عام 2022.. كيف تبدو العلاقة بين الصين وأمريكا؟

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

في ضوء تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين في الآونة الأخيرة خاصة حيال الوضع في تايوان والتنافس الاقتصادي، فهل تتجه العلاقات الثنائية إلى مزيد من التصادم أم قد تشهد بعض التقارب العام المقبل؟.

وصل التنافس والتناحر بين الولايات المتحدة والصين إلى مستويات مرتفعة غير مسبوقة خلال العام الجاري إذ ظلت البلدان حبيستي سياسات اقتصادية وعسكرية وتجارية اتسمت بالعدائية والشك.

وفي ضوء هذه المعطيات فمن المرحج أن يستمر هذا الأمر خلال العام المقبل، خاصة وأن الولايات المتحدة ورغم التنافس بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري مع قرب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، إلا أن هناك اتفاقا ضمنيا بين زعماء الحزبين على عدم المهادنة مع الصين.

أما في الصين، فسيواصل الرئيس شي جين بينغ إحكام قبضته على السلطة وإظهار قوته خلال مؤتمر الحزب الشيوعي في أكتوبر / تشرين الأول العام المقبل، خاصة في ظل دعم الحزب الكامل لسياسات شي المتشددة.

نذير خطر

يُنذر إعلان الولايات المتحدة “المقاطعة الدبلوماسية” لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في الصين، ببداية متوترة في العلاقات بين واشنطن وبكين.

وكانت بريطانيا وأستراليا وكندا قد انضمت إلى المقاطعة الدبلوماسية التي أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والمتمثلة بعدم إرسال مسؤولين إلى هذا الحدث الرياضي رغم مشاركة رياضيين من البلدان الأربعة.

أما الصين فلم تقف مكتوفة الأيدي إذ توعدت “بعواقب” ضد المقاطعة الدبلوماسية.

ومع قرب انطلاق دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير، يبدو من المرجح أن تتصاعد وتيرة التوتر بين البلدين مع محاولة الولايات المتحدة استخدام “المقاطعة الدبلوماسية” للفت الانتباه إلى ما تتعرض له أقلية الإيغور المسلمة في منطقة شينجيانغ بالصين.

وتشمل قائمة أزمات العلاقات بين الولايات المتحدة والصين قضايا جيوسياسية، خاصة في تايوان وأيضا هونغ كونغ، حيث لا تزال الصين تضغط على الحريات المدنية في الجزيرة ومن المتوقع أن يستمر ذلك خلال العام المقبل، عام 2022.

وفي ذلك، قال مطعلون أن التوتر بين الصين والولايات المتحدة سيستمر العام المقبل خاصة في مجالات حقوق الإنسان والقضايا الجيوسياسية والأمنية، وأن الوضع يلقى قبولا واستحسانا من قيادة البلدين، لذا لا أعتقد أن قيادة كلا البلدين سوف تتخذ أي إجراءات فعالة  لخفض التوتر  لكنهما سيعملان على عدم خروج هذا التوتر عن نطاق السيطرة”.

الصراع في تايوان

يعد الوضع في تايوان أحد بواعث القلق والتوتر بين الصين والولايات المتحدة في ضوء التحركات الصينية قرب تايوان التي تراقب بحذر مئات الطلعات الجوية التي تقوم بها الطائرات الصينية في الأشهر الأخيرة في منطقة الدفاع الجوي التايوانية.

كذلك أثارت الولايات المتحدة غضب الصين العام الجاري بإرسال وفود غير رسمية من نواب أمريكيين إلى تايوان، إذ أعربوا عن دعمهم للحكومة التايوانية ورئيسة البلاد تساي إنغ-وين.

وتعتبر الصين تايوان جزء لا يتجزأ من أراضيها وتوعدت بإعادتها إلى سيادتها يوما ما بالقوة إذا لزم الأمر، لذا تنظر بكين بعين الريبة حيال أي إشارة إلى استقلال تايوان.

وفي ضوء ذلك، يُتوقع أن تمضي سياسات الصين العام المقبل قدما في معارضة أي محاولات من قبل تايوان لنيل اعتراف دبلوماسي وأيضا إحباط محاولات تايوان للانضمام إلى المنظمات الدولية.

ومع استمرار التوتر في مضيق تايوان، يُنظر إلى احتمال إقدام الصين على شن غزو عسكري على أنه سيمثل التحول الأخطر في التوتر بين الصين والولايات المتحدة، خاصة وأنه قد يُنذر بمواجهات عسكرية بين البلدين.

لكن يبدو أن الحزب الشيوعي الحاكم في الصين راغب في التهدئة والاستقرار رغم النبرة التصعيدية التي وصُفت بأنها “قعقعة سيوف”، خصوصا أنه يستعد لمؤتمره السنوي.

ويرى خبراء، أن خطر قيام الصين بشن هجوم على تايوان قبل مؤتمر الحزب الشيوعي العشرين في خريف عام 2022 منخفض للغاية، ومن غير المرجح أن يقدم شي جين بينغ (الرئيس الصيني) على هذه المخاطرة التي قد تهدد مساعيه للبقاء على سدة الحكم لولاية ثالثة مدتها خمس سنوات. بحسب تقرير دويتشه فيله.

يشار إلى أن الصين تطالب بمضيق تايوان الذي يفصل البر الرئيسي للصين عن جزيرة تايوان، فيما تقول الولايات المتحدة ودول أخرى إن هذه المنطقة تقع في المياه الدولية لذا فهي مفتوحة للجميع.

وفيما يتعلق ببحر الصين الجنوبي بشكل عام، فسوف تستمر الولايات المتحدة والدول الحليفة لها في تنفيذ مناورات تقول إنها لضمان حرية الملاحة في المياه الدولية التي تطالب بها بكين.

في المقابل، ستواصل الصين تعزيز وتطوير أسطولها البحري للدفاع عن مصالحها ، بيد أن كافة الأطراف لا ترغب في نشوب صراع بحري.

تزايد التصعيد

ولا يتوقف التوتر بين الولايات المتحدة والصين على القضايا الجيوسياسية لا سيما في تايوان وبحر الصين الجنوبي، إذ تعد قضايا الأمن الإلكتروني من بين بواعث القلق بين البلدين أيضا وتلقي بظلالها على السياسة الاقتصادية والاستراتيجية.

فخلال العام الجاري، اتهمت الولايات المتحدة الصين بالوقوف وراء هجمات إلكترونية وعمليات اختراق ضخمة للبيانات استهدفت مؤسسات وكيانات اقتصادية أمريكية.

وفي ضوء ذلك، يبدو أن دافع الولايات المتحدة لكبح جماح التكنولوجيا الصينية وعزلها عن بقية العالم سيستمر خلال العام المقبل، خاصة مع مواصلة وضع واشنطن العقبات أمام حصول الشركات الصينية على مكونات صناعية وأجهزة مهمة أمريكية الصنع.

ربما يعجبك أيضا