ذا ناشيونال | صراع بايدن المقبل مع الاتفاق النووي

آية سيد

ترجمة –  آية سيد

يقول الرئيس المنتخب جو بايدن إنه يريد أن تنضم الولايات المتحدة مجددًا إلى الاتفاق النووي بمجرد أن يتولى المنصب الشهر المقبل، غير أن المشكلة الوحيدة هي أن هناك تساؤلات جادة حول ما إذا كان الاتفاق النووي سيبقى ساريًا حتى يدخل بايدن البيت الأبيض، في ظل تبني إيران لهجة تحدٍّ متزايدة فيما يخص أنشطتها النووية.  

كانت إيران تكثف أنشطتها النووية غير القانونية قبل وقت طويل من مقتل محسن فخري زاده، أكبر عالم نووي في البلاد، إلى جانب زوجته، بينما كان يقود سيارته في إحدى ضواحي طهران يوم الجمعة الماضي.

وهناك قبول واسع النطاق في الدوائر الأمنية الغربية بأن فخري زاده تعرض للاغتيال بسبب القلق المتزايد من الارتفاع الأخير في النشاط في برنامج إيران النووي.

وفي رد على قرار الرئيس دونالد ترامب عام 2018 بالانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة، الاسم الرسمي للاتفاق النووي، استأنفت طهران تدريجيًّا عملها على عناصر رئيسية من برنامجها النووي، والتي يشكل كثير منها انتهاكات صارخة للاتفاق، ومن ثم جمّعت إيران الآن مخزونًا من اليورانيوم المخصب والذي يبلغ 12 ضعف الكمية المسموح بها بموجب الاتفاقية، وبدأت أيضًا اختبار طاردات مركزية متطورة والتي تحظرها الاتفاقية أيضًا. وبالإضافة إلى هذا، تجري أعمال بناء في منشأة نطنز للتخصيب من أجل بناء مخابئ جديدة تحت الأرض.  

وبصفته أبرز عالم نووي وضابط كبير في الحرس الثوري الإيراني، كان فخري زاده، الذي سُمي بـ”أبو البرنامج النووي الإيراني”، متورطًا في كل هذه الأنشطة، التي يعتقد مسئولو المخابرات الغربية أنها جزء لا يتجزأ من طموح طهران القديم بتطوير ترسانة أسلحة نووية خاصة بها.

وعلى الرغم من أن أحدًا لم يتحمل مسئولية اغتياله، اتهم المسئولون الإيرانيون جهاز الموساد الإسرائيلي بتنفيذ مؤامرة الاغتيال المُعقدة بشدة. كان العالم الإيراني شخصية معروفة في الدوائر الأمنية الإسرائيلية، وذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اسمه علنًا في 2018 عندما كشف عن تفاصيل الوثائق التي ادّعى الإسرائيليون أنها كانت إثباتًا لعمل إيران على تطوير الأسلحة النووية.

ولا يمكن استبعاد احتمالية أن إدارة ترامب كانت متورطة بطريقة ما في الهجوم. لقد أوضح ترامب أنه يريد تكثيف الضغط على طهران قبل مغادرته للمنصب، فيما قال وزير الخارجية مايك بومبيو، في حوار مع ذا ناشيونال، إن الإدارة لن تستبعد إمكانية القيام بعمل عسكري ضد إيران، وتهدف إدارة ترامب أيضًا، عن طريق زيادة الضغط على طهران، إلى جعل إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة أصعب بكثير على بايدن.

وبغض النظر عن هوية المسئول عن مقتل العالم، فإن رد فعل إيران على واقعة القتل ستجعل آمال بايدن في إعادة التعامل مع طهران أصعب بكثير، حيث منحت الغرفة السياسة الأولى في إيران الموافقة النهائية على مشروع قانون يهدف إلى إنهاء تعاون الدولة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الهيئة التي ترعاها الأمم المتحدة والمسئولة عن مراقبة نشاط إيران النووي.

لقد باتت العلاقات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران متوترة مؤخرًا بعد أن اتهم المفتشون الأمميون إيران بخرق الاتفاق النووي، مع إثارة المخاوف حول أجزاء غير مفسرة من مادة انشطارية وُجدت أثناء تفتيش المواقع النووية الإيرانية.

وبالتصديق على مشروع القانون من طرف مجلس صيانة الدستور، الهيئة التي تتكون من متشددين يشرفون على الدستور الإيراني، سيصبح الرئيس حسن روحاني مُلزمًا بإنهاء التعاون مع المفتشين النوويين الدوليين ما لم ترفع الولايات المتحدة عقوبات رئيسية بحلول شهر فبراير، وهو ما يمنح إدارة بايدن أسابيع قليلة لتحقيق تقدم دبلوماسي كبير.

بالإضافة إلى هذا، سيتعين على الرئيس المنتخب تحقيق هذا في وقت تضيف فيه إيران إلى مخزونها من المواد الانشطارية عن طريق إنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 20%، وهو خرق آخر لخطة العمل الشاملة المشتركة. إن إنتاج هذه المادة سيخفض الوقت الذي تحتاجه إيران لعمل التحضيرات اللازمة للحصول على سلاح نووي.

وتُعد الخطوة التي اتخذها مجلس صيانة الدستور محاولة من متشددي النظام للسيطرة على الأجندة النووية، بعد ما يعتبرونه فشلًا للجهود الدبلوماسية التي قام بها روحاني لتقليل التوترات العالمية حول أنشطة إيران النووية.

كان الهدف الرئيسي لروحاني أثناء التفاوض على الاتفاق النووي – والسبب الرئيسي لانتخابه في المقام الأول – هو رفع العقوبات الاقتصادية التعجيزية، لكن في حين أن التوقيع على الاتفاق النووي في 2015 أدى إلى إحياء الثروات الاقتصادية الإيرانية؛ كان لقرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق في 2018 وإعادة فرض العقوبات تأثير مدمر.

وفي ظل الانتخابات الرئاسية المقرر إقامتها في إيران في يونيو من العام المقبل، يهيئ المتشددون أنفسهم لتعزيز قاعدة قوتهم في طهران.

إن تعقيد المشهد السياسي الإيراني، إلى جانب تصاعد النشاط المتعلق بالأنشطة النووية للدولة، يعني بالتأكيد أن آمال بايدن في إحياء الاتفاقية النووية ستكون تحديًا كبيرًا.

وقال بايدن في حوار مع نيويورك تايمز، إنه لا يزال ملتزمًا بإعادة الدخول في الاتفاق النووي الإيراني ما دامت طهران عادت إلى “الامتثال الصارم” بالاتفاق النووي لعام 2015.

وأضاف بايدن: “إن أفضل طريقة لتحقيق بعض الاستقرار في المنطقة هي التعامل مع البرنامج النووي”. لكن الرئيس المنتخب أوضح أيضًا أن إدارته حريصة على توسيع بنود الاتفاق لتغطي جوانب أخرى من برنامج إيران النووي، مثل الصواريخ الباليستية.

وتابع: “بالتشاور مع حلفائنا وشركائنا، سوف نشترك في مفاوضات واتفاقيات متابعة لتشديد وتمديد القيود النووية على إيران، ولتناول برنامج الصواريخ أيضًا”، مضيفًا أن واشنطن تمتلك دائمًا خيار العودة إلى العقوبات إذا فشلت إيران في معالجة كل تلك القضايا.   

وعلى الرغم مما سبق، فإن آفاق بايدن للدخول في جولة جديدة من المفاوضات مع طهران ستصبح ضئيلة إذا استمرت طهران في سياستها الحالية التي تقوم على تكثيف أنشطتها النووية، بدلًا من الامتثال لالتزاماتها الدولية.

لمشاهدة الموضوع الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا