نيويورك تايمز| مهما كانت العقبات.. على إدارة بايدن الوقوف بجانب هونج كونج ضد القمع الصيني

بسام عباس

ترجمة – بسام عباس

إذا كانت إدارة بايدن تهدف إلى تحسين العلاقات مع الصين، فإن الأحداث الأخيرة كشفت عمق الهوة المتنامية بين واشنطن وبكين في السنوات الأخيرة حول القضايا الأساسية ذات الأولوية.

ففي هذا الشهر، انتشر ألف ضابط شرطة مسلحين بقانون الأمن القومي الصيني الجديد الصارم في أنحاء مدينة هونج كونج شبه المستقلة، مكتسحين العشرات من المشرعين والمحامين والنشطاء المعارضين. وبعد أيام، وفي أحد تحركاته الأخيرة كوزير للخارجية، أعلن “مايك بومبيو” أن سياسات الصين ضد المسلمين في منطقة شينجيانج تشكل “إبادة جماعية” و”جرائم ضد الإنسانية”. بعد ذلك، وبعد دقائق فقط من تولي الرئيس بايدن منصبه، أعلنت الصين فرض عقوبات على 28 من المسئولين المغادرين والسابقين في إدارة ترامب، بما في ذلك بومبيو.

وكأن هذه الإجراءات كانت هي الرسالة المقصودة من بكين بأن التعامل سيكون بالمثل والعين بالعين، أو ربما كان ذلك للإشارة إلى أن السيطرة على هونج كونج كانت غير قابلة للتفاوض في علاقات ما بعد ترامب مع الولايات المتحدة.

وعلى أية حال، فإن الإدارة المقبلة لم تتوان، فقد قالت متحدثة باسم مجلس الأمن القومي الذي عينه بايدن: إن جهود الصين “للعب على الانقسامات الحزبية” لن تنجح. فيما غرد “أنتوني بلينكين”، المرشح لمنصب وزير الخارجية، بعد اعتقالات هونج كونج بأن إدارة بايدن “ستقف إلى جانب شعب هونج كونج ضد قمع بكين للديمقراطية”.

ومع ذلك، فلم تحدد بعد سياسة إدارة بايدن إزاء الصين. ولكن فيما يتعلق بهونج كونج، يبدو أن هناك استمرارية بين الإدارتين الأمريكيتين، فقد قاوم هذا الجيب الصغير بشجاعة مساعي الصين للحد من تقاليدها الغربية في حرية التعبير والمحاكم العادلة وتحقيق الديمقراطية عبر الاحتجاجات والانتخابات الجماهيرية. ومع ذلك، فلا توجد لدى الولايات المتحدة دفاعات حقيقية ضد الطاغية في البر الرئيسي باستثناء وجهة النظر والضغوط التي تمارسها الدول الديمقراطية وعلى رأسها الولايات المتحدة.

إن الدعم الغربي لحريات الإقليم أمر مهم أيضًا كإشارة للمستبدين القدامى والجدد، وإذ كان مبرر الصين الاستثنائي لاعتقال أكثر من 50 شخصية معارضة هو أن العديد منهم شاركوا في تصويت “أولي” غير رسمي لاختيار مرشحين للمجلس التشريعي المكون من 70 مقعدًا، حيث صوّت أكثر من 600 ألف شخص من أصل 7.5 مليون شخص، وهو ما كان كافيًا للرئيسة التنفيذية لهونج كونج، “كاري لام”، التي اختارتها بكين للتنديد بالعملية حتى قبل التصويت باعتبارها “عملية تخريبية”.

وفي حين صُمِّمَ المجلس بحيث يحصل المشرعون المؤيدون لبكين على الأغلبية، فإن فوزًا حاسمًا للمعارضة كان يمكن أن يمكّنها من عرقلة الميزانية. وإذا تم ذلك مرتين، سيتعين على “كاري لام” التنحي، وهي، على أي حال، أجَّلت انتخابات المجلس لمدة عام بذريعة جائحة كورونا.

ولم توجَّه أي تهم إلى أكثر من 50 ناشطًا ديمقراطيًّا اعتُقلوا وأُفرج عن معظمهم بكفالة، غير أن التقرير أشار إلى مدى استعداد بكين وداعميها في هونج كونج للذهاب مع قانون الأمن القومي الصارم الذي فُرض على الإقليم في يونيو الماضي لتدمير ما تبقى من استقلاله وحرياته.

أما بالنسبة للرئيس الصيني “شي جين بينج” ومساعديه الشيوعيين، فإن مخاوفهم تمتد إلى ما هو أبعد من هونج كونج. فقد أوضح “شي” من خلال تصريحاته وأفعاله أنه يعتبر حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية مجرد أسلحة يستخدمها الغرب العدواني، وعندما يتحدث عن شعارات مثل “بناء مجتمع المستقبل المشترك” أو “الانسجام دون التوحيد”، فإنه يعني ذلك أن الأنظمة الاستبدادية مثل نظامه شرعية تمامًا مثل الأنظمة الديمقراطية الليبرالية الغربية.

وبالتالي، فإن هونج كونج لن يحتملها الشيوعيون الصينيون، ليس فقط كإقليم مزعج، ولكن كدحض دائم لأيديولوجية “شي” غير الليبرالية، كما أن إصرار شعب هونج كونج العنيد والشجاع على الدفاع عن الحقوق التي وعدت بها بكين تحت شعار “دولة واحدة ونظامان” قد كشف مرارًا عن نوايا الصين الحقيقية.

ولم ينته الصراع بعد، رغم اضطرار المعارضة في هونج كونج إلى التراجع أمام قانون الأمن القومي الجديد وجائحة كورونا، فقد أثبتت محاكم الإقليم أنها لم تخضع بالكلية.

ولذلك فإن تشكيل سياسة أمريكية إزاء الصين توازن بين الاعتراف بالبراعة الاقتصادية والعسكرية للصين مقابل واجب دعم حقوق سكان هونج كونج، وكذلك حقوق شعب ماكاو وشيانجيانج والتبت، وغيرها من المناطق شبه المستقلة التي قاومت سيطرة بكين الاستبدادية، أو تايوان، التي تشكّل ديمقراطيتها تعنيفًا آخر للصين، هي واحدة من أكثر تحديات السياسة الخارجية المروعة التي تواجه الإدارة الأمريكية الجديدة.

ومهما كانت الإشارة التي ربما تحاول الصين إرسالها من خلال حملتها القمعية ضد المعارضين، ينبغي على إدارة بايدن أن تستمر في الوقوف إلى جانب شعب هونج كونج.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا