أن نسبة خفض الفائدة إلى 14 % كانت متوقعة ولم تخلق صدمة في السوق، مؤكدا أن المهم ليس انخفاض الليرة أو انخفاضها أمام الدولار، بل ثباتها أمام الدولار لأن التقلبات تخلق الفوضى.

وفي المقابل يقول الخبير الاقتصادي التركي، حقان كارا، إن “التخفيضات الإجبارية في أسعار الفائدة التي تتم قبل استيفاء الشروط تعود دائما في شكل تضخم أعلى”.

رسائل طمأنة

وسارع الرئيس رجب طيب أردوغان، لإعلان زيادة الحد الأدنى للأجور بنحو 50% خلال العام المقبل، بعد أسبوعين من المفاوضات بين نقابات العمال وأصحاب العمل.  

وقال أردوغان، في مؤتمر صحفي، أول أمس الخميس، إن الحد الأدنى الجديد للأجور سيصبح 4250 ليرة تركية (275 دولارًا أمريكيًا)، وسيدخل حيز التنفيذ في عام 2022، وأضاف: “بهذه الزيادة، أعتقد أننا أظهرنا تصميمنا على عدم السماح للعمال بالانهيار تحت وطأة ارتفاع الأسعار”.

زيادة الحد الأدنى ورفع الضرائب

وكان الحد الأدنى للأجور لعام 2021 يتراوح حول ما يقرب من 2825 ليرة شهريا، وتراجعت قيمته مقابل الدولار إلى 185 دولارا مقارنة بما يصل إلى 380 دولارا في بداية العام بسبب أزمة العملة، وهي الثانية من نوعها في تركيا في غضون أربع سنوات.

كما ذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الحكومة سترفع الضرائب على الحد الأدنى للأجور لتخفيف الأعباء عن أصحاب الأعمال.

بيع سريعة لليرة

وتسببت سياسة أردوغان غير التقليدية بخفض أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع الأسعار في إطلاق عمليات بيع سريعة لليرة التي انخفضت بنسبة 40 بالمئة منذ بداية الشهر الماضي وحده.

ومنذ عامين يصر أردوغان على مسار خفض سعر الفائدة، في سياسة كانت كفيلة بإقدامه على إقالة أربعة محافظين للبنك المركزي، وأخيرا نائبين للمحافظ الحالي، شهاب قافجي أوغلو.

جدل في الشارع التركي

رسائل الطمأنة التي بعث بها الرئيس التركي استقبلت بحالة من الجدل في الشارع التركي، وخاصة المعارض منه الذي ينظر إلى تلك السياسة على أن “تحدٍ”، وأنها تعزز عدم بقاء البنك المركزي كمؤسسة مستقلة، مؤكدين أن “ارتفاع الدولار سيؤثر سلباً على الأسعار، حيث أثبتت التجربة سابقاً أنه في حال انخفض الدولار لا تعود الأسعار كما كانت عليه قبل الارتفاع”.

ويخشى الشارع التركي من انعكاس ذلك على أسعار الصرف ومن ثم على الأسعار، حيث ستنخفض المشتريات بشكل ملحوظ، مؤكدين انه لا إمكانية لايقاف ذلك، فهذا يعني أنّ قسماً من الناس لن يأكلون بشكل جيد، وقسم آخر سيضطرون للاستغناء عن حاجات أساسية، لذا يجب ألا يكون الوضع هكذا، النواب يأخذون مرتباتهم، ويجلسون على كراسيهم، والمواطن لا أحد ينظر إليه”.

ليس حلا لمكافحة التضخم

ويرفض جزء كبير من الاقتصاديين أن السياسة الاقتصادية التي يسير عليها إردوغان، بخفض سعر الفائدة ليس حلا لمكافحة التضخم في ظل الظروف الحالية.

فيما كتبت الخبيرة الاقتصادية، أوزليم شينغول عبر “تويتر”: “ما يحتاج الرئيس وإدارة الاقتصاد إلى فهمه أن ما يحتاجه عالم الأعمال أسعار فائدة منخفضة، وأسعار صرف منخفضة، وتضخم منخفض، وعجز منخفض في الحساب الجاري، وعجز منخفض في الميزانية”.

سفينة غير موجهة في ظلام دامس

أما سياسيا فقد قال المتحدث باسم حزب “المستقبل”، سيركان أوزكان: “تحولنا جميعا إلى سفينة غير موجهة في الظلام الدامس، وليس من الواضح أي من المنحدرات سنضرب وبأي سرعة. منذ بداية العام وصل ارتفاع الدولار أمام الليرة التركية إلى مستوى 40 بالمئة“.

وأضاف أوزكان: “أي نوع من الحسابات هو أن تقدير سعر الصرف الخاص في نهاية عام 2022 كان 9.22 ليرة تركية، وبالنسبة لعام 2023 كان 9.77 ليرة تركية، وفي نهاية عام 2024 كان 10.27 ليرة تركية. وصلنا الآن بالفعل إلى نهاية توقعات 2024”.

معدلات التضخم

وكان معهد الإحصاء التركي (TUIK) قد أعلن عن أرقام التضخم لشهر أكتوبر، وعليه ارتفع المعدل بنسبة 2.29 بالمئة في الشهر المذكور، وأصبح 19.89 على أساس سنوي.

وفي أكتوبر أيضا ارتفع مؤشر أسعار المستهلك (CPI) بنسبة 2.39 بالمئة، كما ارتفع مؤشر أسعار المنتجين المحليين (D-PPI) بنسبة 5.24 بالمئة على أساس شهري.

بينما بلغ معدل التضخم السنوي 19.89 بالمئة في أسعار المستهلك و46.31 بالمئة في أسعار المنتجين المحليين.

ربما يعجبك أيضا