رئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية لـ«رؤية»: جدية الحوار مع الخليج بيد طهران

يوسف بنده

النص النهائي للاتفاق النووي مع إيران على الطاولة، لكن توجد عراقيل من جانب روسيا.. ما مدى تأثير نجاح هذا الاتفاق في الأمن الإقليمي والخليجي؟


عاد كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، من فيينا إلى طهران، من أجل التشاور مع المسؤولين الكبار في نتائج المفاوضات النووية مع المجموعة الدولية 5+1.

ومع دخول المفاوضات في نفق “المطالب الروسية” تضغط واشنطن من أجل وضع المفاوضات مع طهران تحت سقف زمني، وإلا ستعلن فشلها إذا لم تعلن طهران قرارها، وهذا ما يفسر وجود الجدل حول مَن الذي عليه اتخاذ القرار الأخير.

اتفاق في المتناول أم ورقة ضغط؟

دخلت المفاوضات في نفق “المطالب الروسية” التي تطالب بتقديم ضمان بعدم تأثر علاقات روسيا التجارية مع إيران، والتي تسعى لعرقلة الإتفاق مع إيران حتى انتهاء الحرب في أوكرانيا، لإبقاء الأزمة النووية والعقوبات النفطية كورقة ضغط على القوى الغربية.

هذا الأمر دفع مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل إلى إعلان الحاجة إلى وقفة في المحادثات بسبب “عوامل خارجية”. وأعلنت طهران على لسان وزير خارجيتها، عبد اللهيان، أن الاتفاق بات في المتناول، لكن القرار بيد أمريكا، لكن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أعلن بدوره أن قرار الاتفاق يجب اتخاذه في طهران وموسكو.

سقف زمني لقرار إيران

رئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (رصانه)، الدكتور محمد بن صقر السلمي، يعلق في حوار خاص مع “شبكة رؤية الإخبارية”، بأن الاتفاق رهن الاكتمال خلال فترة قصيرة، رغم محاولة روسيا الآن عرقلة الملف، بسبب التوتر مع الغرب عمومًا، مرجحًا أن الأمريكيين والأوروبيين أيضًا يريدون إخراج روسيا من هذا الجانب وتحييد خطر تسببها في إفشال العودة للاتفاق النووي مع إيران.

في الوقت نفسه، تشير المصادر الإعلامية الإيرانية إلى أن إيران تطالب بإخراج الحرس الثوري من لائحة التنظيمات الإرهابیة للخارجیة الأمريكية، في مقابل فتح نافذة للاتفاق المستقبلي المحتمل للمحادثات الإقليمية، وهو مطلب ترفضه طهران، وتصر علیه واشنطن، من أجل ضمان نجاح الاتفاق النووي في خفض التوتر الإقليمي.

وعلى أرض الواقع تستمر التهديدات الإيرانية، فقد أجرى الحرس الثوري تجارب صاروخية باليستسة متعاقبة، أخرها إطلاق الصاروخ الباليستي “قاصد” الذي حمل القمر الصناعي “نور 2”. كما تستمر هجمات مليشيات “الحوثي” الموالية لإيران في اليمن في استهداف الأمن الخليجي، وآخرها الهجوم على مصفاة لتكرير النفط في الرياض بطائرة مسيرة.

الحوار الإيراني مع دول الخليج

يأتي استمرار التهديدات الإقليمية لإيران، وسط انتظار نتائج محادثات فيينا، وأيضًا وسط الحديث عن “الحوار الإيراني-السعودي“، بوساطة عراقية. واعتبر بيان اللجنة الرباعية للجامعة العربية، التي تضم السعودية ومصر والبحرين والإمارات، أن برنامج إيران الصاروخي ودعمها للإرهاب “تهديد خطير” للاستقرار الإقليمي، ويعيق “الجهود الإقليمية والدولية لحل قضايا وأزمات المنطقة بالطرق السلمية”.

وهنا يعلق الباحث والخبير السياسي السعودي، السلمي، بأن نتائج محادثات فيينا ليس لها تأثير كبير في الحوار الإقليمي أو الحوار مع السعودية، والدليل على ذلك أن توقيع اتفاق 2015 لم يؤثر في العلاقات الخليجية والسعودية الإيرانية، بل استمر التوتر، لأن أسبابه لم يعالجها الاتفاق النووي عام 2015.

وتابع السلمي لـ”رؤية”: “إذا ما خرج الإتفاق النووي الجديد، دون أن يتطرق في نصوصه إلى قضايا أخرى، كالبرنامج الصاروخي والتهديدات الإقليمية والسلوك العدائي لإيران في المنطقة. وهذا أيضًا لم يحدث، إلا إذا كانت توجد تفاهمات غير مكتوبة، فإن استمرارية التوتر ستظل هي العنوان الأبرز”.

دور خليجي لمواجهة إيران

الدكتور السلمي يشدد على أن دول المنطقة ستحاول العمل على كبح التهديدات الإيرانية، بجهود جماعية من خلال القوى الإقليمية، بطريقة أو بأخرى، من أجل إضعاف الجماعات المرتبطة بإيران، على المستوى الدبلوماسي أو السياسي أو حتى العسكري كما يحدث في اليمن.

وعن إمكانية نجاح هذه المهمة، قال رئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية: “بلا شك، هي مهمة صعبة بحجم التغلغل الإيراني، لكنها ممكنة بقدر كبير. يوجد دافع مهم وهو تقاعس الدول الغربية عن كبح جماح التهديدات الإيرانية، وسيكون الدافع الأكبر لدول المنطقة للاعتماد على نفسها في التصدي لإيران ونشاطها العدائي في المنطقة”.

التجاوب مع الدعوة للحوار

حول مدى تجاوب دول الخليج للحوار مع إيران، بيّن السلمي أنه “إذا غيرت إيران من سلوكها، بأن تكون دولة طبيعية، فمن المنتظر أن دول المنطقة هي الأخرى سترحب بذلك، وستتعامل مع إيران كدولة جارة، وستبدأ مرحلة من الدفء في العلاقات، حتى وإن كان على مستوى الحد الأدنى”.

واختتم السلمي: “الأمر في وجهة نظري متعلق بسلوك إيران في المنطقة، هل سيتغير؟ هل ستحاول إيران معالجة أخطاء الماضي؟ وبالطبع لو تكررت أخطاء اتفاق 2015، بضخ المزيد من الأموال والدعم إلى المليشيات الإقليمية، فهذا لن يأتي إلا بالتصعيد في المنطقة من جديد”.

ربما يعجبك أيضا